قص

أُمنية... وبئر قديم

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بقلم ري دون كارسون
وترجمة عطية صالح الأوجلي

قدمت للبئر في يوم عاصف عندما كان نورَ الشمس يُرقّطُ صخوره النهرية.
عَشَقَ ملمسَ أقدامها على خشب الأرضيةِ، حافيةِ وعصبيةِ، نقرات دافئة وسريعة جداً.
أَحبَ وميضَ اليأس في خدودِها.
سيُساعدُها إن أمكنه ذلك.
hellip;hellip;hellip;..

كانت تَصْقلُ شَعرا بِلَونَ الخريفَ تسْحبُه وراء شحمة أذنَها.
دفـُعت بيدها إلى جيوبِ بنطالها القطني الأزرق. تلفتت حولها، حبس البئر أنفاسه كي لا تحس بوجوده.
يعلم حاجتها للوحدة. أغْلقُت عيناها. لْفُّت الشفاهُ الحمراءُ الأرجوانية بدقة حول الكلماتِ المَهْمُوسةِ:

"أَتمنّى أنّ يَحبُّني."

سحبت عملة معدنية، رفرف وميضها الأزرق تحت السماء.
نقرتها بأصابعها فسقطت في البئرِ. أصدرت العملة صفيرا؛
ازداد الصوتُ اكتمالا في سقوطه.
صدى، مثل قرعة طبل،
ابتلعه البئر.
hellip;hellip;hellip;.

تـَعتقدُ أنّ هذا سيجعل شخص ما يَقِعُ في حبّها،...كم كانت مخطئة هي.
hellip;hellip;hellip;

إنه لطالما عززُhellip;..
نفاياتِ الريحِ المبعثرةِ،
أو كوة في السماء كانت زاهية يوما ما،
أو شجرة حمراء طويلة لم تنل غايتها من ماء المطر،
أو سطل يتدلى بثقوب الصدأِ الأحمر.
لكن السحرَhellip;hellip;.لا.
لقد رأت سنين عمره العابرين المتلصصين المبتهجينِ،
الضفائر المجدولة،
شفاه تلمس رِقابِ عاريةِ،
لحم يتشابك،
وhellip;أوهhellip;..الكثير من الوعودِ.
لكنه لم يرى أبدا سحراً يجلب الحب.
تنهّدُ.
تسارعُ الحفيف صعودا من البئرِ،
فبعث الدفء والرطوبة في خياشيمها المتوهّجةِ،
وأثار خصلة شَعرِ برتقالي داكن مِنْ جبهةً تناثر عليها النمش.
اَبتسمتُ الفتاة.
ابتهجَت.
أسرعت في الابتعاد.
كانت رُؤية الأمل في عيونِها لا تحتمل.
تمنى لو كان قادرا على البكاء.
hellip;hellip;hellip;

تقاطعت سنين عمره مع طرقِ أحباءِ آخرينِ.
كان هناك أيضاً بِضْع عذارى،
عدد مِنْ المهووسين بالسينما.
كانوا عندما يأتون، يَتْركونَ hellip;.
علبَ البيرة المَسْحُوقةَ، باردة وحادةّ على أرضيتِه.
رمادِ خانق مِنْ المشاعلِ.
طلقات نارية فارغة.
آه كم يفتقد تلك الرياح التي تزيل النفايات.
هم على الأقل لا يَطلبون منه ما لا يَستطيعُ إعْطائه.
hellip;hellip;hellip;
عادت إليه في يومِ عاصفِ آخرِ. وجهها نحيفا أكثر من ذي قبل، أردافها أكثر امتلاء، وشَعرها الخريفي أقصر الآن mdash; كستنائي اللون، مشذّبَ بلون رمادي.

خطوات قدميها في الصندل بدت أكثر ثقةِ بينما هي تَقتربُ مِنْ البئرِ.

مدت يدها إلى جيبِ "شورتها" لتسحب عملة معدنية.
ابتسمت، ابتسامة رضا باهتة بينما ارتجفُ هو فزعا.
باعدت بين إبهامها والسبّابة؛ سقطت العملة في حنجرتِه.
بينما كان يبتلعها، داعبُت هي بأصابعَ مشذّبةَ حجارةَ فتحة البئرِ.
hellip;hellip;

"شكراً لك"، هْمسُت، وخْبُّت بعيداً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف