حصاد عام 2006 السينمائي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
هوليود تقترب من المحرمات وعام متوسط للسينما العربية!
محمد موسى - أمستردام:يمكن وصف نتاج عام 2006 السينمائي بعام كسر المحرمات السينمائية ومقاربة المواضيع الأجتماعية والتاريخية الحساسة والتي كانت السينما الشعبية وخاصة الهوليودية تتردد في التعرض لها لاسباب غير واضحة تماما، أسباب لا تنحصر فقط في الخوف من الجمهور المحافظ - وخاصة في أمريكا- وعدم الرغبة بمواجهته بقضايا لا يستسيغ ان يراها على الشاشة لكنها قد ترجع الى شائكية هذه المواضيع وعدم توفر رؤية او طرق معالجة لدى صناع الأفلام أنفسهم.
احد الأفلام التي اثارت الكثير من الجدل والأهتمام كان فلم "جبل بروكباك" (brokeback mountain)، الفلم الذي يتناول قصة حب بين اثنين من الشباب من رعاة البقر الأمريكيين حقق نجاحا نقديا وجماهيرا كبيرا رغم موضوعه الذي يتناول المثلية الجنسية وهي احدى المواضيع الحساسة في الكثير من دول العالم.
أما الفلم الذي حاز على أوسكار السنة الفائتة فيتعرض لواحد من أكثر المواضيع حساسية في أمريكا والعديد من دول العالم. فلم "التصادم" (Crash) يتناول ظاهرة العنصرية في أمريكا من خلال أحداثه التي تجري في مدينة لوس أنجلس الأمريكية، الفلم الذي يصور ليلتين في مدينة لوس أنجلس الأمريكية يتعرض الى نماذج مختلفة في المدينة وكيف تتصادم مثل هذا الشخصيات مع بعضها.
واحد من الأفلام الصغيرة الأخيرة التي اثارت ضجة كبيرة في أمريكا رغم عرضه على نطاق محدود كان فلم "الحلوى القاسية" (Hard Candy) والذي يتناول ظاهرة الأنجذاب الجنسي الشاذ الى الأطفال، الفلم يسير عكس التوقعات عندما تسيطر الفتاة الصغيرة على مصير الشاب الذي حاول أستغلالها.
العام الفائت شهد ايضا عشرات الأفلام الناجحة وأعمال كبيرة لمخرجيين كبار امريكيين وأوربيين. المخرج الأسباني الكبير "بيدرو الموديفر" (Pedro Almodoacute;var) عاد بفلم رائع عن عالمه المفضل من الشخصيات النسائية.
فلم "العودة"(Volver) حقق نجاحا كبيرا في اوربا والكثير من الجوائز منها جائزة أفضل فلم في مهرجان الأفلام البريطانية وجوائز كان للتمثيل وتشاركت بها نجمات الفلم السته!
عام 2006 شهد أيضا فلما جديدا للمخرجة الامريكية الشابة "صوفي كوبولا" (Sofia Coppola)، فلم كوبولا الأخير "ماري انطوينت" (Marie Antoinette) كان مفآجاة للجميع بسبب موضوعه التاريخي الذي يدور عن الملكة الفرنسية.
عودة الأبطال
رغم النجاح الفني والتجاري للعديد من الأفلام الفنية الصعبة الا ان هوليود لن تتخلى عن مسارها التجاري في صناعة أفلام تحقق ايرادات تتجاوز سقف المليون دولار وهو الرقم الذي يفصل بين فشل / نجاح متوسط او نجاحا تجاريا كبيرا.
أفلام الأبطال التقليديين والسلسلات هي بيضة الذهب الدائمة لهوليود، الابطال الشعبيون القادمون من عوالم رسوم الكارتون او الأبطال الذين صنعتهم هوليوم نفسها قادرون دائما على جذب الجمهور المتطلع دائما لصورة البطل المعروف الأمين والذي يعود دئما.
عام 2006 شهد عودة البطل سوبر مان بعد اكثر من 15 عام على غيابه، السلسلة التي توقفت عام 1987 بسبب اصابة بطلها السابق الممثل "كريستوفر ريفر" (Christopher Reeve) بحادث ادى الى شلله الكامل ووفاته قبل عامين.
فلم "عودة سوبر مان" حقق ايرادات كبيرة بلغت أكثر من 200 مليون دولار وقدم صورة مختلفة قليلة عن واحد من أشهر أبطال الحكايات. الفلم شارك ببطولته النجم "كيفين سبيسي" (Kevin Spacey) وأخرجه المخرج "براين سنجر" (Kevin Spacey)
العميل السري البريطاني جيمس بوند عاد ايضا في نهايات عام 2006(الفلم مازال يعرض في السينمات) بعد توقف 4 سنوات بسبب أعتزال نجمه السابق "بريس برونين" (Pierce Brosnan) عن اداء الدور ومصاعب العثور على بطل جديد.
النجم "توم كروز" (Tom Cruise) عاد مع سلسلتة الشهيرة "المهمة المستحيلة" (Mission: Impossible III). الفلم الثالث في سلسلة الأفلام هذه حقق نجاحا تجاريا كبيرا (بلغت الأيرادات133 مليون دولار) وقدم مستوا رفيعا من الأثارة وجهد تمثيلي واضح وخاصة الممثل الكبير "فليب سيمور هوفمان" (Philip Seymour Hoffman).
تميزت نسخ عام 2006 من أفلام الأبطال والسلسلات بتقديم مختلف وعنيف لشخصيات الأفلام والقصص برمتها. يبدو ان عنف العالم الخارجي وتصاعد ظواهر الأرهاب والحروب المشتعلة في أماكن مختلفة من العالم قد أثر على صورة العنف وحجمه وشخصيات أبطاله.
في فلم "الكازينو الفاخر" (Casino Royale) وهو المهمة الجديدة للعميل السري البريطاني قدمت شخصية جيمس بوند تقديم معتم وشديد القسوة، بطل فلم جيمس بوند الأخير نفسه هو لا يمثل صورة البطل التقليدي لهكذا نوع من أفلام.
من الاشياء اللأفته في أفلام أبطال هذه السنة هو حضور موضوع الأرهاب في أفلامهم، الأرهاب العالمي والذي لم يتخذ هوية معينه كان أحد التحديات التي واجها جيمس بوند او التي واجها بطل فلم المهمة المستحيلية.
حضور موضوع الأرهاب في الكثير من أفلام هذه السنة هو بالنهاية شيء متوقع تماما، سينما الأثارة التي عليها دائما التجديد وتطوير نفسها وايجاد مواضيع مثيرة لا يمكن ان تقدم قصص هي أقل مما يجري في بعض المناطق من العالم من حروب وارهاب منظم لا يتورع على القيام باشياء فظيعة.
عام مشاكل النجوم
عام 2006 شهد مجموعة من المشاكل المحرجة لنجوم معروفيين قد تؤذن بنهايات لنجاحات هائلة للبعض منهم. شركات السينما في هوليود تجتهد كثيرا في صناعة "ايقونات سينمائية" لانها تعي أهمية النجم الكبيرة في سينما مازلت تحتفظ بتقاليد سينما البطل الواحد بمواصفات لم تتغير كثيرا.
المشاكل التي يقع فيها النجوم او تصرفاتهم الغربية لم تعد تعجب مسيري هوليود، لم يعودوا يروا فيها أثأرة ما يمكن ان تجذب الجمهور او تثير فضوله، هذه الشركات لا تريد أن تغامر اصلا في قضايا حساسة قد تؤثر على مداخيل الأفلام للنجوم المشتركيين بها.
الشركات الكبيرة لم تعد تتردد في الأستغناء عن نجم شعبيون كبار من أجل أرضاء الجمهور المحافظ.
شركة "باراموت" (Paramount) السينمائية أعلنت أستغنائها عن النجم "توم كروز" بطل سلسلتها الناجحة "المهة المستحيلة ". مدير الشركة أعلن ان الجزء الأخير للسلسلة قد خسر مايقارب ال100 مليون دولار بسبب أستهزاء توم كروز بطرق العلاج النفسي الحديثة واستخدام الأدوية لبعض الأمراض النفسية (وهو ما يتعارض مع مباديء الجماعة الدينية المغلقة والسرية و التي ينتمي اليها النجم كروز).
توم كروز كان حديث الصحافة والجمهور عندما تصرف بطريقة عفوية في برنامج أوبرا وينفري، التصرفات التي أعتبرها الكثيريين بالسخيفة والمفتعلة كانت ايضا ضمن الأسباب التي قدمتها الشركة الهوليودية المنتجة والتي تبرر قرارها بالاستغناء عن النجم الكبير.
النجم الأسترالي الأصل "ميل غيبسون" عانى هو الآخر من سنة صعبة، النجم الذي يتجه منذ أعوام للأخراج والأنتاج عرف النجاح الكبير جدا مع فلمه عن المسيح والذي عرض في في عام 2005.
ميل غيبسون قبض عليه قبل اشهر بسبب سياقته مخمورا وصرح بعد ذلك بتصريحات تنتقد اليهود ونفوذهم. النجم تعرض بعد ذلك الى موجة انتقاد حادة من الوسط السينمائي الأمريكي والأعلام هناك حتى ان بعض الممثليين من اصول يهودية وغيرهم صرحوا بانهم لم يعملوا ابدا مع النجم في أعماله السابقة.
الحصاد السينمائي العربي
يمكن أعتبار عام 2006 السينمائي العربي بعام النيات الكبيرة وعام الفلميين "حليم" و"عمارة يعقوبان"، الفلمان الذي أنتجتهما شركة الأعلامي المصري عماد الدين اديب خلقا نوعا من الحراك والجدل الفني مازال دائرا الى اليوم.
الفلمان الذان حركا ضجة سينمائية صحية يتبايان في المستوى الفني، فلم "حليم" الذي يتعرض لبعض المحطات المهمة في حياة المطرب الكبير عبد الحليم حافظ عانى كثيرا من استعمال صانعوه في أنتاج فلم عن حياة المطرب الراحل ومن بطولة النجم الراحل احمد زكي والذي كان يمر بظروف صحية صعبة جدا.
فلم "عمارة يعقوبان" حظى بأهتمام اكبر ودعاية ممتازة كانت في جزء منها ترتكز على الشعبية الكبيرة لرواية الروائي المصري علاء الأسواني بالاسم نفسه والتي حققت نجاحا كبيرا.
الفلم ايضا كان الفلم الأول للمخرج الشاب مروان حامد الذي وفق بتقديم شريط صوري جيد وقدم فلما بدا واعيا بتميز وتنوع البيئة المصرية وطبقات اجتماعية مصرية آفلة او في طريقها الى الأفول.
السينما المصرية قدمت أفلام عديدة كثيرة خلال عام 2006، افلام أقل للنجوم الكبار وحضور كبير للنجوم الشباب.
السينما المصرية يبدو مازالت تبحث عن هويات ما، هوية تحقق المعادلة الصعبة بين صناعة سينمائية وسينما جيدة تخرج من أطار التهريج الفادح الذي شهدتة الأعوام الماضية.
الممثليين الكومديون قدموا أفلام وبحصص متساوي تقريبا لكن من دون النجاح التجاري الكبير لافلام سابقة لهؤلاء النجوم.
النجم الكوميدي محمد هنيدي قدم في عام 2006 فلم "وش اجرام" عن سيناريو كان يفترض ان يكون مبتكرا قبل يسقط في التبسيط والأسفاف. ومحمد سعد قدم فلما هوجم بشدة من قبل الصحافة المصرية لكنه حقق ايرادات كبيرة بلغت 20 مليون جنيه مصري.
عام 2006 شهد تكريس النجم احمد حلمي كاحد نجوم الكوميديا الجدد الواعيين، احمد حلمي قدم كوميديا جيدة ومثقفة في فلم "جعلوني مجرما"، الفلم الذي حقق نجاحا تجاريا عند عرضه قد يعطي بعض الثقة للمنتجيين للأكثار من أعمال كوميدية ذكية لا ترتكز دائما على جهد البطل واسلوبه.
عام 2006 شهد حضور مكثف للكثير من النجمات والنجوم، نجمات من جيل سابق مثل يسرا وليى علوي كن حاضرات بقوة في افلام متعددة اضافة الى الحضور المستمر لنجمات شابات مثل هند صبري ومنى زكي وحنان الترك.
الحضور الشاب القوي لمخرجات مصريات كان ايضا من علامات عام 2006 السينمائي. أفلام المخرجات المصريات الشابات تتميز بشكل عام بسعيها لخلق سينما حميمة بسيطة شابة، سينما لا تتورط في أدعائات او تكرار لموجات السينما المصرية التجارية. عام 2006 شهد عروض أفلام "ملك وكتابة" للمخرجة كاملة ابو ذكرى و"قص ولزق" للمخرجة هالة خليل.
السينما المصرية فقدت في عام 2006 مجموعة لا تعوض من نجوم وممثليين زمن الستينات والسبعينات، في عام 2006 غابت الممثلة الكبيرة هدى سلطان وماجدة الخطيب وعبد المنعم مدبولي وحمدي غيث وفؤاد المهندس.
المخرج التونسي الكبير ناصر الخمير قدم في عام 2006 تحفة سينمائية ستصمد أختبارات الزمن. فلم "بابا عزيز" واحد من الأفلام المهمة ايضا لموضوعها الذي ينجح في ابراز جانبا آخر من التاريخ الاسلامي والفقة الصوفي، صورة أخرى قد تكون الجواب على دعوات التكفير والالغاء التي تمارس في كل مكان في العالم الأسلامي.
من الأفلام المهمة ايضا والتي أنتجت العام الماضي كان فلم المخرجة التونسية سلمى البكار "خشاش" وفلم الجزائري محمد شويخ "دوار النساء" وفلم العراقي محمد الدراجي "احلام" والذي صور في ظروف بالغة الصعوبة في بغداد وتعرض مخرجه للأعتقال اكثر من مرة أثناء تصوير الفلم.
السينما التسجيلية العربية
وفرت الفضائيات التلفزيونية والمهرجانات السينمائية العربية الفرصة لمشاهدة الكثير من النتاج التسجيلي الجيد لمخرجيين عرب في العالم العربي او يعيشون بعيدا.
التكلفة القليلة نسبيا لانتاج الأفلام التسجيلية ودخول تقنية الديجتل ساعد على انجاز عشرات من الأفكار الأصيلة ودخول الكثير من الهواة الموهوبون الى عالم الفلم الوثائقي.
من الأفلام عام 2006 المتميزة كان فلم "من يوم مارحت" للممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري، الفلم الذي يروي جزءا من العلاقة الحميمية التي كانت تربط بكري بالكاتب الفلسطيني الراحل أميل حبيبي ويروي ايضا جزء من حياة فلسطنيي اسرائيل وهم الفلسطنيين الذي بقوا في اراضيهم عام 1948.
المخرجة الكبيرة مي المصري قدمت في نهايات عام 2006 فلم "يوميات بيروت" الذي يحكي بعضمن يوميات بيروت ما بعد أغتيال الحريري، الفلم حظي ايضا باهتمام نقدي كبير وحصل على جائزة معهد العالم العربي السينمائية. من لبنان كان هناك ايضا فلم وائل ديب "وجوه معلقة على الجدار" الذي يحكي قصة المخطوفيين من ايام الحرب الأهلية اللبنانية من خلال مقابلة طويلة مع ام احد المخطوفيين.
عام 2006 شهد مجموعة جيدة من الأفلام التسجيلية العراقية، الأفلام التي صورت قبل موجة العنف الأخيرة وعرضت في المهرجانات وبعض الفضائيات العام الماضي أجتهدت رغم الظروف الأمنية الصعبة في نقل بعض ما يجري هناك من تغييرات ومصاعب كبيرة جدا.
المخرج العراقي المقيم في باريس قدم فلم "العراق أغاني الغائبيين" عن رحلة للكاميرا من جنوب العراق الى شماله اما المخرجة العراقية المقيمة في بريطانيا ميسون الباجه جي فلقد قدمت فلم "العراق بلد العجايب" وفيه تسرد جزء من عودتها الشخصية الى مدينتها وبعضا من يوميات البلاد بعد التغيير هناك.
فلم هبة باسم "ايام بغدادية" هو واحد من الأفلام القليلة لمخرجيين عراقيين يعيشون في العراق، الفلم الذي يصور يوميات المخرجة الخاصة في بغداد ومصاعب الحياة لطالبة تريد ان تدرس الفن في مدينة تمر في احلك أيامها.
بريد قسم السينما في أيلاف
cinema@elaph.com