شعر

ترابكَ أرْز

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

(إنشادٌ قديمٌ لفينيق يتخلَّق)

أنا يا أبي كالحياةِ
كبيروت..
حين مادت يدٌ في يدي
عاد بعضي لأرضيَ؛ ما أبشعَ الأرضَ:
كمّ مرّة صرتُ أسلافَنا فانطفأت.
أفتّشُ عن جَلَدٍ لم أذق طعمَهُ ساعةً
وأنقشُ حكمةَ زوبعتي الماثلة
كظلِّ براقٍ يحيطُ بصبري التليد:
عاش عزيزاً
ومات عزيزاً؛
فما وسعتْهُ الصفات.
كلّ نخلٍ أبي يا أبي،
في سماءٍ حديديةٍ ينثني الوعدُ
يبلِّلُ فينيقُ "بيدرَه" بالرجاءِ
وحين تحرَّرَ؛ ماتَ الوريثُ الوحيدُ لحكمتك العالية
منذ عصر الصحابة والعربًُ الطيبون
يجيئون في جبةٍ كالقداسةِ؛
ما كان رتقا أواني
وما أشرقوا ذاتَ يومٍ وزهدي يهدد أطماعهم بالموات!.
أنا فضلُ ما تركوا للضياع
ليحكي الزمانُ لأميْ أساطيرَه:
"يا أم هذا الوليد الفقيد
اشربي من مسام القبور خراباً عصيَّا على الأممِ الغاربة.
شدّي وثاق البلادِ
(فما لان من زمنٍ لستُ أنكره
وما كان أقسى توضَّأتُ بهْ)،
وإني وقد وهن الحبُّ منّيَ يا أمَ من يتعثرُ في الغيبِ؛ أوصيكِ:
إن جاء قولي له ما أقولُ
وأوصيه: لا عرشَ إلا الوطن / ولا ماء إلا الهوامش.
وإن حصدتُه النياشين وهي تسير إلى الهاوية
فقولي له ما أقولُ
ورشّي على جسد الأرضِ من دمه ما يحيطُ نحيبَ الملمّاتِ بالنُذُرِ القادمة".
لكنني حين مال الكتاب المقدّس كي أتلقى العروسَ وأقذفها في مسارب روحيَ
ملتُ / فمالتْ بلادٌ من الخوفِ في القلبِ
مال الغطاءُ المزركشِ بالآيةِ المشتهاةِ
ومال هوىً عربي.
أنا يا أبي لا غذاء يكللني بالتعففِ
لا ماء يَهدي يبَاسَ عروقيْ إلى مخرجٍ للنجاةِ
يناسبُ ظلِّي الطريد،
لا شيء إلا وصاياكَ تثقبُ روحيْ:
"إن طرّز الحبرُ كفّيك كن صادقا"
حينها مال في بؤبؤ الغيبِ ما كنتُ أعرف عن رفقتي الصادقين..
إلى الله كانوا يسيرون
يلقون أحمالَهم
كان ما كان منهم؛
فألقتْ لهم كلُّ قافيةٍ بولد،
وكلُّ جنوبٍ جريحٍ بصائفة من مَسَد!؟
أنا يا أبي ما ورثتُ من الريحِ إلا محيّاكَ:
"إن بلادا تُعلّم طفليْ البلادَ جديرٌ بأسيادها أن ينيبوا إلى الحربِ،
وإن بلادا تعلّم طفليَ معنى الكلام جديرٌ بها أن تَضرّجَ
بالقمحِ/ بالنسوةِ العابراتِ لأشلاءِ أطفالهنّ!،
وإنّ بلاداً سيلعنها الله حتما،
ويبكي على جرف تلمودها النورُ والصلوات".
حقيق على كلّ من قرأ الفتح أن يتدثّر بالفتحِ حينَ
يفيء إلى لغتي من لغاتِ الشعوبِ أباً طيّباً؛
فذاكرتي كالسلامِ انتهت،
ويدي دمُ طفلٍ يموتُ،
وقافيتي كلّ ما نفثَ القبح في روعِ بيروتَ من مُخزيات الخُطب.
أنا يا أبي مُشْرَعٌ لفضاء بليد
خطّ سواي على إثر خَطْوي مداي:
"أفلاكُه نقمةٌ
وقصائدُهُ أيلُ نفطٍ يحكّ بقرنيه أسيادَه الجامحين،
وأقصى أمانيه ألا تفتّتَ أكبادُ أبنائه من سغب!".
كان فينيقُ يتلو اليسيرَ من الضوءِ:
"لا دمَ إلا رسولٌ لـ (لا)
ولا بحرَ يحملنا إن ركبنا هوانَ (نَعَمْ)".
فهل كان فينيقُ يرسلُ أبناءَهُ للعدم؟:
"لا أتناسلُ إلا كأرزِكِ يا أرضُ
أعلى
وأبقى،
فمن ماثَلَ الأرزَ لن يُشبهَ الخانعين".
تاه فينيق مجداً طويلاً فصدَّقَ وهمَ العرب
تاه في مجده
وانتهى كالهزيمةِ منذورةً للتقاويمِ والسادة الفاتحين".
تاه،
لكنه يا أبي صار أبعدُ منّي فنارا؛
وأرحبُ منّي مدارا،
وعلّمني من بلاديَ ما كنتُ أجهلُ:
"طعمَ الدماءِ البريئة مصلوبة في العويل،
وخارطةَ الحربِ مشهودةً من جموعِ المصلّين جيلا فجيل".
قلتُ،
لكن ليليَ ليلٌ طويل
فسرديّة الرُّعبِِ ليستْ تُخبّئها عن "يهوذا" الأناجيلُ:
من ربّها؟
أيّ فتحٍ أرى؟
وأي ضريحٍ سيأوي إليه صراطي الذبيح؟!.
أنا يا أبي كلُّ وعدٍ تخطته أسرابُ من قرؤوا الوحيَ منذ مئات السنين
ولمّا يروا فيه وجه الغزاة القبيح:
يمزِّقُ أجسادَ أطفالِنا
ليبشرَنا بمجيءِ المسيح!!.

30/7/2006م

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف