ثقافات

علا حجازي : أشهر ريشتي في وجه كل قبح العالم

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

علا حجازي : أشهر ريشتي في وجه كل قبح العالم

هاني نديم من الرياض: تعدّ الفنانة علا حجازي اليوم من أبرز تشكيلي السعودية الشباب لنشاطاتها المتعددة وإخلاصها لفنها، فهي حاضرة في معظم الفعاليات التشكيلية داخل المملكة وخارجها، وهي التي جعلت من بيتها في جدة مرسماً للأطفال لأنها ـ على حد قولها ـ تعتبر الفن والأطفال الأجمل في هذه الحياة التي نالت ما نالت من الخراب والقبح!، ونلقي الضوء هنا على أعمالها ونحاورها بعد نجاح معرضها مؤخراً في باريس والتي قدمت فيه نموذجاً مشرفاً للفن السعودي والعربي.

مدارس الفن على كثرتها، لم تستطع حصر فرديات الفنانين وإشكالية تراكم الهيئات المتلاحقة للتجريب التشكيلي الأسرع بالضرورة من حركة النقد تكريم علا حجازي في برنامج كلام نواعم التابعة ـ بالضرورة أيضاً ـ للإبداع.

إن اللون في أعمال الفنانة علا حجازي يعلن أقصى حدوده الصباغية ويوثق تماماً لرؤاها الطفولية التي تراودها والتي تريد فرضها على المتلقي من خلال أبعاد لوحتها الضاجة ببراءة التلوين مما يلحق لوحتها ـ على نحو ما ـ بتيار "التجريدية الغنائية" على الرغم من تسلل شخوص سديمية من بين الألوان.

وتظهر براعة الملون حينما يسرب للمتصل الطمأنينة مهما بالغ بحدة اللون، فالأحمر الذي يكاد لا يغادر أعمال الفنانة، لونٌ جعلته ماهراً في استيقاف المتلقي دون ما إزعاج ، تقول عنه "الأحمر هو اللون الذي يحبني وأحبه بتلك الروح الحيوية، إنه لون الحياة والاستمرار، إنه الشرق الذي أعتز به وبعاداته وتقاليده، خلال دراستي للأدب العربي رأيته على ستائر الخلفاء وأثواب بثينة وليلى !..على أحرف البلغاء والمغامرات الفكرية لإخوان الصفا والحلاج والسهروردي، إنه لون ساحر سحر الشرق، يأمرني فأطيع"!.

نعم يظهر هذا التعلق بالمكان جلياً في استخدام الفنانة ألوانها الجريئة والمحترفة في أناقتها. وعلى الرغم من مكاشفة اللون ومجاهرته فإن سطح أعمال الفنانة علا متغيّر وخشن أغلب الأحيان ولعلها تطلب من السطح الذي تعمل عليه أن يساعدها في حوارها الجدلي مع المتلقي وكأن اللون لوحده لا يكفي بأن يكون ثابتاً بذاكرته/ ذاكرتنا.إن محاولتها العمل على الأسطح الخشنة أو الملساء المعالجة لهي استمرار لنظرية (( الخامة والسطح)) support surfece التي ظهرت أواسط القرن الماضي.

إن جدلية المتلقي / المظلوم والظالم في آن، تشغل أكثر ما تشغل المنظرين والفنانين على حدٍ سواء، فمن جهة هو ذو ذاكرة ملساء لا يتمسك بمخزونه البصري ـ كما يراه الفنان ـ ومن جهة فهو مغيب عن المفاهيم الجديدة للفن التشكيلي ويعد نفسه أنه قد أسقط من حسابات المدارس التشكيلية الحديثة ـ برأيه هو ـ . كيف تردم الهوة بين الفنان والمتلقي ؟ تجيب الفنانة علا "ليس ثمة هوة . هنالك ترجمة متباينة ما بين أطراف كثيرة تشترك في إيضاح العمل فاللوحة لها قولها والفنان له قوله والمتلقي له بدوره قول".

هذا ما يميز فناً عن آخر؛ المسافة بين الفنان وعمله يجب أن تكون قريبة حتى تتقارب مع المتلقي؛ بمعنى أن الفنان عليه أن يخلص لعمله ويكون نفسه ولا يقلد الآخرين حتى يصل صرفاً للمتصل .

اللون ثقافة والتلقي ثقافة والإبداع ثقافة، حتى لو كانت ثقافة فطرية تعتمد الحس الإنساني الطبيعي، والخيط الذي يربط بينها جميعاً هو خيط عاطفي قد علا حجازي كون متيناً وأصيلاً وقد لا يكون .

و إذا ما انحزنا للفن قليلا بدا قولها تأويلاً جميلاً لطفولية أعمالها وخطّافها البريء و الغير معقد في زمن بالغ في تعقيداته و تفنن في فلسفتها . إن رؤى علا حجازي اللونية مغامرة بريئة و جميلة في عالم جاد ومتجهم اختارت له ألواناً خالصة بكل زهوها تقف بوجهه العابس .

لا طائل من رد الفعل الجمالي إلى ميتافيزيقيات و ايكولوجيات وأساطير مرجعية كونت معطيات إبداعه وشكلت حواره الأزلي مع الأشياء؛ عن مرجعية علا حجازي الفنية سألتها فأجابت "مرجعيتي في الفن موهبتي، هبة الله لي، فرحي بلون أخترعه و بهيئة ترسمني ...إنها الألوان ..الأحمر شرقنا الواضح الملامح.. الأزرق ذاكرة الطفولة المتوسطية... الوردي عاطفتي وحلمي...أتعلم سأظل أشهر في وجه القبح والدمار ألواني وريشتي!".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف