ثقافات

فيفيان صليوا: قصائدي أجمل مني!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حوار مع الشاعرة العراقية فيفيان صليوا

حاورها هاني نديم: تطفو سيرة الشاعرة العراقية فيفيان صليوا الذاتية على نصوصها المعجونة بمرارة التجربة ولسعة المنافي ورائحة الموت والقهر، إذ اختبرت تهجير أبويها وقتل أقرب الناس إليها وهي ما زالت طفلة، إلا أن ذلك القبح منحها جمالاً وعذوبة فاض وطفى حتى على ملامحها وروحها. إيلاف التقتها في هذا الحوار:

* عابراً من سيرتك الذاتية إلى سيرتك الشعرية، ما حقيقة إعدام النظام السابق في العراق لعائلتك، وهل كان لهذا دور في تشكيلك الفني؟
لقد قام نظام صدام حسين بإعدام أعز الناس الي وكان ذلك عندما كنت في سن صغيرة ومازلت أتذكر يوم داهم العشرات من رجال الأمن والمخابرات بيت جدي الذي نشأت وترعرعت فيه منذ أن كان عمري عاماً واحداً. رأيت بأم عيني كيف اقتاد رجال الأمن جدي وجدتي وعماتي الأربع اللواتي كن في مقتبل العمر. وكدتُ ان انتهي معهم بعد ان ركبت العربة العسكرية بملء ارادتي حتى أكون مع أحبائي، لكن جدي صاح بي وطلب مني أن أغادر العربة وقال لرجال الأمن أني ابنة ابن له يخدم في الجيش ولست ابنة أحد المطلوبين لهم. لكن الحقيقة أن أبي كان مطلوباً من قبل سلطات صدام منذ أن فتحت عيني على الدنيا. وكان مضطراً للفرار من العراق مع أمي حفاظاً على حياتهما. لكني رفضت حينها أن أفر معهم وأخفيت نفسي في خرابة قريبة من البيت الى أن بلغ أبي حداً لم يتمكن معه من الإنتظار أكثر فغادر ومعه أمي، فبقيت في رعاية جدي وجدتي وكنت أعتبرهما أبي وأمي. ولم التقي بأبي وأمي الفعليين إلا بعد انقضاء سنين طويلة وفراري من العراق الى تركيا سيرأ على الأقدام أياماً عديدة رأيت فيها أناساً كثيرين يلاقون حتفهم من الثلج والبرد والجوع، والقصف الصدامي الذي كان يستهدفنا طيلة الطريق الى الحدود التركية. وعلمت بعد حين أن نظام صدام أعدم جدي وجدتي وعماتي الأربع وعمي وزوجته وطفلته التي لم يتجاوز عمرها بضعة أشهر. وقد حفرت هذه المصيبة نفسها في أعماق روحي ومازلت أشعر بحرارة موتهم في داخلي وكنت أبكيهم في كل يوم دموعاً استحالت فيما بعد الى كلمات اصطفت ورسمت عندي أول خطوط الشعر.

* هل أثرى جمالُك انتشارَك، وهل تشوش صورتك على تلقي نصوصك؟

ـ نجحت في تكوين نفسي كشاعرة غير تقليدية وتخلصت من استعراض الافكار المستهلكة. انتشرت قصائدي لأن روحي هي الجميلة ونقلت ما عشته وما عاشه الشعب العراقي. صورتي لا تحتاج أن تعطي لقصائدي الأوكسجين لأن قصائدي عالم لا يصغر ولا يكبر ولا تتغير ملامحه وتظل هي الأجمل.

* ما كنه الكتابة لديك، لم تكتبين؟
ـ أكتب لأن الشعر يجعلني في هجرة خارج الأرض لبضع لحظات ويحررني من جنون الحياة. أشياء وعوامل كثيرة تحتلنا في هذا الوقت. ليس بضرورة أن تفهم نفسك لكن المحاطين بك أصبحوا منفصلين عن داخلهم وخارجهم. نحتاج أن نذهب إلى دواخلنا بشكل أعمق كي نتجاوز فهم أنفسنا.

* ما بين (أحزان فصول) السويد، ديوانك الأول، و(أطيان) دمشق، ديوانك الأخير، ماذا هنالك؟
ـ ما بين أحزان فصولي وما بين أطياني هناك وطن مشلول على حبل المشنقة. لن أقول لك بأني في صدد طباعة مجموعة جديدة لأني لست مستعجلة في هذا الأمر ولا أفكر بالكمية. كل يوم نرى ظلاماً ضخماً أسمه الليل ولكن نرى فيه فيلسوفاً واحداً يبهرنا هو القمر.


* أيدخل صقيع شمال أوروبا إلى قصيدتك، أم ما زال وهج طين العراق أقوى وأشد رسوخاً؟
ـ عقدة الوطن لم تعد ترافقني كما في السابق. إن الشعوب أكثر من الأوطان لكن مع ذلك لكل منا وطنه الخاص به. الظلم يؤجج قلمي مثلما يؤججه بلدي الأكثر تعرضا للعنف. ما أهتم به في شعري خاصة هو الإنسان المنسي في بعض زوايا هذه الأرض.

* هل أنت شاعرة الكترونية حقاً، وهل سيسود مصطلح شاعر الكتروني؟!!
ـ لا تعنيني المصطلحات هذه. لكن بما أننا نعيش في عصر التكنولوجيا يجب علينا أن نواكب هذا العصر وتطوراته ونتأقلم معه. أصبح العالم كله يتعامل مع بعضه من خلال شبكة الانترنيت أتساءل لماذا لم يظهر مصطلح فنان الكتروني أو مطربة الكترونية أو وزير الكتروني مثلاً ولماذا شاعرة الكترونية بتحديد. كتب صحفي في مجلة الوطن العربي مقالاً عن هذا الموضوع قائلاً عني إني "شاعرة انترنيت". نسيَ الكمية الكبيرة من الشعراء المتواجدين على الانترنيت ولم يجد أمامه غيري أنا.

* هل عندك طقوس كتابة محددة، ومتى (لا) تكتبين؟
ـ سابقاً كانت تجذبني الكتابة في الضوء لكن الأن أختلف الوضع قليلاً صرت أنتظر الليل حتى أكتب بعد أن كنت ضده وضد عتمته لكن سرعان ما تغير موقفي منه. أنا أكتب دائماً وبالأخص عندما أريد تخفيف ما وضعته جانباً في داواخلي.

* هل لغتك العربية هي لغتك الأم بكل معنى الكلمة؟
ـ لغتي الأم هي الكلدوآشورية وكتبت كثيراً من الأغاني بهذه اللغة. كما كتبت قصائد كثيرة باللغة السويدية لكن تلقائياً وجدت نفسي أعبر أكثر باللغة العربية لذلك ركزت بالكتابة بها. أما أهمية ذلك يتعلق بقيمة الشعر في أية لغةٍ كانت.

* ما علاقتك بالصحافة، هل أنت مادة دسمة للصحافيين، وما السبب؟
ـ ليس لي علاقة بالصحافة ولست بمادة دسمة للصحفيين وعلاقتي الوحيدة هي الشعر.

* ما مواصفات القصيدة الناجحة اليوم؟
ـ القصيدة الناجحة يجب أن يكون لها عدّة فروع وجذور كما الشجرة. وأن تبتعد عن الثرثرة الزائدة وخنق الفكر وانحصاره بتقاليد الشعرية دون تطوير الخيال.

* هل يمكن لقصيدتك فرز الناس إلى يمينٍ ويسار!، إذ يرى النصف أنك من أهم الشاعرات اليوم، بينما لا يوافق النصف الآخر هذا الرأي مطلقاً، ما السبب برأيك؟
ـ أنا لا تهمني الأكثرية والأقلية ولا المؤيدون ولا المعارضون ولا تصنيفي من أهم الشاعرات. أنا أكتب لنفسي أولاً ثم أكتب لغيري.

* ماذا أضافت لك جائزة العنقاء؟
ـ معنويا أضافت الكثير. يكفي أن هذه الجائزة جاءتني في ظل الأوضاع الراهنة التي يمر بها العراق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف