بابل، معاناة الكائن الانساني في الألفية الثالثة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خسرو علي أكبر - باريس:بعد النجاح الكبير الذي حققه في فيلمين سابقين هماAmores PERROS و"21 غرام"،يواصل المخرج السينمائيالمکسيكي اليخاندرو غونزاليسمسيرته الإبداعيةفي فيلم "بابل" الشهير، الذي حصدجائزة أفضل اخراج في مهرجان كان للعام2006 ، وغولدن غلوب لأفضل دراما سينمائية، إضافة الى ترشيحه لسبعجوائز منالأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم السينمائية (أوسكار). ويتميز بابل عن الفيلمين السابقين للمخرج غونزالس بأنه يصور احداثا تدور في أربعة بلدان وتتطرق لأربع قصص تبدو للوهلة الأولى وكأنها غير مترابطة ببعضها، لكنها ترتبط في حقيقة الأمر عبر رصد ردود أفعال اشخاص يواجهون ظروف قاهرة تفرضها عليهم الحياة المعاصرة في بابل الالفية الثالثة.
من جهة اخرى تصحب مربية مكسيكية طفلين اميركيين للمشاركة في عرس ابنها في المكسيك، لكنها تفقد في نهاية المطاف حق الرعاية والاقامة في الولايات المتحدة، وثمة ايضا صبية يابانية صماء وبكماء تدعى جيكو تحاول أن تتغلب على الكآبة والحزن اللذين طبعا حياتها بسبب انتحار والدتها ولاتجد سبيلا لاقامة علاقة مع الآخر الا من خلال جسدها.وهي مضطرة للرد على اسئلة محقق شاب من الشرطة اليابانية بخصوص العلاقة التي تجمع والدها مع راع مغربي هو بائع البندقية لوالد الصبيين.
رصاصة تربط حياة أشخاص يعيشون في بلدان مختلفة،ويعانون من صعوبة اقامة علاقة طبيعية مع الآخرين.
أربع قصص صغيرة متداخلة عن اربع عوائل،تصور معضلة بشرية كبرى تتلخص بظاهرة العنف كنيجة لعدم ادراك ظروف الاخر والاستهانة بثقافته ورهاب الانفتاح على الاخر.
اقتبس غونزاليس اسم فيلمه من كتاب العهد القديم،سفر التكوين، في اشارة الى قصة اول مجتمع انساني عاش في بابل بلغة مشتركة وثقافة واحدة،الا انه تشتت بعد محاولاته لبناء ابراج عالية لبلوغ جنان السماءوارتكاب اعمال اثارت غضب الخالق فعاقبهم بالشتات..
ويعتمد الفيلم على عنصر التوتر و التشويق لجذب انتباه المشاهد لماتبعة الفيلم، اضافة الى تسليط الضوء على المشاعر الحميمة التي تربط أعضاء بني البشر ببعضهم الآخر في اللحظات العصيبة، وخلافا لآراء بعض النقاد العرب الذين انتقدوا تصوير قسوة رجال الشرطة في المغرب في تعاملهم مع ابناء بلدهم، يقدم غونزاليس لوحات في غاية الجمال والروعة فيما يرتبط بالتضامن الانساني لعل أجملها مشهد المرأة المغربية المسنة التي تقدم كل مابوسعها لأنقاذ "كيت بلانشيت"وايضا رفض المترجم المغربي للمكافأة المالية التي يقدمها له بيت في مقابل مساعدته له.كذلك استجابة المحقق في الشرطة اليابانية لرغبة جيكو في اقامة علاقة جسدية، وربما يبقى المشهد المعبر لجيكو وهي تطلق أهات العزلة والألم راسخا في ذاكرة المشاهدين.