فيلم يؤرخ لعراق ما بعد صدام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رحلة من العذابات لثلاثة أبطال شباب
فيلم أحلام يؤرخ لعراق ما بعد صدام
عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: أثار فيلم "أحلام" للعراقي المقيم في بريطانيا محمد الدراجي تجاوبا طيبا من قبل متابعين ونقاد خاصة في الغرب حيث عرض الفيلم في معظم المهرجانات العالمية. وهو وإن لم ينل جوائز كثيرة لكن ما حملته قصة الفيلم والمشاهد التي ضمنها الدراجي اول افلامه الروائية تركت لدى المشاهد انطباعا إنسانيا مرهفا حول معاناة العراقيين قبل وبعد سقوط نظام صدام حسين. وقد اعتبر الفيلم نموذجا للمعاناة الانسانية فعرض مؤخرا في روتردام باقتراح من منظمة حقوق الانسان وحظي بتقدير الناشطين الحقوقيين.
ومثله احلام الطالبة الجامعية (أسيل عادل) التي يتنهي بها الحال في المصح ذاته بعد اعتقال حبيبها أحمد في ليلة زفافهما لارتباطه بتنظيم سري يرتبط بالزعيم الديني محمد محمد الصدر؛ اذ يسلط الفيلم لقطة على نشاط
ومعهما الدكتور الجديد الشاب مهدي (محمد هاشم) الذي حرمه اعدام والده بسبب انتمائه إلى الحزب الشيوعي العراقي من إكمال دراسته الطبية العليا، فكان وجوده في المصح العقلي كطبيب عقوبة له كابن لاحد المعدومين ومعينا للبطلين احلام وعلي.
لكن نشوب الحرب عام 2003 تسبب بإنقاذ احلام من شهوة مدير المستشفى الجنسية (بهجت الجبوري) بتعرض بناء المستشفى للقصف لكنه تسبب ايضا بهروب عدد كبير من النزلاء (بينهم أحلام وعلي) وقتل بعضهم الاخر. وكان على الدكتور مهدي عناء اعادة الهاربين وحماية المصح من النهب والسلب.
اداء الابطال الثلاثة تفاوت بشكل واضح. فكان (علي) الذي نال جائزة افضل ممثل ثانوي في مهرجان قرطاج يستحق الثناء، ويبدو ان تميز هذا الممثل تأتى من تماهيه مع الدور المسند له واقترابه مما ناله من سجن ابان فترة النظام السابق نحو 12 عاما وفق ما صرح به مؤخرا. تلته (أحلام) التي امتاز اداؤها للدور صعودا وهبوطا في بعض الاحيان ثم (الطبيب مهدي) الذي ربما وجد حريته على المسرح بشكل اكبر قبل ان يعتاد على السينما بوصفها القادم الجديد للواقع الفني العراقي.
الفيلم اعتمد على كادر معظمه لم يكن محترفا للتمثيل بل ادخلهم المخرج في دورة تدريبية قصيرة باشرافه لمدة اسبوع.
وهو ما اثرفي اداء هذا الكادر لجهة المبالغة في حركة الجسد حتى اصابت تلك المبالغة الممثلين المحترفين بالعدوى مثل بهجت الجبوري (مدير المصح) وطالب الفراتي (والد احلام) الذي توفى بنوبة قلبية اثناء إنهاء المراحل الاخيرة من الفيلم. ويمكن إرجاع سبب اداء هذين الممثلين لكونهما ممثلين تلفزيونيين ومسرحيين اساسًا. ولعدم شيوع صناعة السينما في العراق والتعامل مع الكاميرا السينمائية كما هو الامر مع كاميرا التلفزيون او الفيديو. ولقلة سنوات خبرة المخرج السينمائية.
لكن ذلك كله لم يمنع من تقديم قصة سينمائية عراقية لافتة تنطوي على جانب من الإثارة وجوانب كثيرة من الشد
وقت الفيلم 110 دقائق تخلل بعض مشاهده تطويلا لا فائدة منه تسبب بترهل تلك المشاهد بما فيها مشهد نهاية الفيلم.
وتميزت مشاهد الفيلم الخارجية عن مشاهده التي صورت داخليا بتلقائية الأداء. وقد نجح المخرج، وهو مصور في الاساس، باقتناص لقطات حية تلقائية في توظيفها في الفيلم.
المخرج جمع في بداية الفيلم الابطال الثلاثة في زورق يعبر دجلة دون ان يعرف احدهم الاخر اراد ان يوحي بان العراق هو هذا الزورق المترنح في دجلة الذي انتهى الفيلم بمشهد طويل له وقد لاذ بجانبيه الشجر ودخان الحرب.
ثمة تساؤل ان كانت الادانة الكبيرة التي يحملها الفيلم لنظام صدام حسين حول ما حصل ويحصل في العراق سببا في عدم عرضه في دور السينما العربية؟
فيلم محمد الدراجي (أحلام) حمل الرقم 101 في السينما العراقية. انها الصدفة الجميلة التي وضعت الفيلم في هذا الرقم الفاصل بين زمنين متفاوتين. لعله يجلب للسينما العراقية تجارب تختلف عما كانت عليه ولم يبرز منها لحد الان سوى صمت او انتقاد فحسب.
نشر في إيلاف دجتال يوم الخميس 15 اذار 2007