طبعة فاخرة من قصيدة لكوليردج بترجمة المسيري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
القاهرةمن سعد القرش: لن يفاجأ الذين يعرفون التخصص الدقيق للكاتب المصري البارز عبد الوهاب المسيري مؤلف موسوعته (اليهود واليهودية والصهيونية) حين يطالعونه مترجما وناقدا لقصيدة (الملاح القديم) للشاعر الانجليزي صمويل تايلور كوليردج. فقبل اتجاهه للبحث في تاريخ الصهيونية والجماعات اليهودية عمل المسيري أستاذا للأدب الانجليزي بجامعة عين شمس المصرية منذ حصوله علي الدكتوراه من جامعة رتجرز الامريكية عام 1969 عن دراسة مقارنة بين الشاعرين البريطاني وليام ووردزورث (1770-1850) والامريكي والت ويتمان (1819-1892). وتأتي ترجمة المسيري لقصيدة كوليردج لتحقق أبعادا جمالية ومعرفية حيث صدرت في طبعة فاخرة مصحوبة بتسع لوحات تصويرية للفنانة المصرية رباب نمر التي تقدم رؤية تشكيلية للقصيدة التي كتبها الشاعر بين عامي 1797 و1798.
وأقيم مساء الثلاثاء بمكتبة الشروق بالقاهرة حفل توقيع الكتاب الذي صممه حلمي التوني وطبع في مصر أما ناشره فهو دار أويكننج (الصحوة) البريطانية. وقال المسيري إنه بدأ ترجمة القصيدة منذ 14 عاما "وتعمقت علاقتي بها عبر السنين" مشيرا إلى أن لها طبعات كثيرة مصورة في لغتها الاصلية. وأضاف أن القصيدة "تعبر عن رؤية مسيحية انسانية تلتقي مع الرؤية الاسلامية الانسانية" من خلال ملاح يبحر في سفينة تعبر خط الاستواء وتسوقها الاعاصير إلى بلد بارد قريب من القطب الجنوبي ثم تبحر إلى منطقة استوائية في المحيط الهادي وخلال الرحلة يقتل الملاح طائر القطرس الابيض بقسوة وهو طائر يعتبرونه رمزا للتقوى وبعد قتله يبدأ الثأر..
"مياه.. مياه في كل مكان-وكل الالواح انكمشت.. واشتعل الماء".
ويحمل البحارة الملاح القديم الذنب ويعلقون الطائر الميت في رقبته وهو يقول "اه.. واحسرتاه أية نظرة كريهة-تلك التي سددها لي الكبير والصغير-وبدلا من الصليب في عنقي-علقوا طائر القطرس الابيض". وقال المسيري في الحفل إن كوليردج الذي ولد عام 1772 كان في تلك الفترة يقرأ القران مشيرا إلى تأثره بالاية القرانية "وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه" التي استوحى منها هذه الصورة.
وفي الكارثة يموت البحارة وتلوح للملاح سفينة ويبدأ التكفير عن ذنبه ويزول أثر اللعنة بانحلال الطائر الذي "ينزل في البحر كالرصاص-فتحرر من عبئه عنقي".
كما تحل الروح في البحارة "لم تكن الأرواح التي عادت إلى أجسام البحارة هي الأرواح التي فرت في ألم-بل كانت حشدا من الارواح المباركة" الملائكية التي تصحبه في طريق العودة إلى الوطن لكنه يفاجأ بالارواح الملائكية تغادر أجسام الموتى وتغرق السفينة وينقذه قارب صغير لراهب يعيش في غابة. ويلازم الملاح القديم شعور بألم حاد ولا يشعر بالسكينة إلا حين يعترف للراهب بذنبه.. "وبعد أن انتهيت-تحررت من الالم". ثم يضيف الملاح في مقطع اخر.. "ومنذ ذلك الوقت يعاودني ذلك الالم المبرح-في ساعة غير محددة-يظل هذا القلب نهبا للحريق-حتى أقص قصتي.. وكالليل أرحل من بلد إلى بلد-ولدي مقدرة كبيرة على الحديث".
وقال المسيري في دراسة بالعربية والإنجليزية عنوانها (نزع القداسة عن الإنسان والطبيعة) تضمنها كتاب ملحق بالقصيدة إن تجربة الملاح القديم بطل االقصيدة-القصصية "هي تجربة كل البشر في كل زمان ومكان.. وتتسم بالتعمق الفلسفي والنفسي" مشيرا إلى تحول الملاح من إنسان مادي إلى إنسان أكثر عمقا يدرك جمال الطبيعة ومغزاها.
وأضاف في الكتاب الذي يقع في 64 صفحة أن القصيدة "تعبير عن مكنونات النفس البشرية الخطاءة كما أنها تأكيد لتركيبية العالم وإخفاق العقل المادي الآلي في فهمه وإدراكه."
ولعل القصيدة تكون قد لاقت هوى في نفس مترجمها الذي ظل يعمل في موسوعة (اليهود واليهودية والصهيونية) ربع قرن غير عابئ بالعالم من حوله. لكنه في الآونة الأخيرة تولى منصب المنسق العام للحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) التي تأسست نهاية عام 2004 وأصبح لها في الشارع تأثير يفوق الأحزاب المعترف بها وتضم رموزا من ألوان الطيف السياسي والفكري والثقافي والنقابي. وتتلخص جهود الحركة في شعار "لا للتجديد (للرئيس حسني مبارك) لا للتوريث (لابنه جمال)."
ويعكف المسيري على إنهاء موسوعة جديدة عنوانها (الصهيونية وإسرائيل) تبتعد عما أطلق عليه المصطلحات الملتهبة التي تركز على قضايا أخلاقية كوصف إسرائيل بأنها عصابة أو ربيبة الاستعمار. ويشارك فيها دبلوماسيون وباحثون مصريون وفلسطينيون. وإضافة إلى دراساته عن الصهيونية والجماعات الوظيفية اليهودية قدم المسيري دراسات فلسفية في الحضارة الغربية تطرق في إحداها إلى ما يعتبره تسليعا للجسد من خلال الفيديو كليب. وقال إن دراساته للصهيونية والنازية تدرج ضمن اهتمامه الفلسفي بالظواهر مشيرا إلى أنه بصدد دراسة عن "ظاهرة شاكيرا". (رويترز)