ثقافات

حكايات من ذاكرة كاتب سعودي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

القاهرة: بكثير من الحنين الى زمن يصعب استعادته يرسم الكاتب السعودي عبد الله بن محمد الناصر في كتابه (من أحاديث القرى) صورا قلمية لماض يشعر بالحنين اليه. ورغم الطابع التسجيلي للمواقف والقصص فانها تبدو كمحاولة للقبض على الذاكرة وعلى ماض يبدو دائما جميلا لانه مرادف لبراءة الطفولة والحياة والخيال. ويقع الكتاب في 115 صفحة متوسطة القطع وأصدرته مكتبة العبيكان في الرياض. ويكتب الناصر في المقدمة ما يشبه الرثاء للقرية التقليدية التي انتهت تقريبا لانها أصبحت نسخة من المدينة بعد أن فقدت الروح التي تميز مكانا عن اخر وحل مكان هذا التنوع كثير من التنميط والتشابه في كل شيء تقريبا.. المنشآت والسلوك والثقافة والازياء.
ويشير الى انحسار الجيل الذي بحث عن الرمز العربي "والثقافة العربية المتحدة بما في ذلك وحدة الغناء" كالاستماع الى أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الاطرش "ليظهر جيل عام متشابه". لكن الكاتب لم يتوقف كثيرا أمام حالة التفرد التي يحاول أن يتمسك بها كثير من أبناء الجيل الجديد باعتبار الفردية قيمة مهمة تؤكد الخصوصية الخلاقة التي ترفض الوصاية وترى أن ما صلح لزمن ليس بالضرورة صالحا لزمن تال.
وتحمل احدى الصور عنوان (أبو نيوتن) عن رجل يجمع العقل والسذاجة معا وكان معجبا بابنه وتوسم فيه أن يكون عبقريا مثل عالم الرياضيات والفيزياء اسحق نيوتن بل كان يقول ان ابنه "نيوتن السعودية" لكن الناصر لا يغلق القوس لنرى مصير نيوتن السعودي. ويضيف "وبالرغم من بساطة أبو نيوتن وسذاجته وربما غفلته فما أجمل تلك الايام وما أجمل تلك الاحلام فقد كان الناس على بدائيتهم يتمنون ويحلمون ويطمعون في أن يكون لهم أثر في الكون والوجود. أما اليوم فبالرغم من كل منجزات العصر ومعطياته وامكانية الابداع والتفوق فلا يوجد في حينا من يحلم بل ولا يحاول ولا يريد أن يحلم بأن يكون له ابن أو حفيد يصنع ويبدع" في اشارة الى واقع استهلاكي لم يستفد من الوفرة المادية بل يعمد الى قتل الخيال أيضا. لكن الماضي ليس كله جميلا ففيه من السذاجة والتضليل ما لا يستوجب البكاء عليه اذ يكتب الناصر تحت عنوان (الديمخراطية) واقعة تتاشبه مع ما حدث في مصر للكاتب أحمد لطفي السيد زعيم حزب الامة في مطلع القرن العشرين.
وكان السيد (1872-1963) الملقب بأستاذ الجيل رشح نفسه في انتخابات برلمانية لكن خصمه الذي كان مسلما متشددا خطب في الجماهير محذرا من أخلاق "أستاذ الجيل" قائلا ان "لطفي السيد والعياذ بالله ديمقراطي" وفي اليوم التالي خطب الرجل في الجماهير وسألوه.. هل أنت ديمقراطي.. فأجاب.. نعم. فانصرفوا عنه وكادوا يعتدون عليه.
أما واقعة (الديمخراطية) في احدى القرى السعودية فهي تتعلق باختلاف الناس حول الامام الذي يصلي بهم في شهر رمضان وجرى تصويت لاختيار واحد من المرشحين. ثم غاب الامام بسبب المرض وحل مكانه المرشح الثاني الى أن شفي الاول وعاد ووقع الناس في حرج واتفقوا على تقسيم الصلوات بين الامامين. ويضيف المؤلف أن طالبا جامعيا عاد الى القرية وسمع بحكاية الامامين فاستحسن الفكرة وقال "هذه هي والله الديمقراطية" فسأله بعضهم عن معنى "الديمخراطية" فقال انها كلمة غربية تعني التشاور فثاروا قائلين "هل نقبل أن تكون ديمخراطية الكفار في مسجدنا" وأبعدوا الامامين.
كما يرسم صورة لمثقف قال ان الارض كروية لكنه يواجه بلوم شيخ الجامع الذي انتقد في خطبة الجمعة الشيوعية والشيوعيين. ولم يكن الناس يعرفون معنى الشيوعية ولماذا يحذر منها الامام وأوضح الرجل أنها تعني توزيع أموال الاغنياء على الفقراء حتى يتساوى الناس. ووقعوا في حيرة وتساءل بعضهم "اذا كانت الشيوعية كما تقول فلماذا يسبها الامام." وللناصر دراسات في الشعر اضافة الى أربع مجموعات قصصية. (رويترز)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف