فلم كتاب أسود
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كتاب اسود : آخر افلام الهولندي فرهوفن
عودة الابن الضال المرشح إلى الاوسكار
أمستردام - صلاح حسن : بعد ثلاثة عشرين عاما من النجاحات المتتالية التي سطرها في سجل هوليود يعود مخرج الجندي البرتقالي والفاكهة التركية باول فرهوفن إلى هولندا بفيلمه الجديد " كتاب اسود " لينعش الحياة السينمائية الهولندية التي ما تزال تبحث عن مكان مناسب إلى جوار مثيلاتها الاوربية. كان يمكن لهذا الفيلم ان يرى النور قبل ثلاث سنوات من ألان لو إن مخرجه استطاع ان يقرر في ذلك الوقت من ستكون الشخصية الرئيسية أو المحورية في الفيلم. فقد ظل يصارع ثلاث سنوات بين ان يكون محور الفيلم عن الخيانة أو عن المقاومة في الحرب العالمية الثانية اثناء احتلال المانيا النازية لهولندا. ولكنه في النهاية قرر ان يكون المحور الرئيسي عن المقاومة وان يكون الدور الرئيسي في الفيلم لامرأة وليس لرجل. من يشاهد الفيلم سيفهم قلق المخرج الذي ظل يفكر ثلاث سنوات من اجل ان يكون فيلمه واضحا للجميع، خصوصا نقاد السينما الهولنديين الذين شنوا حملة قاسية على المخرج في منتصف ثمانينات القرن المنصرم دفعته إلى الهجرة إلى هوليود عام 1985.
السيناريو
السبب الوحيد الذي اضطر المخرج إلى الانتظار ثلاث سنوات قبل ان يقرر من ستكون الشخصية الرئيسية في الفيلم هو خلل في السيناريو الذي كتبه السينارست المزمن لفرهوفن (خيرارد زوتمان) بالاشتراك مع المخرج. اذ إن هناك شخصيتين تسيران في مستوى واحد من النمو أو تسيران على خط واحد من التطور اثناء مجريات تقدم الفيلم هما شخصية الخائن (توماس هوفمان) وشخصية الفتاة المقاومة راخيل (الممثلة كرسه فان هاوتن). وكان المخرج يعتقد بنجاح هذه التقنية حين جعل شخصية الخائن غامضة حتى النهاية، بينما جعل الشخصية الاخرى الموازية لها واضحة حتى النهاية. ومع القليل من الحيل الهوليودية قدر انه سيكون بمقدوره ان يتجاوز هذا الخلل الكبير.
يتحدث الفيلم الذي استغرق عرضه ساعة وخمسا واربعين دقيقة وكلف 17 مليون يورو (اعلى كلفة لفيلم هولندي) عن فتاة يهودية ستكون الناجية الوحيدة بعد ان يقتل افراد عائلتها اثناء فرارهم من هولندا بسبب خيانة تخترق المقاومة الهولندية. وبسبب هذه المأساة الشخصية التي حدثت للفتاة تقرر ان تعمل مع المقاومة وتقدم من اجل ذلك كل ما تستطيع من اجل دحر الاحتلال بما في ذلك النوم في فراش المحتل
الذي تخترقه بسهولة عجيبة وهو خلل آخر في هذا السيناريو. يبدأ الفيلم بمشاهد سريعة عن كيبوتز في اسرائيل تقوم فيه الفتاة راخيل بالعمل كمدرسة ثم يبدأ الفلاش باك مع بداية دخول القوات النازية إلى الاراضي المنخفضة وعمليات الانزال الجوي. ولا تستغرق هذه المشاهد سوى ربع ساعة من الفيلم الذي يطول إلى سبعة اضعاف هذه الفترة ليتحول إلى فلاش باك طويل، أي ساعة ونصف من مدة الفيلم كله.
رغم إن المخرج فرهوفن قدم العديد من الافلام الناجحة في هولندا وهوليود على حد سواء مثل " غرائز اساسية، الموديلات " ذات الحركة والاثارة، لكنه في هذا الفيلم يعود إلى طبيعته الهولندية المتسمة بهدوء الايقاع ورتابته احيانا رغم الكثير من مشاهد العنف التي تتطلب حركة سريعة وايقاعا متصاعدا. الغريب في الامر إن الخبرة التي اكتسبها المخرج من هوليود في السنوات العشرين الاخيرة لم تساعده في تجاوز تلك الطبيعة الرتيبة التي تعد ركيزة قارة في الشخصية الهولندية. الشيء المختلف حقا هو التصوير ولغة الحوار وبعض الحيل الهوليودية في تنفيذ بعض المشاهد التي تتطلب حركة وانفعالا واثارة. ففي الوقت الذي كانت الكاميرا فيه تنقل الاجواء الحسية والمشاعر الغامضة لشخصيات الفيلم بسلاسة واضحة، كان الحوار معاصرا ويقترب من لغة الشارع ولا يخلو من التجديف والمفردات الجارحة التي يستخدمها الشباب الهولندي اليوم، على العكس تماما من لغة الاربعينات التي كانت تتميز بالتهذيب والاحترام وقت وقوع الحرب. هل اراد المخرج ان يقول إن ما يحدث ألان هو امتداد لما حدث ؟ !
التمثيل
. في فيلم " كتاب اسود " لم نلحظ تلك التلقائية عند بطلة الفيلم (كرسه فان هاوتن) التي لم تظهر عليها مشاعر الخوف وهي تدخل عرين الاسد الهتلري (ملتزه) الممثل سباستيان كوخ الذي ادى شخصية الضابط الالماني بهدوء وشفافية واتقان. وما عدا ذلك نمطية وصناعة تفتقر إلى الخيال والارتجال والحركة المتحررة من اطار الكادر الضيق. لم نلمس الكثير من التلقائية إلا في اداء زعيم المقاومة المزعومة توماس فريدمان الذي بدا هو الاخر كجندي مرتزق أكثر من كونه مقاتلا بحيث ظلت مشاعره ثابتة حتى النهاية، فلم يكن خائفا ولم يكن مترددا وبدا وكأنه يرتدي قناعا. باستثناء الممثل القدير ديريك دي لينت الممثل الوحيد الذي بقي مع فرهوفن بعد فيلمه الاخير عن الحرب والذي اشتهر بأفلامه " خفة الكائن التي لا تحتمل، ثلاثة رجال وطفل) وهو الممثل الهولندي الوحيد الذي حصل على جائزة اوسكار.
بريد قسم السينما في أيلاف
cinema@elaph.com