قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
"كان" 58 ينتصر لرينواروسينما المشاعر الجميلة النبيلة
ويدعو الي السلام و التقارب والتواصل بين الشعوب
كان: اي فيلم ياتري سوف يحصد "سعفة كان الذهبية"؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه الصحافيون والنقاد الآن في المهرجان السينمائي 58 الكبير (أكثر من 4 الاف صحفي ومصور) الذي أوشك علي الانتهاء، حيث يختتم المهرجان أعماله بعد يومين، ويدفعنا في هذه العجالة، الي ترشيح مجموعة من الافلام الجيدة المهمة، التي طهرتنا بجمالها ولطفها وانسانيتها، وغسلتنا برقة وسحر السينما العظيمة، علي الرغم من أن السمة الاساسية يقينا في افلام مهرجان هذا العام، كما سبق ان نوهنا، كانت العنف الذي يمارس علي بني الانسان، في تلك المدن الاسفلتية العربيدة، تحت وفوق الارض، وحتي في اعماق السماء والافلاك والكواكب، كما نبه الامريكي جورج لوكاش بفيلمه "حرب النجوم" من افلام الخيال العلمي،الذي عرض خارج المسابقة الرسمية للمهرجان، وياله من فيلم تافه ساذج حقا وممل..الا انه، لابد اولا من الاشارة هنا، الي تلك المقاطع او المشاهد الصغيرة، من افلام المخرج الفرنسي العظيم جان رينوار، التي كان يعرضها المهرجان، قبل عرض افلام المسابقة الرسمية، في العروض الصباحية المخصصة للصحفيين، والتي كانت توقظ فينا، ونحن لم نستيقظ بعد، توقظ فينا ذلك الحنين الي سحر السينما العظيمة، وأفلامها الرائعة في اعمال ذلك المخرج العملاق، حيث كانت تسطع تلك المشاهد من افلام رينوار، مثل فيلم " كان كان " بطولة جان جابان، وتتألق علي الشاشة، وهي تحاول ان تمسك بروح وجوهر الحياة ذاتها، وتسطع بذلك الفرح العميق، وبراءة الطفولة المحببة، فتجعلنا نتصالح مع انفسنا والعالم، بسحر السينما الفن، ونحب الحياة اكثر، ونقترب اعمق من انسانيتنا، كي نعانق كل الكائنات والموجودات،ونحن نحلم، مثل كل الصغار، بالمغامرة والسفر، واكتشاف العوالم التي لم يسمع بها أحد من قبل،ولا حلم، كما كان يردد عادة الكاتب والمخرج السينمائي الفرنسي جان كوكتو، لاحلم يشبه حلم السينما،.. ثم ندلف الي داخل المياه من دون وجل..وقد كان لتلك المشاهد من افلام رينوار، وقع السحر في نفوسنا، وكانت عادة ماتنتهي بتصفيق حاد من الصالة في قاعة المهرجان الجبارة، والطريف، انها كانت تعرض مباشرة، بعد ان نصعد ذلك السلم في كان الي النجوم، والذي ينتهي عند تلك السعفة الذهبية في قلب السديم الازرق، ثم فجأة، اذا بنا نهبط من السماء الي الارض، كي ندخل مباشرة في احد المشاهد من افلام رينوار، وذلك بمناسبة تكريمه في المهرجان، فنبحر مع الاحبة والعشاق في قارب، كما في فيلم "جزء من الريف"، أو نرقص فرحا بتلك الحياة التي نعيشها الآن في اللحظة، في لقطة من فيلم "كان كان"، ونحن لاننسي ابدا اننا ايضا قطعة من النجوم، وذلك السديم الرباني.ولاشك ان للسينما ارتباط عميق بالصوفية والعشق والروحانيات، وهي اقرب ماتكون الي طقوس شعرو عبادة، كما في افلام ذلك المخرج، بل ان البعض يحب ان يعيش في حلم السينما، كما تقول احدي الشخصيات في فيلم الالماني فيم فندرز"لاتحضر لتطرق الباب"، اكثر من العيش في الحياة ذاتها، اي في قلب ذلك التيار الصاخب المرعب من العنف، الذي يسحبنا الي الفوضي والدمار، ويجرفنا امامه، ولا يد حانية لرفيق علي الطريق تطبطب علي الظهر، ولا يد لحبيبة تنتشلنا من هاوية الرعب والضياع والعدم..
ومن واقع مشاهداتنا لاعمال المهرجان في مسابقته الرسمية، وايماننا بان " كان " 58 سينتصرحتما لسينما رينوار والمشاعر الجميلة النبيلة، نرشح الافلام التالية للحصول علي جائزة "السعفة الذهبية":
*فيلم "المستور" للمخرج النمساوي بيتر هانكه:انه اكثر افلام المهرجان من "سينما المؤلف" اكتمالا وتوازانا، وقد اعجبنا فيه الي جانب الموضوع الخطير الذي يناقشه، وثمة احالة هنا الي، او تشابه في الموضوع مع، فيلم "الطريق الضائع" لوست هاي واي للامريكي دافيد لينش، اعجبنا سيناريو الفيلم المشدود المحكم، من دون ترهل او اضافات اوحشو، والفيلم ككل واحد، أي في شموليته الفنية، يدعو الي التأمل، ويخلق بينه وبين المتفرج مساحة للنظر والتفكر، ويذكربحادثة عنصرية مؤلمة، يندي لها بالعار جبين فرنسا، وراح ضحيتها اكثر من مائتي جزائري، ماتوا غرقا في نهر السين في باريس، وعلي الرغم من ان الفيلم يناقش قضية فردية شخصية، الا انه ينسحب بذكاء علي الفضاء الاجتماعي الفرنسي، اي المجتمع الفرنسي ككل، وعلي تاريخ فرنسا وذاكرتها الكولونيالية الاستعمارية، ويشير واو من بعيد الي حق الجزائريين في ان اعتراف فرنسا بما وقع لهم وتقديمها لواجب الاعتذار، وتتألق في الفيلم الممثلة الفرنسية جولييت بينوش، كما يلعب هنا الفرنسي دانيال دوتوي احد افضل ان لم يكن افضل ادواره علي الشاشة، والمهم هنا ان جرعة السينما في الفيلم تمنح لنا من دون زيادة او نقصان، كما ان نهايته المفتوحة، تجعلنا نحمله معنا، بعد ان نخرج من القاعة، كي يصبح موضوعا لتساؤلاتنا، وهو علي الرغم من ذهنيته التي قد تبدو احيانا مفرطة او مفبركة، يظل طوال الوقت محافظا علي توازنه من دون رهرطة، ولما فيه من تشويق ايضا واثارة. ونمنح فيلم هانكه سعفة كان الذهبية، سعفة العقل.
*فيلم "لا تحضر لتطرق الباب" للمخرج الالماني الكبير فيم فندرز: نمنحه سعفة "كان" الذهبية، سعفة القلب، ونعتبره لغنائيته وعذوبة موضوعه، "الابوة او الحاجة الي أب" ومعالجته الانسانية العاطفية الشاعرية الذكية من اجمل افلام المهرجان واكثرها رقة وعذوبة.تكفي موسيقاه وذلك المنظر الطبيعي الرائع في الغرب الامريكي، وفي تلك البلدة الصغيرة، ويكفي ان تجد في الفيلم انسانا مازال يحبك بعد فترة فراق لمدة ثلاثين عاما وكسور، والفيلم كله يغسل امريكا من القبح الذي صورت به في افلام العتف والدم والمطاردات المثيرة، ويلونها من جديد بألوان البراءة والابوة وقوس قزح. لاتحضر لتطرق الباب هو فيلم عن الامل، الامل في ان يعود الينا وعينا، فنستيقظ من سباتنا وانانيتنا. كي نغرف من حياة الحاضر، ونتصالح مع انفسنا والعالم.وربما كانت تلك " المصالحة " هي عماد الفيلم، الذي وجدناه امتدادا لفيلم "باريس. تكساس" لنفس المخرج، الذي حصل به من قبل علي سعفة "كان" الذهبية.. انه درس في السينما "الرومانتيكية" العظيمة، وغسيل عيون، وهو ايضا تحية الي امريكا والت ويتمان، الشاعر الامريكي العظيم، امريكا الحرية والديمقراطية، امريكا الانسانية التي تعيش بالمشاركة، واقتسام لقمة الخبز مع الآخرين. انه درس عظيم في السعادة، كيف نعيشها وكيف نصنعها وكيف نتطهر من ذنوبنا، ونتصالح مع انفسنا والعالم. هذا فيلم يمنح الممثلة القديرة جيسكا لانج لاشك افضل ادوارها، ونرشحها للحصول بهذا الفيلم علي جائزة أحسن ممثلة. ولو كان معنا رينوار لكان صفق لفيم فندرز علي فيلمه واحتضنه وعانقه، وربما كانت هذه ايضا رغبتنا، ونريد ان نعبر بها هنا عن عميق امتناننا لهذا الفيلم الذي غسلنا من عنف افلام المهرجان ودمويتها ورعبها، وربما كان الفيلم يستحق سعفة كان فقط لتصويره الرائع وايقاعه وموسيقاه، وتلك النماذج النسائية الشامخة التي يعرضها، وهو يراهن علي ان المرأة هي مستقبل الانسان.، وبهذا الفيلم يعود الينا فيم فندرز في صحة وعافية ويسترد بذلك الفيلم شبابه ويعيد الينا ايضا شبابنا، علي سكة افلام الطريق كما في فيلمه الاثير "اليس في المدينة" و"الصديق الامريكي " وغيرهاو المفتوحة علي مغامرة الحياة وفلسفة الزن واجنحة الثواب والرغبة، كي ندلف الي داخل المياه من دون وجل، بعد ان نكون حلقنا بسحر السينما وفنها، مع الطيور السابحات في تلك الآفاق التي تمتد تحت شمس الرب، هنا علي الارض، والي ما لانهاية..
*فيلم "الزهور المتكسرة" للامريكي جيم جامروش:من اجمل والطف الافلام الرقيقة الانسانية التي عرضها المهرجان. انه رحلة في ذاكرة وماضي انسان امريكي عازب، صنع ثروة من خلال عمله كمهندس كمبيوتر، وتصله رسالة وردية من دون توقيع، رسالة حب من احدي عشيقاته، لابلاغه بان له ابنا حملت به احدي وقد خرج ليبحث عن ابيه، لكن من تكون تلك العشيقة ؟ عليه اذن ان ينقب في ماضيه ويبحث عنها، انه رحلة لبطل الفيلم – الممثل الامريكي القديربيل موراي الذي يشمخ بتمثيله هنا، ويجعلنا نضحك ونتأسي معه طوال رحلته في امريكا، و نرشحه للحصول علي جائزة أحسن ممثل عن دوره في هذا الفيلم الفكاهي الجميل النبيل، وينتهي ايضا بعلامة استفهام كبيرة، وتتألق فيه جيسكا لانج، في دور السيدة- كانت محامية سابقة- السيدة التي تستطيع ان تتكلم مع الحيوانات المنزلية الاليفة، تتواصل معها وتحادثها وتفهم لغتها بالايماءة والاشارة، والله كما ضحكنا في هذا الفيلم الجميل علي مواقفه وقفشاته الكوميدية النظيفة، ومااشبه بيل موراي بنجيب الريحاني، وماصعب ذلك الدورالذي اداه بالصمت وحده وباقل حركة، و ايماءة، واشارة. وهناك افلام اخري سوف تحصد احدي جوائز "كان" لاشك، ونعتقد ان فيلم "منطقة حرة" للاسرائلي أموس جيتاي سوف يكون حتما من بينها، وهو اول فيلم اسرائيلي يصور في الاردن، ويتلقي دعما من اللجنة الاردنية الملكية كما تبين لنا من خلال تترات الفيلم..
ويمكن ان نضيف الي قائمة الافلام التي نرشحها للحصول علي سعفة "كان" الذهبية، فيلما رابعا رائعا نعتبره "تحفة" سينمائية، ونعني به فيلم "ثلاث مرات" للمخرج التايواني الكبير هو سياو سين، وهو آخر فيلم عرض في مسابقة المهرجان، ونعتبره "ماسة" سينمائية حقيقية. بأسلوبه وعذوبته ورقته، وكان بمثابة كوب عسل، في المصطلح المطبخي، وعلي اعتبار ان مصطلحات فن الطهي، هي جديرة ايضا بالاستخدام، أليس كذلك ؟ وأن افلام السينما كما كان يقول هيتشكوك،هي مثل الطعام الذي نأكله.بل ان المعلم هيتشكوك كان يحلم بأن يصنع فيلما يحكي فيه عن دورة الطعام، خلال 24 ساعة داخل مدينة، ومن عند لحظة الاستيقاظ من النوم..
كان ذلك الفيلم "ثلاث أوقات" للتايواني هو سياو سين، مثل كوب عسل، يندلق في حلوقنا، فيرطب ارواحنا، بعد العنف والحرب، اللذين عانينا منهما الامرين، وكدنا نخرج، ونحن نلعن "كان"، وافلام السينما التافهة تلك، التي صارت بعنفها ودمويتها بضاعة في سوبر ماركيتات المهرجانات، كي نهرب الي البحر المتوسطي الكبير، أو نتصعلك علي شريط كورنيش الكروازيت، ونستنشق هواء "كان" العليل، وتلك النسمات الطرية الطازجة القادمة من البحر تحت الشمس الافريقية العفية..
فيلم"ثلاث اوقات" هو من اجمل الافلام التي عرضها المهرجان فنيا وانسانيا وكل شييء، حيث يحكي عن ثلاث قصص حب، تقع في ثلاث فترات زمنية مختلفة، في تاريخ تايوان، في عام 1966 ثم في عام 1911 وعام 2005 . يحكي الفيلم الذي يترجم عنوانه بالصينية الي "أحلي الاوقات"، يحكي عن الذاكرة والتاريخ، لكي يقول لنا ان افعالنا، والطريقة التي نتصرف بها، تتأثردوما بعامل الزمن الذي نعيش فيه، والاوضاع الاجتماعية والتاريخية والسياسية، التي تتحكم في العلاقات بين البشر، وتلك المشاعر، ومن ضمنها مشاعر الحب التي تحكمنا. وهو يحلق بنا فنيا، حين نروح نستمتع بجمال الفيلم وانسيابيته، وننزلق علي بساط من دانتيلا وحرير، كما في قصيدة لجاك بريفير عن المطر، ننزلق الي متعة السينما الفن، التي تمارس سحرها علينا بكل قوة، وتجعلنا طوال الفيلم، ومن شدة جماله، وشفافيته، نحبس انفاسنا، ونحن نردد ان يا الهي هذه هي السينما الفن، أرقي أشكال التواصل والتخاطب، وكما يجب للسينما ان تكون. هذا هو التطريز الفني السينمائي علي اصوله، وبحنكة ومهارة وذكاء ومعلمة، وارفع تجسيد لحب الحياة، وعشق الوجود. يحكي هو سياو سين عن ذكريات شخصية وبخاصة في فترة 1966 في فيلمه، وكان عندئذ مهووسا بأغنية "مطر ودموع" التي كان يغنيها اليوناني ديموس ريتسوس في فرقة "افروديت تشايلد" في زمن الستينيات العظيم، ذلك الزمن الذي صنع باغانيه تلك وافلامه وجداننا، يخكي هو سياو بنفس وايقاع شرقي صوفي متمهل، فيجعل من فيلمه "ايقونة" سينمائية، وتكريما وتحية الي "احلي الاوقات" والذكريات التي صنعتنا. ويقول هو سياو: " ان حياتنا مليئة بتلك اللحظات والذكريات المجزأة،التي لا نستطيع ان نسميها، أوان نصنفها، وهي لحظات بلا اهمية تذكر، لكنها تسكن في الدماغ، وتمكث هناك، ولا تهتز. مثلا كنت احب في شبابي ان العب بلياردو، لذلك مازلت اتذكر بعض مقاطع من اغنية " دخان يتسلل الي عينيك" التي كنت اسمعها أنذاك في صالة البلياردو، لكني اقترب الآن من سن الستين، ومازالت هذه الذكريات تقبع هناك، حتي صارت قطعة من كياني، واحملها معي اينما ذهبت، وكنت فكرت ان افضل طريقة لاعترافي بجميلي نحوها، هو ان اصورها واصنع منها فيلما، ومازلت اعتقد بانها مازالت تمثل بالنسبة الي " احلي الاوقات " التي عشتها في حياتي، ليست الاحلي لانني لا استطيع أن أنساها، بل الاحلي لانها اشياء ضاعت وانتهت الي الابد، وهي الاحلي لانها مازالت الشييء الوحيد العالق بذاكرتنا، ولا اعتقد بأن فيلم هذا سيكون أخر فيلم اصنعه عن تلك الذكريات..".وتجدر الاشارة هنا الي اننا نرجح حصول فيلم " الطفل " للشقيقين البلجيكيين جان بيير ولوك داردين علي جائزة من جوائز المهرجان مع فيلم " ماندرلي " للدانمركي لارس فون تريير، لكننا نستبعد فوز اي منهما بجائزة السعفة الذهبية ..
كما نستبعد حصول فيلم المخرج الاسرائيلي أموس جيتاي "منطقة حرة" الذي تشارك في بطولته الممثلة الفلسطينية هيام عباس علي اية جائزة، اذ يطرح من خلال3 نساء، امريكية واسرائيلية وفلسطينية، يطرح خطابا سينمائيا جافا، لاشك يدعو الي السلام والتقارب والتفاهم، وايقاف عجلة و دورة الرعب والدمار والدم في فلسطين، لكن من غير فن، في ماعدا المشهد الاول في الفيلم،الذي نعتبره طقسا روحيا رائعا، وفيه تشدو مغنية بمرثية مؤثرة من كتاب "الهاجادا" المقدس عند اليهود امام حائط المبكي، في ماتجهش الامريكية في السيارة في الفيلم، تجهش بالبكاء، في حين تسطو المغنية بشدوها علي ارواحنا، بذلك القصيد الصوفي الانساني، ويكاد يكون اشبه بقصيدة لوليام بليك، أو رابندرانات طاغور. نشيد يحكي صحيح عن الالم، لكنه يجدد الدعوة الي النهوض، والانتفاضة، كمايدعو الي الامل، ويذكر بعذابات الفلسطينيين وسط الاحتلال، والحريق الكبيرالذي سوف يأتي علي كل شيء، كما يحدث لتلك الواحة الفلسطينية من النخيل في الفيلم، وتأتي عليها النار بأكملها وتدمرها. وحيث يصرح أموس جيتاي في الفيلم،علي لسان المرأة الاسرائيلية بأن اسرائيل حالها واقف وراكد، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، بسبب شيئين: الانتفاضة الفلسطينية،وأزمة البطالة في اسرائيل. تلك الازمة التي جعلت اصحاب المزارع، بعد منع العمال الفلسطينيين من الدخول الي اسرائيل يلجأون الي تشغيل عمال من تايلاند، ثم طردهم بعد فترة بسبب الازمة الاقتصادية التي استفحلت.
ونعتبر الفيلم، الذي لم يعجبنا، بسبب ضعف مستواه الفني، حيث بدا لنا اشبه مايكون بـ"خطاب" فكري جاف وبه الكثير من الادعاء، ولم تكن هناك ضرورة او حاجة ملحة ابدا لصنعه، ولم نلمس فيه حرارة افلام جيتاي الاخري "الضرورية"، و الاكثر فنية، والمناصرةللفلسطينيين، مثل فيلم "كادوش" او قدسي، الذي يحكي عن سيطرة اليمين الاسرائيلي الديني المتطرف علي الحياة الاجتماعية والسياسية في البلاد، بالاضافة الي افلام جيتاي التسجيلية الاخري، مثل "مذكرات حملة" و"الوادي" و"البيت"، وهي الافلام التي طرد جيتاي بسببها من اسرائيل، فغادر وعاش في المنفي، واعتبر متمردا ومنشقا علي المؤسسة اليهودية الصهيونية، لحين.. بدا لنا فيلم "منطقة حرة"، الذي ينتمي الي افلام الطريق، رود موفي، بدا لنا ذهنيا وجافا ومصنوعا، لذلك تجد ان الحوار في الفيلم، هومجرد كلام مكتوب، وبلا روح، وحين تنطق الشخصيات "الكرتونية" في الفيلم، فانها، لاتنطق الا بتصريحات لمخرجنا، تعبر عن "رؤيته" هو للوضع السياسي في بلده اسرائيل، ولذا جاء الفيلم مجرد مجموعة " نمر " تمثيلية، بمعني، في النهاية، لايوجد فيلم. لايوجد الا هذا النشيد الصوفي الروحاني، الذي هزنا من اعماقنا بكلماته ولحنه وموسيقاه، بصوت تلك المغنية الاسرائيلية العبقرية. ألم يكن هذا النشيد وحده يكفي ؟ او لم يكن كل ماحدث بعد ذلك في الرحلة مجرد " تركيب" فني مصنوع، ويفتقد لاية مصداقية؟ اجل يريد جيتاي ان يقول، انه يتمني ان تصبح تلك المنطقة" التجارية " المحررة علي ارض الاردن، نموذجا يحتذي به للتقارب بين سكان المنطقة، غير ان هذا الامر وحده لايكفي، وعلي الرغم من كافة النوايا الطيبة، لصنع فيلم..
والمؤكد في نظرنا ان احد هذه الافلام الاربعة الأخيرةالتي ذكرناها، سوف يفوز بجائزة من جوائز "كان" السينمائي 58 الاخري، هذا ان لم يفز ب "سعفة كان الذهبية"..
متابعات أخرى لمهرجان كان