ثقافات

التجديد والتأصيل استمرارية حضارية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
محمد الحمامصي: يتصدى هذا الكتاب (التجديد والتأصيل في عمارة المجتمعات الإسلامية: تجربة جائزة الأغا خان للعمارة) الصادر في طبعتين مختلفتين إحداهما فاخرة والآخرى شعبية ، الفاخرة عن مكتبة الإسكندرية في 627صفحة والثانية عن دار أخبار اليوم للدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة لأهم التحديات التي تجابه المعماريين في المجتمعات الإسلامية، ألا وهي قضية التجديد والتأصيل في التعبير المعماري، بكل ما تتضمنه من مفاهيم للحداثة والتراث، وللاستمرارية الحضارية مع المعاصرة.
وكانت تجربة الأغا خان للعمارة تجربة رائدة في هذا الميدان، فهي لم تكتفي بإفراد أكبر جائزة معمارية في العالم وقدرها نصف مليون دولار تعطى مرة كل ثلاث سنوات لأحسن المشروعات الإسلامية في العالم الإسلامي، بل ساندت هذا ببحث علمي دءوب ولقاءات فكرية أرست منهجاً للعمل والبحث يستحق التقدير. كما أن الجائزة أوجدت مركز توثيق للمشروعات المعاصرة بالعالم الإسلامي لا مثيل له.
ومن ثم أفرد الكتاب صفحاته لتأريخ دقيق لتجربة الجائزة عبر أكثر من 25 عام، منتهياً إلى عام 2004 ثم لوصف لجميع الجوائز باعتبارها أفضل ما وجدته لجنة التحكيم بين المئات من المشروعات التي عرضت عليها، وباعتبارها تمثل باقة رائعة من الأفكار والتطبيقات، شملت الترميم والتطوير، والتنمية الاجتماعية والإسكان الشعبي، كما شملت تنسيق المواقع والعمارة بمفاهيمها الواسعة والإبداعية، ثم جاءت ملحقات الكتاب مبينة للمعايير التي استعملتها لجنة التحكيم في تقويم المشروعات ومسجلاً لشيء من الحوار الفكري داخل مؤسسة الجائزة حول مفهوم النقد المعماري.
ويتضح جلياً من هذا الكتاب أن الازدواجية الشائعة بين الحداثة والتراث لا يمكن أن يستبعد طرف منها. فرفض الحديث ما هو إلا استسلام لانتحار بطئ، كما إن إنكار التراث هو إنكار للذات، مؤداه التخبط في الضياع. ومن ثم، بات المخرج الوحيد هو التأكيد على الاستمرارية الحضارية عن طريق التجديد مع التأصيل.
الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة، ثم يتناول الرؤية الأولية لجائزة الأغا خان للعمارة في البحث عن التعبير المعماري المتميز بالمجتمعات الإسلامية. وقد جاءت فكرة الجائزة حينما قرر سمو الأمير كريم أغاخان تدعيم عدد من الأنشطة التي تساعد علي تحفيز الوعي الثقافي للمسلمين، وعلي إشعار أولئك الذين يبنون في العالم الإسلامي بمدي قيمة التراث الفريد للفن وللعمارة الإسلامية، وحثهم علي إنتاج أعمال معمارية معاصرة، أكثر ملائمة وانسجاما مع الحضارة الإسلامية؛ وكانت وسيلته لتحقيق هذا الهدف الطموح تتمثل في تخصيص جوائز تمنح كل ثلاث سنوات لتكريم الأمثلة المتميزة، التي تعتبر قدوة تجسد المزج الواعي بين الأصالة الثقافية والوسائل المعاصرة. وهكذا، بدأت جائزة الأغا خان في عام 1977.
فكرة جائزة الأغا خان كانت في البداية علي تقديم خمس جوائز، تصل كل منها الي 100 ألف دولار أمريكي للمشروعات التي تظهر براعة معمارية علي كافة المستويات، وحيث أن العمل المعماري لا يستطيع أن ينعزل عن المجتمع الذي يعيش فيه، فيجب أن يؤخذ في الاعتبار المحيط البيئي الذي تتم خلاله الممارسة المعمارية، وكذلك عملية البحث والتصميم والتقويم التي أدت إلي انجاز العمل المعماري، وبالتالي فان التحديات الاجتماعية والفنية والعضوية والبيئية التي تستجيب لها المشروعات، يجب أن تكون عوامل مهمة في تقويم أي نجاح.وهكذا، فان اختيار المشروعات يعتمد علي فاعليتها كحافز لتطوير فهم المهنيين للبيئة والثقافة، بنفس القدر الذي يعتمد فيه علي القيمة التصميمية لكل منها، ومن ثم يصبح الهدف هو تغذية مهنة العمارة والمهن الأخرى المتعلقة بها، وبوعي قوي بجذور الثقافة الإسلامية وجوهرها. وبالتالي يتكون التزام أكثر عمقا بين المعماريين؛ للبحث عن تعبيرات ذات معني لروح الإسلام داخل سياق الحياة الحديثة وفي إطار التكنولوجيا الحديثة.
لقد كان من المفترض أن تمنح واحدة من هذه الجوائز في كل مجال من مجلات الاهتمام وهي الإسكان، والمباني والأماكن العامة، وتخطيط المدن، والترميم، والمحافظة علي القديم.
إلا أنه قد اتضح من مجالات اهتمام الجوائز شاسعة، وأن الظروف التي تواجه من يعمر ويبني في العالم الإسلامي متنوعة للغاية، بحيث أصبح من اللازم أن تشمل أنشطة الجائزة دراسات أكثر عمقا للأفكار الأساسية التي ينقصها التجديد الكافي، وكذلك للمفاهيم التي لا تزال غير واضحة. هذا إلي جانب البحث المنتظم لواقع العالم الإسلامي وعن بيئة البناء السريعة التغيير، بحيث تكون هذه الدراسات ملازمة للأنشطة المتعلقة بتجديد ودراسة المشروعات التي يمكن أن تحصل علي الجائزة.
وقد قسم د.سراج الدين الكتاب إلي ثلاث أقسام، القسم الأول: استعرض من خلاله المشروعات المعمارية الفائزة بجائزة أغا خان للعمارة علي مدار تسع دورات، أما القسم الثاني: يقدم فيه المؤلف مدخل منهجي للنقد المعماري من خلال دراسة تطبيقية تناول المؤلف من خلالها البناء المعماري لمكتبة الإسكندرية احدي المشروعات الفائزة بجائزة الدورة التاسعة، أما القسم الثالث: فقد اشتمل علي ملاحق تتضمن اللجان التوجيهية للجائزة وتشكيلات لجان التحكيم والفائزون وكيفية ومعايير الحصول علي الجائزة التي تعد من أكبر الجوائز المعمارية في العالم.ثم يذيل الكتاب بقائمة المطبوعات الصادرة عن جائزة الأغا خان للعمارة، وينتهي الكتاب بإحصاء المذكرات والحواشي الخاصة بالكتاب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف