قص

على همك سريت

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

"أنا وين وانتي وين.. كلً على همه سرى".
نعم صحيح "انا وين وانت وين.. كلً على همه سرى"
تفرقت طرق الألم واجتمعت في روما.. كلنا يا سيدي ينزف.. وكلنا يتساقط..
أنت فقدت البسمة منذ ثلاثة اشهر وأنا فقدتها منذ ثلاثين عاماً.. نعم يا سيدي يحق لك أن تقول "أنا وين وانتي وين" ولكن لا يحق لك أن تقول "كلً على همه سرى" أنت فقط من "سرى" على همه أما أنا فقد سريت على همي وهمك.. بل سريت على همك وهمك..
حرصت عليك كحرص القطه على صغارها ففقدتك..
أتعرف ماهي حكاية القطة؟
هي حكاية كحكايتي معك..
وهل تعرف ما هي حكايتي معك؟
اشك في ذلك.. فأنت مشغول بكل شيء إلا أنا..ولكن دعني احكيها لك:
كان ياماكان في هذا الزمان.. كانت هناك قطة لديها صغار تحبهم حتى الجنون.. تعشقهم وتخاف أن تفقدهم لأي سبب.. تخاف أن يختفوا عن أنظارها.. أن يأخذهم الغول أو المرض أو "بعيد عنك" الموت..
وذات يوم خرج صغارها من البيت وتأخروا.. بحثت عنهم في كل مكان.. صاحت بأعلى صوتها.. نادت ونادت ونادت حتى فقدت الامل في عودتهم..
كانوا يسمعونها وهي تصيح وتنادي.. وهي تصرخ.. وهي تطلب منهم أي شيء أي حركة تطمئنها عليهم ولكنهم كانوا ينظرون إليها من خلف الحشائش ويقولون "أنتي وين ونحن وين.. كل على همه سرى"..
تمزقت حبالها الصوتية.. وتناثر صوتها وكادت أن تنهار وفجأة خرج صغارها من بين الحشائش وكأن شيئا لم يكن!.. لم يهتموا للهفتها عليهم ولم يلتفتوا باتجاهها وكأن خوفها وبحثها عنهم كان مجرد عبث..
ركضت باتجاههم.. عاتبتهم.. حاولت إفهامهم إنها كادت أن تموت من شدت الخوف عليهم وان صوتها كاد أن يختفي من شدة الصراخ بحثاً عنهم..
لكنهم لم يأبهوا لذلك وكانوا يقولون "أنتي وين ونحن وين.. كل على همة سرى"!..
تألمت كثيرا لتجاهلهم مشاعر الخوف التي لفتها في غيابهم..
وحاولت لاحقاً جاهده إفهامهم أنها تحبهم وأنها أرادت أن تطمأن عليهم.. ولكنهم ظلوا مصرين على تجاهلهم لمشاعرها وظلت هي هكذا ولعدة أيام تحاول الاقتراب منهم وإفهامهم مدى حبها لهم ومدى خوفها من فقدهم وهم يرددون "أنتي وين ونحن وين.. كلً على همه سرى"..
زاد خوفها عليهم أكثر فاقتربت منهم أكثر وابتعدوا عنها أكثر.. أهملوها ورفضوا فهم مشاعرها واتهموها بالأنانية وحب الذات وأشياء أخرى لم تعد تذكرها..
فقررت في لحظة خوف أن تحتفظ بهم إلى الأبد.. أمسكت بهم وأخذت تأكلهم واحداً تلو الآخر إلى أن انتهت وحينها قالت: هكذا أفضل هكذا لن يبتعدوا عني ابداً ولن أفقدهم بعد الآن.. ففقدتهم إلى الأبد كما فقدتك أنا من شدة حبي لك إلى الأبد.

amerahj@yahoo.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف