ثقافات

مقتبس من حياة الشاعرة الراحلة نازك الملائكة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تشكر إيلاف السيد مرتضى مجيد Mortadha Majeedلإرساله هذا المقتطفات من سيرة نازك الملائكة

ولدت في بغداد في 23 من شهر آب (أغسطس) سنة 1923. وكنت كبرى اخوتي وهم: اربع بنات، وولدان.وقد تدرجت في دراستي من الابتدائية الى المتوسطة فالثانوية، وتخرجت في الثانوية عام 1939، وكنت، منذ صغري، احب اللغة الانجليزية، والتاريخ، ودروس الموسيقى، كما كنت اجد لذة في دراسة العلوم، بخاصة علم الفلك، وقوانين الوراثة، والكيمياء، ولكني كنت امقت الرياضيات مقتاً شديداً، واعدالسنين يوماً يوماً لاصل الى انهاء المرحلة الثانوية، فاتخصص بدراسة الاداب. ثم دخلت دار المعلمين العالية، فرغ اللغة العربية، وخرجت منها بليسانس الاداب عام 1944 من مرتبة الامتياز. وهي اعلى مرتبة تمنح، وخلال سنوات دراستي فيها تعرفت الى موضوع القلسفة، واحببته حباً شديداً، فساعدني على تكوين ذهن منطقي، وكانت دراساتي الكثيرة للنحو العربي، في اصوله القديمة، قد هياتني له تهيئة واضحة. وقد بدأت نظم الشعر، وحبه منذ طفولتي الاولى، والواقع انني سمعت ابويّ وجدي يقولون عني انني "شاعرة" قبل ان افهم معنى هذه الكلمة، لانهم لاحظوا على التقفية، واذناً حساسة تميز النغم الشعري تمييزاً مبكراً. وبدأت بنظم الشعر العامي، قبل عمر سبع سنوات.
وفي سن العاشرة نظمت أول قصيدة فصيحة، وكانت في قافيتها غلطة نحوية، وعندما قرأها ابي رمى قصيدتي على الارض بقسوة، وقال لي، في لهجة جافية مؤنبة: اذهبي اولاً، وتعلمي قواعد النحو.. ثم انظمي الشعر" كانت معلمة النحو في المدرسة لا تميز الفاعل عن المفعول، وسرعان ما اضطر ابي الى ان يتولى تعليمي قواعد النحو بنفسه حين دخلت المتوسطة، وفي ظرف شهر واحد تفوقت على الطالبات جميعاً، وصرت انال اعلى الدرجات.
ولاحظ ابواي انني موهوبة في الشعر، شديدة الولع بالمطالعة، فاعفياني من المسؤوليات المنزلية، والعائلية اعفاء تاماً، وساعدني ذلك على التفرغ، والتهيؤ لمستقبل ادبي، وفكري خالص.
وكانت والدتي، في سنوات الشعرية المبكرة، تنظم الشعر، وتنشره في المجلات والصحف العراقية، باسم السيدة "ام نزار الملائكة" وهو اسمها الادبي الذي عرفت به، اما ابي، فكان مدرس النحو في الثانويات العراقية، وكانت له دراسة واسعة في النحو، واللغة والادب، وقد ترك مؤلفات كثيرة اهمها موسوعة في عشرين مجلداً، عنوانها "دائرة معارف الناس" اشتغل فيها طيلة حياته، واعتمد في تاليفها على مئات المصادر، والمراجع، ول يكن ابي شاعراً، ولكنه كان ينظم الشعر، وله قصائد كثيرة، وارجوزة في اكثر من ثلاثة الاف بيت. وصف فيها رحلة قام بها الى ايران عام 1955 وكان ابي متواضعاً، ولم يرض يوماً ان يسمي نفسه شاعراً، مع سرعة بديهته، وقدرته على الارتجال، وظرفه.
وكان لابوي تاثير عميق في حياته الفكرية، والشعرية. اما ابي، فقد بقي استاذي في النحو حتى انهيت دراسة الليسانس، وكنت اهرع اليه، بكل مشكل نحوي يعرض لي، وانا اقرأ ابن هشام، والسيوطي، والاشموني، وسواهم، والحق أني كنت، ولم ازل، شديدة الولع بالنحو.
وقد فرش لي ابي طريقاً ممهداً رائعاً، حين وضع بين يدي مكتبته التي كانت تحتوي على متون النحو، وكتب الشواهد جميعاً، ولذلك كان من الطبيعي، تماماً، ان اكون الطالبة الوحيدة بين طلبة قسم اللغة العربية التي اختارت لمرحلة الليسانس في موضوع نحوي، هو (مدارس النحو) وكان المشرف عليها استاذي الكبير العلامة الدكتور مصطفى جواد الذي كان له في حياتي الفكرية اعمق الاثر، رحمه الله، وجزاه عنا نحن تلاميذه اجمل الجزاء، ولم تزل رسالتي هذه في مكتبة كلية التربية،وعليها تعليقات بالقلم الاحمر، كتبها الدكتور مصطفى جواد في حينه.
اما والدتي، فقد كان لها اثر واضح في حياتي واضح في حياتي الشعرية، لانني كنت اعرض عليها قصائدي الاولى، فتوجه اليها النفد، وتحاول ارشادي، ولكني كنت اناقشها مناقشة عنيدة، فقد لاح علي، منذ المرحلة الثانوية، التأثر بالشعر الحديث، شعر محمود حسن اسماعيل، وبدوي الجبل، وامجد الطرابلسي، وعمر ابو ريشة، وبشاره الخوري، وامثالهم، بينما كانت هي تعجب بشعراء اقدم مثل: الزهاوي خصوصاً. فقد كان شاعرها الاثير، وكان اهتمامها بالشعر القديم اكبر من اهتمامي، ولذلك كان تاثيره في شعرها ابرز، ولكن ذوق امي نفسها بدأ يتطور كما يلاحظ من يدرس شعرها الذي طبعت المنشور منه، بعد وفاتها، في ديوان سميته، "انشودة المجد" وقد بدأت امي تتجه نحو الشعر الحديث الى درجة ملحوظة، وكانت تعجب خصوصاً بشعر ابراهيم ناجي، وصالح جودت، ولكن اتجاهاتي الشعرية بقيت مختلفة عن اتجاهاتها، بسبب معرفتي للانجليزية والفرنسية وكثرة قراءتي لشعرائهما.
ورغم ذلك فقد بقينا، انا وهي، صديقتان، فكانت تقرأ لي قصائدها، واقرء لها قصائدي، حتى وفاتها عام 1953، وهي في الثانية والاربعين من العمر. رحمها الله رحمة واسعة.
وخلال دراستي في دار المعلمين العالية، كنت اساهم في حفلات الكلية بالقاء قصائدي، وكانت الصحف العراقية تنشر تلك القصائد في حينها، غير اني اهملت ذلك الانتاج المبكر، ولم ادرج منه شيئاً في مجموعاتي الشعرية المطبوعة، لاني بقيت انظر اليه على انه شعر الصبا قبل مرحلة النضج، والواقع انني اقبلت على نظم الشعر اقبالاً شديداً منذ عام 1941 يوم كنت طالبة في الكلية. فقد دخلت في ذلك العام بداية نضجي الروحي والعاطفي والاجتماعي فضلاً عن انه العام الذي شهد ثورتنا القومية العظيمة التي هزت كياني هزاً عنيفاً وهي ثورة رشيد عالي الكيلاني، وكنت اتفجر حماسة لتلك الثورة ونظمت حولها القصائد المتحمسة التي لم انشر منها أي شيء: فسرعان ما انتصر الحكم البوليسي في العراق، ونصبت المشانق للاحرار، ولم يعد في العراق من يستطيع التنفس. ولكننا ، انا وامي، استمررنا ننظم القصائد الثائرة سراً، ونطويها في دفاترنا الحزينة.
وفي عام 1947 صدرت لي اول مجموعة شعرية، وقد سميتها "عاشفة الليل" لان الليل كان يرمز عندي الى الشعر، والخيال، والاحلام المبهمة، وجمال النجوم، وروعة القمر، والتماع دجلة تحت الاضواء، وكنت في الليل اعزف على عودي في الحديقة الخلفية للبيت بين الشجر الكثيف، حيث كنت اغني ساعات كل مساء، وقد كان الغناء سعادتي الكبرى منذ طفولتي، وكنت احبس انفاسي ادا ما سمعت صوت عبد الوهاب، او ام كلثوم يحمله الي جهاز حاك (غرامفون) يدور في بيت الجيران. وكنت سريعة الحفظ لاي اغنية اسمعها، وكانت امي لا تفتأ تندهش دهشة كبيرة عندما تسمعني اغني، وما زلت اذكر صونها في صغري وهي تتلفت، وتقول: يا الهي! من اين حفظت ابنتي كل هذا الاغاني؟ ومتى سمعتها؟ وكيف؟ ولم تدرانني كنت حين اسمع حاكياً يدور باغنية اقف مسمرة في مكاني حتى لو كنت في الشارع. وفي تلك الايام البعيدة لم يكن المذياع فد دخل الحياة في العراق طبعاً، فكان الاستماع الى الاغاني لا يتم الا عن طريق الاسطوانات، ولم تبدأ اذاعة بغداد بالبث الا في سنة 1953، كما اتذكر، يوم ان بلغت الثانية عشرة من العمر.
وبعد صدور (عاشفة الليل) باشهر قليلة عام 947 م انتشر وباء الكوليرا في مصر الشقيقة، وبدأنا نسمع الاذاعة تذكر اعداد الموتى يومياً، وخين بلغ العدد ثلاثمائة في اليوم انفعلت انفعالاً شعرياً، وجلست انظم قصيدة استعلمت لها شكل الشطرين المعتاد، مغيرة القافية بعد كل اربعة ابيات او نحو ذلك، وبعد ان انتهيت من القصيدة، قرأتها فأحسست انها لم تعبر عما في نفسي، وان عواطفي ما زالت متاججة. واهملت القصيدة وقررت ان اعتبرها من شعري الخائب (الفاشل) وبعد ايام قليلة ارتفع عدد الموتى بالكوليرا الى ستمائة في اليوم، فجلست ، ونظمت قصيدة شطرين ثانية اعبر فيها عن احساسي، واخترت لها وزناً غير القصيدة الاولى، وغبرت اسلوب تقفيتها ظانة انها ستروي ظمأ التعبير عن حزني، ولكني حين انتهيت منها شعرت انها لم ترسم صورة احساسي المتأجج، وقررت ان القصيدة قد خابت كالاولى، واحسست انني احتاج الى اسلوب آخر اعبر به عن احساسي، وجلست حزينة حائرة لا ادري كيف استطيع التعبير عن مأساة الكوليرا التي تلتهم المثات من الناس كل يوم.
وفي يوم الجمعة 27 - 10 - 1947 افقت من النوم، وتكاسلت في الفراش استمع الى المذيع وهو يذكر ان عدد الموتى بلغ الفاً، فاستولى علي حزن بالغ، وانفعال شديد، فقفزت من الفراش، وحملت دفتراً، وغادرت منزلنا الذي يموج بالحركة، والضجيج يوم الجمعة، وكان الى جوارنا بيت شاهق يبنى، وقد وصل البناؤون الى سطح طابقه الثانية، وكان خالياً لانه يوم عطلة العمل، فجلست على سياج واطيء، وبدأت انظم قصيدتي المعروفة الآن " الكوليرا" وكنت قد سمعت في الاذاعة ان جثث الموتى كانت تحمل في الريف المصري مكدسة في عربات تجرها الخيل، فرحت اكتب وانا اتحسس صوت اقدام الخيل:
سكن الليل
اصغ، الى وقع صدى الانات
في عمق الظلمة، تحت الصمت، على الاموات
ولاحظت في سعادة بالغة انني اعبر عن احساسي اروع تعبير بهذه الاشطر غير المتساوية الطول، بعد ان ثبت لي عجز الشطرين عن التعبير عن مأساة الكوليرا، ووجدتني اروي ظمأ النطق في كياني، وانا اهتف:
الموت، الموت، الموت
تشكوا البشرية تشكو ما يرتكب الموت
وفي نحو ساعة واحدة انتهيت من القصيدة بشكلها الاخير، ونزلت ركضاً الى البيت، وصحت باختي "احسان" "انظري لقد نظمت قصيدة عجيبة الشكل اظنها ستثير ضجة فظيعة، وما كادت احسان تقرأ القصيدة - وهي اول من قرأها - حتى تحمست لها تحمساً فظيعاً، وركضت بها الى امي فتلقتها ببرودة، وقالت لي: ما هذا الوزن الغريب؟ ان الاشطر غير متساوية، وموسيقاها ضعيفة يا بنتي، ثم قرأها ابي، وقامت الثورة الجامحة في البيت فقد استنكر ابي القصيدة، وسخر منها واستهزأ بها على مختلف الاشكال، وتنبأ لها بالفشل الكامل، ثم صاح بي ساخراً، "وما هذا الموت الموت الموت؟"
لكل جديد لذة عير انني وجدت جديد لموت غير لذيذِ
وراح اخوتي يضحكون وصحت انا بابي: قل ما تشاء، اني واثقة ان قصيدتي هذه ستغير خريطة الشعر العربي"وكنت مندفعة اشد الاندفاع في عبارتي هذه، وفي امثال لها كثيرة قلتها رداً على التحدي بالتحدي، ولكن الله سبحانه وتعالى كان يسبغ على رحمته في تلك اللحظات الحرجة من حياتي الشعرية، فكتب لقصيدتي ان يكون لها شأن كما تمنيت وحلمت، في ذلك الصباح العجيب في بيتنا.
ومنذ ذلك التاريخ انطلقت في نظم الشعر الحر، وان كنت لم اتطرف الى درجة نبذ شعر الشطرين نبذاً تاماً، كما فعل كثير من الزملاء المندفعين الذين احبوا الشعر الحر، واستعملوه بعد جيلنا.
وفي عام1949، صدرت ببغذاد مجموعتي الشعرية الثانية (شظايا ورماد وقد صدرتها بمقدمة ادبية ضافية عرضت فيها عرضاً موجزاً لنظرية عروضية لشعري الجديد الذي نشرت منه في المجموعة عشر قصائد، وما كاد الكتاب يظهر حتى اشعل ناراً في الصحف، والاندية الادبية، وقامت حوله ضجة عنيفة، وكتبت حوله مقالات كثيرة متلاحقة، كان غير قليل منها يرفض الشكل الجديد الذي دعوت اليه، ويأباه للشعر، عير ان الدعوة لقيت اروع القبول في الاوساط الشعرية الشابة، فما كاد يمضي عام حتى كان صدى الدعوة قد تخطى العراق الى خارجه، وبدأت أقرأ في المجلات الادبية في مصر، ولبنان، وسوريا، وسواها قصائد من الشعر الحر، كان غير قليل منها يحمل لافتات اهداء نثري: "الى الشاعرة نازك الملائكة. "
في عام 1942 بلغ نشاطي الشعري واللغوي، والفني، والادبي اوجه، فاندفعت اطلب الثقافة، والعلم في نهم لا يرتوي، وحرارة لا نتظفئ، ففي السنة نفسها سجلت نفسي طالبة في فرع العود بمعهد الفنون الجميلة، ودخلت طالبة في فرع التمثيل، وانتميت الى صف لدراسة اللغة اللاتينية، وكنت اذ ذاك - فوق هذا كله - طالبة في السنة الثانية من دار المعلمين العالية، وقد وهبت نفسي، في حرارة لا مثيل لها، الى هذه الدراسات كلها، وكنت احبها اشد الحب.
اما العزف على العود فقد كان امنيتي منذ صغري، وحين راى أبي حرقة تشوقي الى هذه الدراسة، وافق بعد تردد طويل على ان ادخل معهد الفنون الجميلة لادرس على الفنان الكبير الموسيقار الاستاذ محيي الدين حيدر الذي كان اسمه الفني في المعهد: "الشريف". ولهذا الفنان طريقة فريدة في العزف، وله في العراق اليوم تلاميذ معروفون من الموسيقيين، من مثل الاستاذ سلمان شكر، والاستاذ جميل بشير، وسواهما. وكانت مدة الدراسة ست سنوات، والمنهج يقوم على تدريسنا المقامات الشرقية على بشارف وسماعيات، وسواها، وكان الطالب يتدرج حتى يصل الى قمة المهارة الفنية في عزف مقطوعات الشريف محيي الدين التصويرية الرائعة مثل "تأمل" و "ليت لي جناحاً" و "كابريس" وكان للشريف، يرحمه الله، فكان يغير، ويعدل في البشارف، والسماعيات التي الفها كبار الموسيقيين، من مثل: طانيوس افندي، وجميل بك، وعزيز دده، ويوسف باشا، وكانت هذه التعديلات تجمل الاصل اروع تجميل، وتخرجه اخراجاً حياً وكنت انا اجلس في صف العود مسحورة، وكأني استمع الى صلاة، وكان الشريف يكرر على ان لي سمعاً موسيقياً حساساً، وموهبة ظاهرة، ولكنه كان خائفاً ان يجرفني حبي للشعر وبيعدني عن الموسيقى على أي شكل من الاشكال، ورغم انني ما زلت حتى اليوم اعزف لنفسي لكي يصحبني العود، ونا اغني الحان عبد الوهاب، وام كلثوم، وفيروز، وعبد الحليم حافظ، ونجاة. وهو انصراف محدود، غير ما كان استاذي يتوقع مني، ولعله كان ينتظر ان اكون عازفة مشهورة في الاذاعات ومؤلفة الحان.
واما دراستي للتمثيل، فالحق انه كان لي فيها دافعان اثنان:
اولهما ان اتعلم فن الالقاء.. فقد كنت ارتقي المسرح لالقي قصائدي فاقرأها قراءة رتيبة دون ان اعرف كيف الون صوتي بالانفعال وارفعه وانغمه مع معاني قصيدتي وقد خطر لي ان دراسة التمثيل ستساعدني في هذا المجال. والدافع الثاني انني اطلعت على منهج الدراسة في هذا الفرع فبهرني. كان منه دراسة مفصلة مسهبة للميثولوجيا الاغريقية، بكل تفاصيلها الدقيقة، ومداخلها، ومخارجها. وكان موضوع "تاريخ المسرح والأدب المسرحي" للسنة الثانية يشكل دراسة اسخيلوس، وسوفوكليس، ويوربيديس، واريستوفان، وكنت اعلم مدى غنى الأدب اليوناني، ومدى ضرورته للممثل، والدارس، فاندفعت في حرارة أسأل ابي ان يأذن لي بدخول فرع التمثيل، وقد رفض ابي اولاً، ولكن الله سبحانه شاءان يشملني برعايته، فاذا ابي يكلف بتدريس اللغة العربية في فرع التمثيل، وعندما وجد انني سأكون تلميذة له اخذني معه الى الاستاذ حقي الشبلي المسؤول عن الفرع، وسجلني طالبة، واكتملت سعادتي.
واما اللغة اللاتينية، فان قصة دراستي لها كانت أغرب، فقد كنت طالبة في قسم اللغة العربية، وكنا ندرس اللغة الانجليزية، وصادف ان استاذنا اشار في الصف، مراراً، الى ضرورة معرفة اللغة اللاتينية لمن يريد التخصص في الادب الانجليزي، فشوقني ذلك الى دراستها، وبقيت هذه الرغبة عابرة في نفسي حتى سمعت في آخر العام الدراسي 1941 - 1942 ان ادارة الكلية قررت اضافة مادة اللغة اللاتينية الى منهج طلبة السنة الاولى، فرع اللغة الانجليزية، وهنا بدات لهفتي، اردت ان انتمي الى هذا الصف لاتعلم اللغة اللاتينية، وراجعت استاذ المادة فاعتذر عن قبولي في الصف، وسألني مندهشاً: " ولكنك طالبة في فسم اللغة العربية، فماذا تنفعك اللاتينية؟" ولم يوهن هذا عزيمتي، وراجعت عميد الكلية، ورجوته ان يأذن لي بالدراسة مع طلبة الانجليزية، عندما رأى العميد لهفتي سمع لي، وانتميت الى صف اللغة اللاتينية، وبدأت احفظ ، بحماسة، تلك القوائم التي لا تنتهي من حالات الاسماء وفصائلها، وتصريفات الافعال، وسواها مما يعتبر من اصعب ما يعرفه طالب اللغات.
وقد بقي حب اللغة اللاتينية في دمي حتى اليوم. وما زلت اقتني كتب الشعر اللاتيني، واحاول ان اقرأها كلما وجدت فراغاً. واتذكر انني، بعد شهرين من بدئي لدراسة هذه اللغة، أصبحت اكتب مذكراتي بها، كما نظمت نشيداً لاتينياً على نغمة الاغنية المشهورة (At the Ballalika) وكان من الطبيعي ان يكون النشيد بدائياً ساذج الصياغة، فقد كنت لم أزل طالبة مبتدئة، ولقد واصلت دراسة اللغة اللاتينية سنوات كثيرة وحدي من دون أستاذ بمساعدة القواميس، ثم دخلت صفاً فيها في جامعة برنستون بالولايات المتحدة درسنا فيه نصوصاً للخطيب الروماني شيشرون. وقد اعجبت اشد الاعجاب بشعر الشاعر اللاتيني "كوتولوس" وحفظت مجموعة من القصائد له، وما زلت اترنم بها أحياناً في وحدتي، فاجد سعادة بالغة في ترديدها. والواقع اني اجد في اللغة اللاتينية نفسها سحراً يجتذب كياني كله، ولست اعرف سر هذا الافتتان بلغة يكرهها الطلبة عادة وينفرون منها اشد النفور.
وفي عام 1949 بدأت بدراسة اللغة الفرنسية، في البيت، مع أخي الذي يصغرني، نزار. وكان اذ ذاك طالباً في قسم اللغة الانجليزية بدار المعلمين العالية، وكان له ولع شديد بالأدب، واللغات، وهو شاعر ايضأ، وان كان مقلاً. وكانت تربطني بع صداقة عميقة، وكنا نشترك انا هو في غرفة واحدة تنتشر فيها الكتب على سريرينا، وطالما قام الجدل بيننا في موضوعات الادب والحياة.
بدأنا اذن، انا، ونزار، ندرس الفرنسية من دون مدرس، وذلك اعتماداً على كتاب انجليزي يعلم هذه اللغة، اهدانا اياه عمي، وقد سعدنا سعادة بالغة بتعلم هذه اللغة الجميلة، وواصلنا تعلمها حتى اصبحنا نقرأ فيها كتب الشعر، والنقد ، والفلسفة. وفي عام 1953، دخلت دورة في المعهد العراقي، قرأنا فيها نصوصاً من الادب الفرنسي، من مثل قصص: الفونس دوديه، وموباسان، ومسرحيات موليير، ولكن نطقي بهذه اللغة بقي رديئاً حتى اليوم، لانني تعلمتها من دون استاذ يلفظ امامي الكلمات، ولم تتح لي فرصة للسفر الى فرنسا، والحياة فيها فترة، وهذا ما يحزنني دائماً حين اجدني اقرأ، وافهم، ومع ذلك لا احسن الكلام، ولا النطق الصحيح.
اما الادب الانجليزي فقد بدأت عنايتي به وانا طالبة في معهد الفنون العالية يوم كنا نقرأ شعر شكسبير ومسرحية "حلم منتصف ليلة صيف." وقد ترجمت الى الشعر العربي احدى سونيتات شكسبير، اذ ذاك. واقبلت بعد ذلك على قراءة شعر بايرون، وشيللي. وفي عام 1950 ، دخلت دورة في المعهد الثقافي البريطاني لدراسة الشعر الانجليزي، والدراما الحديثة، استعداداً لاداء امتحان تقيمه جامعة كامبردج وتمنح بعده شهادة ال (proficiency) وكان مستوى هذه الدراسة اعلى من ليسانس اللغة الانجليزية، لان طالبة متقوقة في السنة الرابعة من فرع اللغة الانجليزية دخلت معي هذه الدورة، فكانت النتيجة انها رسبت، ونجحت. وكان سر نجاحي انني انهمكت طيلة العام في قراءة عشرات من كتب الشعر، والدراما، في حماسة، ونهم. والواقع ان اغلب الذين اشتركوا في الامتحان معنا قد رسبوا، ولم ينجح سواي وسوى طالب واحد خارجي لم يشترك معنا في الدراسة بالمعهد البريطاني. وكان لهذا الامتحان امتحان ثاني اعلى منه تقيمه جامعة كمبرج نفسها، ولكني لم اقدمه، وانما سافرت الى الولايات المتحدة لدراسة النقد الادبي.
وكانت هذه المرحلة تمتد عاماً، وقد اوفدتني اليها مؤسسة روكفلر الامريكية، واختارت لي ان ادرس النقد الادبي في جامعة برنستن في نبو جيرسي بالولايات المتحدة، وهي جامعة رجالية ليس في تقاليدها دخول الطالبات فيها، ولذلك كنت الطالبة الوحيدة، وكان ذلك يثير دهشة المسؤولين في الجامعة كلما التقى بي احدهم في اروقة المكتبة، او الكليات، وقد اتيحت لي في هذه الفترة الدراسة على اساطين النقد الادبي في الولايات المتحدة مثل ديتشر بالكمور، وآلن دوانر، وآلن تيت، ودونالد ستاوفر، وديلمور شوارتز، وكلهم اساتذة لهم مؤلفات معروفة في النقد الادبي، كما عرفوا بابحاثهم في مجلات الجامعات الامريكية، وسائر الصحف الادبية.
بعد عودتي الى العراق عام 1951 بدأت اتجه الى كتابة النثر بخاصة ي النقد الادبي وفي عام 1953 القيت محاضرة في نادي الاتحاد النسائي ببغذاد كان عنوانها (المرأة بين طرفين: السلبية والاخلاق) انتقدت فيها اوضاع المرأة الحاضرة. وعقم المجتمع العربي، ودعوت الى تحرير المرأة من الجمود والسلبية وقد اثارت هذه المحاضرة ضجة في بغداد، وتحدثت عنها الصحافة طويلاً بخاصة وان اذاعة بغذاد نقلتها كاملة، واذاعتها على الجمهور. وسرعان ما نشرتها مجلة (الآداب ) البيروتية التي كانت تصدرها اذ ذاك دار العلم للملايين.
وواصلت خلال ذلك نظم الشعر ونشره، ونشر مقالات النقد الادبي في مجلتي (الاديب) و(الاداب) ببيروت.
وفي عام 1953 حدث لي حادث هز حياتي الى اعماقها، فقد مرضت والدي مرضاً مفاجئاً شديداً، وقرر الاطباء ضرورة اجراء عملية جراحية لها في لندن فوراً، ولم يكن في بيتنا من يستطيع السفر معها الى انجلترا سواي، بسبب معرفتي للندن، وحياتي فيها فترة، وبسبب اتقاني للغة الانجليزية- وكان نزار قد سافر الى الولايات المتحدة للدراسة. كل هذا اضطرني الى ان اصطحب امي المريضة اشد المرض الى لندن على عجل، والرعب مستول علي، فقد كنت خائفة في اعماقي من شيء رهيب سيقع لي لم اشخصه، وقبل سفري باسبوع حلمت اني اسير في شوارع لندن واحاول شراء تابوت ملون، وابحث، وابحث، وابحث في لهفة، ورعب، فلا اجد من يبيعني تابوتاً، ولم اقص حلمي هذا على احد في البيت، وسافرت بها، وتم ادخالها الى غرفة العمليات، وخرجب منها محمولة على نقالة حيث اودعوها في عنبر الموتى بالمستشفى ريثما تتم اجراءات الدفن المعقدة، وقد رايتها، وهي تحتضر، في مشهد رهيب هز حياتي الى اعماقها، وكان علي ان احضر مشاهد الجنازة والدفن وانهض باعبائها، وهي اعمال لم اعتد القيام بمثلها، وعدت الى العراق بعد اسبوعين ذابلة حزينة مهزوزة النفس. فقد كنت احب امي حباً شديداً لا مثيل له. وما كدت ارى اخوتي، واقاربي يلبسون السواد وهم يستقبلوني في مطار بغداد حتى بدأت أبكي، وأبكي بكاء لا ينقطع ليلاً، ولا نهاراً، وسرعان ما لاح لي بوضوح انني مريضة، فبادرت الى مراجعة طبيب عالجني بالحبوب المهدئة، فتوقفت دموعي، وان بقي الحزن يحفر في حياتي حتى اليوم بعد خمسة واربعين سنة من وفاة والدتي يرحمها الله، وكانت حصيلتي الشعرية المباشرة، بعد وفاة امي، قصيدة سميتها "ثلاث مراث لامي" استعملت فيها اسلوباً جديداً في الرثاء لم يسبقني اليه احد، وسرعان ما ذاعت قصيدتي هذه، واستقبلها الشعراء بحرارة واعجاب بالغين.
وقد كان من حسن حظي - وانا في احزاني التي هدمتني بعد وفاة امي - ان انتخبتني مديرية البعثات العراقية لدراسة الادب المقارن في الولايات المتحدة، وقد قبلت في جامعة وسكنسن، احدى اول عشر جامعات في الولايات المتحدة، فسافرت متحمسة للدراسة اشد الحماسة، واتاح لي موضوع الادب المقارن ان استفيد من اللغات الاجنبية التي اعرفها، بخاصة الانجليزية، والفرنسية. وخلال هذه الدراسة اكتسبت ثقافة غنية رائعة اخصبت ذهني وملاتني سعادة. وقد كنت اقضي اغلب الوقت في مكتبة الجامعة الغربية التي كان لها اعمق الاثر في حياتي في تلك الفترة كما اغتنت حياتي بافكار عذبة كثيرة منوعة، واكتسبت من التجارب اضعاف ما كسبته في حياتي السابقة كلها. وتغيرت مفاهيمي، ومثلي، ومقاييسي، وتبدلت شخصيتي كلها.
وقد كان النظام في هذه الجامعة رائعاً، لانه لا يتطلب كتابة اطروحة كبيرة، بل يكلف الطالب باعداد مجموعة كبيرة من الابحاث في موضوعات ادبية منوعة. فكنت اجد متعة عظيمة في كتابة هذه المقالات التي مرنت قابليتي في النقد الادبي، وما زالت الابحاث المكتوبة بالانجليزية تنتظر ان اترجمها الى العربية وانشرها. وسبب اعراضي عنها حتى الان يرجع الى انها كلها تتناول الآداب الاوربية، فلا يتخللها اسم عربي، وقد الفت ان اشعر ان كتابة الادبي العربي مقالات تغص بالاعلام الاجنبية نوع من التكلف، واقحام لثقافة اجنبية على القاريء العربي البسيط. ولذلك انوي ان اوسع الجانب المقارن في ابحاثي هذه بحيث يشمل اعلاماً عربية الى جانب الاوربية، واذا ذاك ساستريح الى نشرها، وارجو ان يتاح لي يوماً ان افعل هذا.
وكان سفري الى وسكنسن عام 1954، واستغراق اعداد الماجستير في الادب المقارن سنتين كتبت خلالهما مذكرات ادبية كثيرة سجلت فيها ملاحظاتي على الكتب التي قراتها، والاشخاص الذين تعرفت اليهم، وعشت بينهم في تلك الفترة، كما احتوت على آرائي المفصلة المركزة في المرأة الامريكية، ومع هذا كله، كنت في مذكراتي اغوص غوصاً نفسياً عميقاً في تحليل نفسي، وقد اكتشفت اني كنت لا اعبر عن ذهني، وعواطفي كما يفعل كل انسان حولي، وانما الوذ بالانطواء والخجل، واتخذت قراراً حاسماً ان اخرج على هذا الطبع السلبي، وشهدت مذكراتي صراعاً عظيماً مع نفسي من اجل تحقيق هذا الهدف، فكنت اذا تقدمت خطوة تراجعت عشر خطوات بحيث اقتضاني التغير الكامل سنوات كثيرة طويلة.
وانا اليوم ادرك ان تغيير العادات النفسية من اصعب الامور، ولذلك اعتبر كفاحي المتواصل لتعديل اعماقي النفسية، ومسلكي الاجتماعي كفاحاً بطولياً لم يساعدني عليه الا الله تعالى برحمته السابغة، ورعايته الدائمة، مهما يكن فان في نيتي ان افرغ يوماً لانتخاب مختارات من مذكراتي في مادسن - وسكنسن للنشر وقد اعطيت حلقة منها الى جريدة الاهرام صيف سنة 1966، فنشرتها في عددها الصادر يوم 5 - 8 - 1966.
وعندما رجعت من الولايات المتحدة مررت في طريق العودة بايطاليا، وجنوب فرنسا، ثم عرجت على دمشق حيث مؤتمر الادباء العربي الثاني في بلودان، وكانوا قد وجهوا الي دعوة وانا في الولايات المتحدة. وكنت يومها احس بنوع من الازمة اعانية، فقد كان التعبير بالعربية لا يطاوعني تماماً بعد سنتين لم اتكلم خلالهما الا بالانجليزية، وكنت احس بذلك احساساً قاسياً بخاصة خلال وجودي في مؤتمر الادباء الذي افتتحت به عودتي الى الوطن العربي الحبيب، ولم يزايلني هذا الاحساس الا بعد مرور اشهر في العراق استعدت خلالها طلاقة التعبير بالعربية.
وفي عام 1957 صدرت في بيروت مجموعتي الشعرية الثالثة (قرارة الموجة) وقد احتوت على منتخبات من شعري بعد (شظايا ورماد) ونشرتها دار الآداب ببيروت.
وفي عام 1958 قامت في العراق ثورة 14 تموز، واثرت في حياتي اعنف تاثير حتى استغرقت كل لحظة من عمري ذلك العام. وقد استقبلتها بقصيدة ساخنة بدأتها:
فرح الايتام بضمة حب ابوية
فرحة عطشان ذاق الماء
فرحة تموز بلمس نسائم ثلجية
فرح الظلمات بنبع ضياء
فرحتنا بالجمهورية.
وكانت القصيدة تعبيراً بسيطاً عن الفرح العميق الغامر، وتحذيراً من مؤمرآت امريكا، والصهيونية العالمية:

السوق صحا يا ورد حذار
من نقمته الصهيونية
ومخالبه الامريكية

ولكن عبد الكريم قاسم سرعان ما انحرف، واستهوته شهوة الحكم، وسمح للشعوبية ان تمس جمال الثورة، وتقضي على مبادئها القومية التي احبها أشد الحب، وقد اضطرني عسف الحكم، وتهديده المستمر الى ترك العراق، والسكن ببيروت عاماً كاملاً (1959 - 1960) وخلال ذلك، واصلت نشر انتاجي القومي في مجلة الآداب.
في عام 1957 عينت مدرسة معيدة في كلية التربية ببغداد ادرس النقد الادبي، العروض، وبعد عودتي من بيروت عام 1960 تعرفت الى زميل جديد في قسم اللغة العربية هو الدكتور عبد الهادي محبوبة، خريج جامعة القاهرة، وفي متنصف عام 1961 تزوجنا، فكان لي نعم الصديق والرفيق والزميل.
وفي عام 1962 صدر لي اول كتاب في النقد الادبي هو (قضايا الشعر المعاصر). وقد درست فيه الشعر الحر دراسة خاصة مفصلة، ووضعت له عروضاً كاملاً اعتماداً على معرفتي للعروض، وعلى قوة سمعي الشعري، وعلى كثرة قراءتي لشعر الزملاء من الشعراء، وقد اهديت الكتاب الى الرئيس العربي جمال عبد الناصر، متحدية عبد الكريم قاسم الذي كان تمقته اشد المقت.
وفي عام 1964 سافرنا، انا وزوجي، للعمل في تاسيس جامعة في البصرة حيث كان الدكتور عبد الهادي رئيساً للجامعة، وكنت اعمل في التدريس بقسم اللغة العربية. ثم انتخبت رئيساً للقسم واستمر عملنا هناك اربع سنوات. وغادرنا البصرة الى بغداد اواخر عام 1968 حيث عدنا الى التدريس في كلية التربية سنة واحدة، غادرنا بعدها الى الكويت للتدريس في جامعتها.
وفي عام 1964 دعاني معهد الدراسات العربية العالية بالقاهرة الى القاء محاضرات حول الشعر في موضوع اختاره، فعكفت على كتابة كتاب عن الشاعر المبدع علي محمود طه الذي كنت تاثرت بشعره خلال فترة الصبا، يوم كنت طالبة في فرع التمثيل بمعهد الفنون الجميلة، وقد طبع هذا الكتاب (شعر علي محمود طه) في القاهرة عام 1965. وكان عنوان طبعته الثانية (الصومعة والشرفة الحمراء) وقد طبعته دار العلم للملايين.
وفي اول سنة 1978 صدرت لي مجموعة شعرية رابعة عنوانها (شجرة القمر) تطور فيها شعري تطوراً واضحاً عما كان عليه في المرحلة السابقة، مرحلة (قرارة الموجة) التي كنت خلالها اميل الى الفلسفة، والفكر في شعري، ونثري جميعاً.
وفي عام 1970 صدرت مطولتي الشعرية (مأساة الحياة وأغنية للانسان) عن دار العودة ببيروت.
وبعد، فهذه خطوات مركزة مختصرة من سيرة حياتي كتبتها تلبية لطلبات كثيرة ترد علي من الباحثين، وطلبة الجامعات الذين يكتبون رسائل ماجستير ودكتوراه. اما سيرة حياتي المفصلة، ففيها كثير من الغرائب الممتعة، وارجوا ان يتاح لي ان افرغ لكتابتها يوماً قبل الموت.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف