شعر

صداع نصفِ القلب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لم يصل بي الركضُ، حد البحث عن يدِك في جوجل، رغم أنها أيقونةٌ، ينحني أمامها، كلُّ باحثٍ، عن موقعٍ كوني للحب.
وبالطبع، حين وجدتك
كان وجهي شاحباً، كقادمٍ من وداع غابةٍ ميتة
إنني أتعمد هذه الصورة، لكي تعرف أنْ حياتي قبلَ يدِك، غابةٌ ميتة
وماذا تعني الغابة؟
غير أسرابِ حنين، لم يروضها أننا نلتقي يومياً على الماسنجر.

الحنينُ لا يموت
فاكتبي لي بسرعة على الماسنجر: أحبك
وضعي قلباً أحمر إلى جانب الكلمة، لأبللَ إصبعي بلمسه، ثم أمصُّ الإصبع بجوع رضيعٍ، يخلط بين حلمٍ وحلمة.

للحبِّ سُلطته التي تشبه سُلطة القدر
لكنها مسكوبةٌ في أكوابٍ ورقية من الآيس كريم
فهل نختار كوباً يلائمُ ذوقنا المحبَ للكرز، هذا المرشوق في كتفِ غيمةٍ، تمر قرب شفاهنا، فنلتقطُ منها بلسانين يغطان في حوارٍ لا نسمعه، وإنْ كنا نشعر بدبيبِ عذوبتهِ في أقدامنا.

لقد كنا قبل أنْ نلتقي طائرين لا مرئيين
يتوقد ريشهما بالهبوب في الجهات الأربع
وهذا ما يعنيه تلفنا القديم في الصداع النصفي
لا أقصد صداع الرأس، وإنما صداع نصفِ القلب، فقد كان نصفه الآخر مصاباً بالأمل في أن نكون مرئيين:
بالصوت والصورة على الماسنجر
وبالعشق في غرفةٍ تحيطنا برعايةِ راهبةٍ في اليقظة، وفي الأمومة التي تقدم لنا الشاي والفطائر، فيما نحن ساهيان عنها في كوثر القبلات.

الحبُّ .. مكر غرائزه
ولهذا نقدح النار بكتفينا
فنحن بدائيان جداً
نستخدم الماسنجر كساكن كهفٍ يتشاجر مع السماء
إنه قادر على مدِّ يده ومصافحة البرق، مثلما أنا قادر على مدِّ يدي ومصافحتك، كأنما أيقونة أظهرناها، لرجلٍ وامرأةٍ يتعانقان، سوف تضبط خصرينا على فاصلةِ الرقص.

للأسف ... ... ...
لا يوفر الماسنجر مسرحاً للرقص، إلا أنْ نكون معاً، نضئ الوقتَ بمصابيح الكهرباء، وإنْ كانت خافتة، فالحداثة توفر للحب آفاقاً أوسع، كأن نقرأ كتاب "أفروديت" لإيزابيل الليندي ونحن نطهو الرغبة، أو نسمع "كارمينا بورانا" لكارل أورف، ونظنها وقيعة اشتهاء، فنسقط في قرصها الليزري، كنحلتين تلتهمهما زهرةٌ شرسة.

كُنْ مُسلياً يا حبيبي
في جلوسك هكذا
على الطرف الآخر من قبَّعةٍ تديرها أصابعنا
مثل بركانٍ مقلوب
المسافة كما تعلم .. أبد الركض
أنت تركض نحوي، وأنا أيضاً
أفتح الماسنجر
لعلني أجدك مُنتظراً بأغنيةٍ عابثة
أنت تنتظر يا حبيبي
كموظفٍ يوشك على القيام بمهمةٍ رسمية
متأنقاً بتصلب عنقك
وخائفاً من المشاكسة
شاكسني يا حبيبي
أرسل لي بسرعة ذلك الوجه الغامز بعينه الماكرة
أو أرسل FLASH KISS
كرشقةٍ وردٍ على وجهي.

ثمة مربع يمكن تكبيره بحجم الشاشة، تماماً مثل قلبٍ يمكن تكبيره بحجم الكون، وإنْ كنت تملك شاشة من بلوراتٍ سائلة، فقلبي كذلك، بلورٌ سائل، قبلاتٌ وهدايا صغيرة، يتبادلها عاشقان عبر كونٍ بحجم نافذة، وحين يغلقان النافذة، ينزلقان في النعومة، كأنما الحياة قد تحممت، واستلقت سعيدة، بتدخين سيجارةِ ما بعد ممارسة الحب، ولن أفسر هنا، خشية أن يأخذ العاشقون كلامي على محمل الجد، إنني لا أدعوهم إلى وقيعةِ اشتهاء، وإنما أدعو حبيبتي إلى النوم، بعد سهرنا الطويل أمام الماسنجر، بافتراضه بيتنا الذي من مطر.

الإيميل ساعي بريد ينقل الرسائل، لكنه يتلكأ قليلاً، وفيه لا نكون وجهاً لوجه، حين نكاتب قلبينا بما نعرف أنَّ ملايين العشاق قد حرثوه قبلنا، واختلاف الوسيلة لا ينفي الحاجة إلى واقعٍ لا يكون افتراضياً، وهذا بالضبط ما تعنيه الإبل قديماً والقطارات حديثاً، إنه السفر الدائم في بريةٍ تغطيها الورود الحمراء والقبلات، وبدون زادٍ، غير أن نعود للحداثة وما بعدها، لعلنا نكون قادرين على أنْ نقول للعناق: كن .. فيكون.

كوني مُسلية يا حبيبتي
واكتبي لي رسالة حارة على الإيميل
تفاجئني سخونتها، وأخشى الاحتفاظ بجمرتها في جيبي، ربما تثقب الجيب، فتسقط منه نقود قليلة، أحتاجها لشراء سجائر، أدخنها بمتعة وأنا أتأمل ظهرك
لا تحدثيني يا حبيبتي
عن رأسي المُحنط
قلبي ليس مُحنطاً
وكلاهما الرأس والقلب، يحلمان بالذهاب معك، مثل كلبين نشيطين في نزهةٍ طويلة
وعلى الماسنجر
أرسلي لي كأس بيرة، لأرسل لكِ كأساً مثله، ثم نشرب معاً، نخب تجسيد الغزل.

هو: أحبك
هي: أشتاقك
هو: أحبك
هي: آه
هو: أحبك
هي: هههههههههههههه
هو: لماذا تضحكين
هي: لأنك معي
هو: الوقت فهد يتمطى بجلده المُرقط، والغابة تعبت من وحوشها، فأرسلتهم إلى مستشفى المجانين، والأرض حقل يحرثه العشاق طولاً وعرضاً، لينبت عشب أشجانهم، وأنا هنا، وأنتِ هناك، نحرث الواقع الافتراضي، بقبلاتٍ افتراضية، فهل تحبينني؟
هي: آه أحبك
هو: آه أحبك.

إبراهيم المصري
ibrahimaaziz@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف