شعر

صرخة أنثوية مذيلة بشهقات الماضي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

صرخة أنثوية


السكينةُ صرخةٌ أنثوية.

* * *
كل أشرعتي بيضاء
مستسلما
لأهرامك الشامخة

* * *
كلما اقتربتِ النظراتُ من بعضها،
صارت أكثرَ عمى.

* * *
إرثي المؤجل، بهجتي، حسرتي، كبريائي،
شهقاتي المتلاحقة، أجنحتي المصطفقة
في سديمية الحياة،
من عطاياك
فخذيها.

* * *
لو سُئِلْتُ ماذا أتمنى؟
لقلتُ: أنْ أكونَ طائرا،
وبعدها؟
أنْ أكونَ فضاءً،
وبعدها؟
أن أرى الإلهَ أو أكونه،
وبعدها؟
صياغةُ الكونِ من جديد.

* * *
الجهلُ قبّعةٌ أسكيموسية
في صيف.

* * *
تطلّعتُ إلى الهاوية،
فرأيتُ فيها آثامي.

* * *
تشكل العقلُ في آلاف السنين،
وبمثلها تشكل اللسانُ،
ومازال يلثغ.

* * *
العزلةُ إما تعبير عن سمو
أو عن ضيق أفق.

* * *
مَنْ يخدعْ نفسَهُ،
لن يصل أبعدَ من ظله.

* * *
المرأةُ الحسناء هبةٌ ربانية،
والجمالُ والذكاء
هبتان بلا حدود.

* * *
جسدُ الجمالِ نبوةٌ،
والنبوّة
بسالةٌ فسموّ فدهشة.

* * *
اللمسُ والهمسُ والحركة،
أناملُ المحبة.
* * *
كلّ الأبجديات ِ تبدأ بالألف،
دلالةً على تأوه الإنسان.

* * *
سألني صديقٌ يهودي:
إلى أين يا صاحبي؟
قلتُ: إلى الجنةِ.
قال: ستذهب إليها وحدك.

* * *
الكونُ يرانا بالمقلوب،
ونحن نراه بالمقلوب،
(جائزة نوبل لمن يُثبت العكس).

* * *
الدكتاتور:
كلّ الكون يتبعني
وأنا أتبع ظلّي.
* * *
بولندا:
بلد جذوره السمواتُ،
حاضره معلّقٌ في الفضاء،
أما حدوده فلا تُرى.
* * *
أنت تستغيث بي
وأنا أستغيث بك
وحلبجة تستغيث بالضحايا.

* * *
يُحرق الهندوسُ موتاهم ظنا أن الإلهَ قادرٌ على إحيائهم،
والآخرون يدفنونهم لكي لا يُتعبوا الإله.

* * *
أنا الحُرّ،
يتبعني سجني،
يسبقني سجّاني.

بلومنغتن، 20 شباط 1993


الفكرة المحتضرة


أتثاءبُ خوفا
من استبداد اليقظة.

* * *
مَنْ يتدثّرْ بعراء المحبة،
يُصْبح ِ الوجدُ لحافه.

* * *
وَهَبتُك ِ صوتي
فهبيني الشفتين
وهبتُك ِ روحي
فالمسيها بنشيدك.

* * *
يُقال: الهباتُ عديدة،
وأنا أقول: أنتِ الهبةُ الوحيدة.

* * *
عتمةُ المحبة،
يا لها من عتمةٍ
لا تخبو أبدا.

* * *
الحياة
هي الأملُ الوحيدُ المتبقي
للموت.

* * *
تكفي طلقةٌ واحدة من شفتيك
لرأبِ صدع فمي المستغيث!

* * *
العفّةُ في المبغى
زجاجةٌ فارغةٌ في حانة.

* * *
قد أمشي بمباركة الفوضى،
غير أني أصغي
على مرأى من السكون.

* * *
العدمُ صفةٌ من صفات المستحيل،
والمستحيلُ فضاء الخالق الأبدي.

* * *
لا يُبعدني عنك يا حبيبتي
سوى خجلي
من مفاتنك اللامحدودة!


* * *
وأنتِ تستديرين
يستدير قلبي،
وأنتِ ترتعشين
تصيء روحي،
وحينما تستغيثين
أتانثر فيكِ.

* * *
يا لها من قصيدةٍ عظيمةٍ
هذه الفكرةُ المحتضرة!

بلومنغتن- إنديانا، مايو 1994

هوامش الماضي

1. تسابيح
هناك الشوارعُ مثقلةٌ بالتسابيح،
فارغة كل ذي العربات،
سوى شبح الأدعية!
عيونٌ تضج وراء مداراتها،
وتضج البيوتُ التي فرّ منها النهارُ،
وها هي ذي الفرسُ القانية
تخبط الأرضَ بالزفراتِ،
تدور بمملكة الغبار
تمدّ العصورُ ذراعا
تمد الطيورُ جناحا
وتقعي على عقبيها النوايا
هنا الصوتُ، ها، وَيْحَكُمْ ، فتهمّ...
لكنما القدمُ المقفلة/بالثرى/بتأوّهِ أسلافنا
ترسم الحينَ قوسا من الأمنيات.
تخبّ الرجالُ الغيومُ تخبّ فيسقط غصنٌ ويسقط طائرْ
ونبدأ هجرتنا من جديد...
بغداد، تموز 1975

2. صوت

لا تصقلُ خاتَمَ حزنكَ يا عصرُ الأعراسُ،
فإني أهجسُ، ألمحُ تقويمَ الإنسان رمادا تنثره الريح.
طلّقني يا عشبُ فلستُ وريدا يجري
أدرك أني عظمٌ في أسواق القصابينَ،
وزيفٌ يعرق في أثواب الكاهن والدرويش.
يا جذرَ الكرة الأرضية:
إني أفهم أسرارَ الصفحات الأولى من كتب الأرض
والداخلُ يرفضني،لا شيء سوى أحلامي
يتصاعد شكلُ الإنسانِ الصفر
يتبخّر منّي الصوتْ
كنتُ غسلتُ بقاع اللهِ يديّ.
كنتُ ظلمتُ النفس،
ففككتُ بكارَتها تلك المنذورة للعفة
طلّقني يا صوتي،
هل بَعْد َ الفرقة من صوت؟

بغداد، أيار 1972


3. سياج
سيّجتني البداوةُ والوهمُ، مبهمةٌ أنتِ، أيَتُها البراري، مبهمٌ أنت أيهذا الدليل،
مبهم صوتي، وعطرُ تلاوتي، وتطوافي الضرير
ضائع أنّى وقفتُ وسرتُ، كنتُ ارتكازَ الخطى بالخطى،
والوقوفَ الأخير.
مبهمٌ أيها الصبحُ في شبّاك بيتي
مبهمة ترتيلةُ الشجرة
خلف بيتي وجاري المستجير بأسمائه الحسنى
مبهمة تراتيلي، مبهمٌ أيها البلبل الشادي
وشاحبةٌ كلماتُ الخليل.

النجف، 7 تموز 1974

4.كواكب تحتمي بكوكب

وحدك، كل هذا الموت وحدكْ
كلما أثقلتْ أنّةٌ جسَدَكْ
صحتَ: هم أثقلوا كاهلَ الورد،
وردةٌ صافحتنا واختفتْ، هُمُ
قاتلوا الوردَ، شقوا شغافَ الطبيعة،
هل بيننا صخرةٌ عثرتْ في ثراها الورودُ؟
تباركت الوردة المُسْتترة
في عناقيد الحياة
كوكبٌ يبرأ الكلمات، تبرق كالسهم ظامئةً
باتجاه الحبيب
صاح فينا الشجرْ:
أنتَ يا ماءُ قفْ وارتجزْ لغةَ االنار
ثم ياريحُ شقّي الفضاء
وافتحي شعلةً للطريق الجديدة
في بلاد الحجر.

كركوك، نيسان 1975


5. صورة
لم تَجُعْ أنتَ لكنما الشجرة
صخرةٌ بَنَتْ حولها الريحُ تاريخَها الدمويّ.
تهرب الناسُ أو تتقدمْ
ذي الرصاصةُ تخترق الجمجمة.
الرصاصةُ تخترق الجمجمة
تبتني كهفا من وميض العيون
ثم تُغلق شبّاكها وتنامُ
تسكن القلبَ والضيعةَ والحرثَ والنسلَ والبلدَ الجميل
كالغراب المعبأ بالجوع تنهش ذي الكلمات
تتقدم صوبَ الرحيق المعنّى بمنتحلي الورد بالزمهرير الذي فضّ
قافلة الورد.
في الزمان المحدد ثم المكان
في تطوافنا اللامتناهي خلفَ أنْسَنةِ الماضي
وأنسنةِ الحجر
بذرائع الموتى وترتيل الكهوف.
كانت الناسُ تلفظ أنفاسَها أو تكاد
كانت الزوبعة
تتقدم صوب بنيها الآثمين
تتوقف بين الهمّ والحياة.

كركوك، 30/أيار 1975

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف