ثقافات

سحر الموجي: المرأة تلعب دور الضحية والجلاد

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لقاء مع الكاتبة سحر الموجي: المرأة تلعب دور الضحية والجلاد

سلوى اللوباني من القاهرة: قامت الكاتبة "سحر الموجي" بتوقيع روايتها الجديدة "نون" في مكتبة كتب خان بحضور العديد من الصحفيين والمثقفين. رواية تطرح كثير من التساؤلات عن معنى الكهانة وتجلياتها المختلفة، عن كيفية حضور الأسطورة بشكل فاعل ومؤثر على مصائر الشخصيات، عن مغزى الاختبارات التي يمر بها البشر.. ولا تعنى كثيرا بالوصول إلى إجابات نهائية. وتقف رغبة الكاتبة في روايتها في تتبع الدور الذي قام به الوعي الجمعي للمجتمع في مسخ وتشويه صورة الكاهنة إلى حد تحويلها إلى الصورة الضد: الساحرة الشريرة التي تستحق المطاردة، القتل، الحرق، الإقصاء.
في العودة إلى الصورة الأولى للكاهنة الفرعونية وتقصى التجليات الحديثة لهذا الحضور محاولة إصلاح لصورة تم تشويهها واختزالها وتسطيحها لهذا الحضور الأنثوي المانح.. المحتضن للحياة...وهذا الحضور لا يشترط تجليه من خلال امرأة فقط. سحر الموجي لها فلسفتها الخاصة بها والتي تنعكس كثيراً في أعمالها وحديثها الممتع.. فلسفة نتاج تجارب ذاتية ممزوجة بالخارج من حولها.. مهمومة ومشدودة كثيراً بما يعتمل داخل النفس البشرية.. مشدودة للبحث عن حلول أكثر عمقاً من الملموسات. تعمل حالياً مدرسة للشعر الأمريكي والشعر الإنجليزي بكلية الآداب جامعة القاهرة.
أنهت رسالتها للدكتوراه "المسعى الصوفي في شعر هيلدا دوليتل" عام 2001. و كانت قد أخذت درجة الماجستير عن "الرحلة الصوفية للشاعر تد هيوز" عام 1991. وهي مذيعة بالبرنامج الأوروبي بالإذاعة المصرية. لديها برنامج باسم "ورشة ثقافية" اضافة الى انها ناشطة في المجال النسائي والسياسي فهي عضوة
في "ملتقى المرأة و الذاكرة". وعضوة في حركة أدباء وفنانين من أجل التغيير.
اشتركت في أمسيات حكي تابعة لمؤسسة "المرأة والذاكرة". وأشرفت كمدربة على ورش كتابة "مع كتَّاب آخرين" مثل مشروع "صفحة جديدة" "مؤسسة المورد الثقافي" وورشة "اقرأ و اكتب الآن" في مكتبة الإسكندرية. قامت بعقد ورش كتابة "بوعي نسوي" لمدرسي مدارس ابتدائية ولأطفال المدارس (في إطار عمل المرأة و الذاكرة) كذلك ورشة كتابة لأطفال الشوارع "مشروع تابع لليونيسيف".
أعمالها السابقة "سيدة المنام" -مجموعة قصصية-، دارية -رواية حاصلة على جائزة أندية الفتيات
بالشارقة-، آلهة صغيرة -مجموعة قصصية-.

* ما هي الفكرة التي تدور حولها روايتك الجديدة نون؟
تدور أحداث رواية "نون" بين أعوام 2001- 2003 من خلال أربع شخصيات أساسية وشخصية حتحور إلهة العشق والرقص والموسيقى في التراث الفرعوني، إنها شاهدة عليهم لا تراها كل الشخصيات، ولكنها محرضة إياهم طوال الوقت على الدخول إلى معبدهم الخاص، تلك المنطقة المعتمة في الداخل المشحونة بالأحداث والأشباح والتي لا يسهل امتلاك مفاتيحها إلا بقدر من المعاناة وقدر من التأمل لتلك المعاناة في محاولة للفهم، فحتحور تؤمن بأن هذه الشخصيات كهنة/ كاهنات وهذا لا يعنى بالضرورة أن كل منهم يعي معنى الكهانة، إلا ربما مع تطور رحلة الوعي لدى كل منهم.

* هل تتناول الرواية الزمن القديم؟
الزمن في "نون" ليس تقليدياً حيث أن جوانب كل من الشخصيات الأربع تتكشف تدريجياً و حتى سطور الرواية الأخيرة من خلال تقنية الفلاش باك. يتقاطع الماضي مع الحاضر طوال الوقت ويتحكم فيه في كثير من الأحيان. وكذلك يتقاطع عالم الخارج -سواء كان أحداثاً سياسية أو مجريات حياتهم اليومية- مع عوالمهم الداخلية. وتتحكم درجة وعي كل من الشخصيات في درجة مقاومته لقبح الخارج أو استفادته- انهزامه أمام معاركه الخاصة. لا الجأ إلى التاريخ في "نون" ولكن إلى الشظايا المتناثرة من أسطورة حتحور/ سخمت، وجهين لإلهة واحدة. و الأسطورة في "نون" ليست أيقونة أو جدارية فرعونية وإنما هي جزء من لحم الحياة اليومية للأبطال تحركهم
وتبكيهم، هي الغضب الذي يتلبسهم وسحر العشق عندما يقعون في الحب.

* كيف شكلت شخصيات الرواية؟
مجمل الشخصيات الأربع يشكل لوحة موزايك لمعنى الكهانة.. إتباع طريق الأسرار، السعي إلى الحكمة والتمسك بالإيمان.. بالحياة.. العشق وكبواته.. الموسيقى والرقص كطقوس أولى للبهجة، ممارسة الإبداع ليس فقط ككتابة "سارة" أو رسما "نورا" أو تصويرا "دنيا" و لكن أيضا كفن إبداع طقوس صغيرة مشحونة بالخيال. ولا تقتصر الرواية على الأبطال الأربعة وإنما تلقى الضوء على خلفياتهم الأسرية التي تشكل إلى حد كبير مصائرهم إذ يستسلمون لها أو يقررون مقاومتها وصنع مصيرا جديدا. الأب والأم تحديدا بحضورهم..أو غيابهم، بأفكارهم..وعقدهم، يشكلون الأرضية التي تنطلق منها الشخصيات إلى العالم الأوسع.

* هل تميزين بين شخصية وأخرى أثناء الكتابة؟
ليس بالضرورة ان املك جوابا واضحا.. الشخصة الاسهل بالكتابة عتها هي الشخصية الاقرب الى ذاتي. وهي ليست مسألة حب أو كره. ولكن لانها متشكلة في ذهني أكثر. فهناك شخصيات على مستوى الحياة العادية لا احبها وعند الكتابة عنها أجد صعوبة في التعامل معها بشكل موضوعي وبدون افكار مسبقة.

* الى مدى ذاتك متواجدة في أعمالك؟
أول مجموعة قصصية لي كانت محاولات لتلمس الابجدية الخاصة بي. أما رواية "دارية" مبنية على حياتي. وفي "آلهة صغيرة" بدأت أشتغل على فتح عدسة الرؤيا على الخارج. وفي رواية "نون" تبلور تماماً الصراع بين العالم الخارجي والداخلي. أي كيف يمكن أن يغير الداخل ما في الخارج من خلال شخصيات مختلفة ولكن يملكون الوعي والاعتراف بهذا العالم الداخلي.

* تقولين أن البعد الصوفي الموجود في كتاباتك هو جزء من تركيبتك. ما هو هذا البعد؟
أعني بالتصوف كل متصوفين العالم وليس المسلمين فقط.. والبعد الصوفي هو الرغبة في فهم شئ أبعد قليلاَ من حدود العالم المادي أو الرغبة في التواصل مع هذا الوجود الذي هو أبعد قليلا من الملموسات. أركز على داخل النفس البشرية... وأنا مشدودة للبحث عن حلول أكثر عمقاً من الملموسات. واؤكد على نفي التصور التقليدي
للتصوف... أي أن التصوف قد يأتي من علاقة حميمة جداً.. ومن حسية شديدة قد تكون الحسية طريقاً لمدخل على مستوى الروح وليس مجرد إنفصال عن الواقع أو الزهد.

* عنوان إحدى مجموعاتك فضيلة الاستغناء. الاستغناء عن ماذا؟
الاستغناء عن تملك الاشياء والناس. نفي فكرة التشبث أو الامتلاك. فجميع الناس والاشياء موجودين بشكل مؤقت في حياتنا. حتى أولادك هم ملك هذه الحياة هذه الدنيا.. ملك انفسهم.. موجودين بشكل مؤقت في حياتنا..نستمتع بهم بشكل مؤقت! عندما تصبح فضيلة الاستغناء جزء من تفكيرك وكيانك سنتجاوز هذا الشعور او الهاجس بالتملك بالمعنى السلبي... وسنستمتع ببهجة الاشياء الصغيرة.. لا أدعي انني وصلت الى الاستغناء المطلق.. لا تزال انسانيتي تجذبني. هو تفكير واقعي فقد لا تكتمل الاشياء... والاستغناء لا ينفي أي فعل أو كفاح في سبيل أي هدف بل هي نعمة تزيح عنك وهم كبير اسمه الامتلاك.

* بدأت الكتابة بعد سن الثلاثين. كيف تم ذلك؟
في عيد ميلادي الثلاثين قررت أن أكتب عن مشاعري.. فوجدت نفسي أسير ضد كل التصورات الجاهزة المعلبة الخاصة بالزمن... ونشر المقال في مجلة نصف الدنيا. بعدها بدأت بكتابة القصص القصيرة ومن ثم عدت الى كتابة المقال فلدي عمود في صحيفة المصري اليوم وصفحة أخيرة في الصدى.

* انت عضوة في ملتقى المرأة والذاكرة.. ما هي انجازاتكم؟
كسرنا الانماط التي لها علاقة بالمرأة.. فهي غما غولة أو داعرة أو ملاك. كما أوجدنا صور جديدة ليست نمطية من خلال الكتب أو امسيات الحكي. فالملتقى يضم باحثات وباحثين مهتمين بقراءة التاريخ الثقافي العربي من منظور يأخذ في الاعتبار التشكل الثقافي الاجتماعي للجنسين(Gender) ،والهدف من هذه القراءة هو
إعادة التوازن للذاكرة الجماعية التي تم تشويهها بسبب عمليات الإقصاء والاستبعاد التي عانت منها النساء والفئات المهمشة في المجتمع إلى جانب الأبحاث الأكاديمية. بدأ (ملتقى المرأة و الذاكرة) في عقد ورشة إبداع شهرية تهدف إلى إعادة كتابة الحكايات الشعبية العربية من وجهة نظر المرأة و قد نشرت النسخ الجديدة مع النسخ الأولى لإتاحة الفرصة للقارئ للمقارنة - مثلا - بين ألف ليلة و ليلة و قراءة إبداعية نسوية جديدة لنفس النص، وذلك في كتاب "وقالت الراوية ". والكتاب الثاني ضمن هذا المشروع هو "ما لم تقله شهرزاد".

* هل بالفعل المرأة العربية تحب أن تلعب دور الضحية؟
اتفق جدا مع هذا الرأي واضيف اليه انها تقوم بدور الجلاد أيضا حتى على ابنتها.. فتقوم بتربيتها على ذات النسق الذكوري الذي تربت عليه. تعيش داخل الاطر المحددة سلفاً لها من التنشأة... واود أن اوضح بان الامور لا تتجزأ.. فاذا كانت البلد ديمقراطية وشعر الانسان بقيمته كانسان فهذا سيحدث تغيير على مستوى العلاقات بين
الرجل والمرأة.

* ماذا حققت حركة أدباء وفنانين من أجل التغيير؟
لا شئ.... لم تحقق شيئا... لم نحدد منذ البداية شكل الحركة.. هل نصدر مجلة أو نقيم مؤتمر أم نخرج بمظاهرات...ولكن كحركة احتجاجية حققت شيئاً يحدث لاول مرة وهو تجمع الادباء والفنانين في حركة ضد الحكومة... فهي تضم العديد من الشخصيات منهم الاديب بهاء طاهر والمخرج يوسف شاهين والشاعر احمد فؤاد نجم وناشر دار ميريت محمد هاشم. تأسست الحركة عام 2005 بعد التحرش بالصحفيات أمام نقابة
الصحفيين. فقمنا بمظاهرة أمام ضريح سعد زغلول وبدأت من هناك الفكرة للتغيير وكتبنا البيان الخاص بالحركة. نحن مثل حركة كفاية ومتفقون مع كل مطالبات الحركة ولكننا حركة منفصلة لاننا نركز على حرية الابداع وحرية البشر. كما أود أن أوضح بأن نشاة الحركة تزامنت مع حريق مسرح بني سويف فتبلور دورها من خلال ممارسة ضغوط كبيرة على وزير الثقافة وقتها. أما لماذا لم نستطع تحقيق منجز كبير لان هدفنا الاساسي ليس المظاهرات بل تجميع صوتنا في أمر ما.. فعلى سبيل المثال أصدرنا بيان لمساندة وزير الثقافة فاروق حسني في ازمته مع الحجاب. اضافة الى اننا نعيش في مجتمع ديكتاتوري فمن الصعب تحقيق منجز كبير.

* هل لديك أمل بالتغيير؟
اذا لم يكن لدي امل فيجب ان أنتحر...قد لا يتحقق املي في التغيير في فترة حياتي.. قد يشعد هذا التغيير أحفادي. ولكن يجب أن أقوم بما استطيع القيام به الان حتى نرى النتيجة فيما بعد. مسألة التغيير ليست سهلة فهي يجب أن تشمل كل المجالات..

* أي لم يعد للاديب أو المبدع تأثير في المجتمع؟
هو تأثير فردي...يقاس بكل كتاب لوحده حسب مضمون الكتاب. وحتى يصبح للاديب تأثير على المجتمع يجب إعادة بناء ثقافة بلد بحالها. منذ 50 سنة كانت الناس تقرأ وكان للاديب قيمته ولكملته تأثير.... كان هناك حالة من الجدل يخلقها كتاب... ولكن الان الحياة الصعبة وعدم توفر الوقت ساعدت على عدم تأثير الاديب على المجتمع.

* ما مشروعك الابداعي الجديد؟
مشروع كتابة مقالات بعنوان "جوانيات" للاهرام العربي وهي تتناول بهجة الاشياء الصغيرة اي استعادة البهجة في تفاصيل الحياة الصعيرة. ولدي مشروع رواية جديدة وسابدأ بمادة البحث قريباً.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف