قص

HAHY

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

نشرت جريدة فرنسية يومية بتاريخ 10/6/1998 خبراً مقتضباً عن لغة تم اكتشافها في المنطقة الحدودية الفاصلة بين الجزائر و موريتانيا، طرافة الخبر في أن اللغة لا يتحدث بها إلا أربعة أشخاص - تعدوا السبعين جميعاً - و في حوار أجرته المجلة معهم أكدوا جميعاً بربرية مطعمة بألفاظ عربية على أن عدد المتحدثين بتلك الغة كان يزيد على الخمسين منذ أربعة عقود فقط.
أكدت الصحيفة على أن اللغة قد تكون لهجة مجهولة من اللهجات البربرية المتواجدة بوفرة في شمال أفريقيا. بعد ذلك رجعت و قالت إن الأمر ستؤكده فرقة من الباحثين تعتزم السفر الآن للجزائر.
بعد شهر أفردت الصحيفة ثلاث صفحات كاملة عن تلك اللغة، قالت إن ما يؤكده الباحثون مبدئياً هو تشابه عدد كبير من ألفاظها، الأمر الذي يسير في احتمال كونها تعتمد على الألفاظ المشتقة من بعضها البعض، مما يؤكد بدوره آراء بعض علماء اللغات في أنها لغة سامية غير معروفة قد يكون الفينيقيون قد حملوها معهم في رحلاتهم إلى شمال أفريقيا في العصور القديمة.
أعقبت الجريدة هذه الصفحات بالصمت التام عن موضوع تلك اللغة، غير أنه بدءاً من 9/9/1998 و حتى 15/3/1999 بدأت في نشر حقائق عدة تم التوصل إلبيها بخصوصها بصورة يومية تقريباً انتهت بالاعتراف بها كواحدة من اللغات مجهولة الأصل و أعلن عن البدء في ترجمة الكتاب المقدس إليها.
كان ما نشر عن تلك اللغة في هذه الفترة هو شيء غريب حقاً. كما أن التطورات التي أعقبت هذا النشر كانت تطورات مثيرة للاهتمام.
1) تعتمد اللغة في أصواتها على أصوات ذات طبيعة حلقية، و بصورة خاصة على صوت ال H و المتوافر بشكل هائل في ألفاظها .. كان هذا هو الاكتشاف الأول.
2)بمفهوم معين فإن الاكتشاف الثاني يناقض في لغته الاكتشاف الأول . و بخاصة في صيغة الجمع التي صيغ منها ذلك الاكتشاف، ف "ألفاظها" المذكورة في الاكتشاف الأول ليست ألفاظاً بالفعل. اكتشف الباحثون أن حجر الأساس الذي تقوم عليه تلك اللغة عبارة عن لفظة واحدة تتكرر بشكل منتظم. و أصوات تلك اللفظة ليست هي في الواقع إلا صوت H المذكور سابقاً و صوت Y صوت غير منطوق تقريباً و ليس كحركة. كان أقرب نطق محتمل لتلك اللفظة هو ذلك الذي اقترحه عالم ألماني، في مؤتمر لغويات عقد ببرلين، وهو HAHY "حرف ال A ينطق مثلما في نطقنا له في كلمة DAY الإنجليزية.. عن السانداي تايمز" و على هذا فقد أطلق على تلك اللغة لغة ال HAHY، بنطق أوروبي بعيد تماماً عن النطق الأصلي.
3)و لإنه لا توجد في اللغة إلا لفظة واحدة فهي تعبر بالضرورة عن معان متعددة، و إذا شئنا الدقة فهي تعبر عن كل المعاني التي عرفتها البشرية - على ما وصلت إلى متحدثي اللغة المعزولين عن العالم - و يختلف فهمنا لمعنى واحد عن معنى آخر حسب السياق الذي ورد فيه، فالكلمة الأولى من HAHY HAHY HAHY تختلف بالتأكيد عن الكلمة الأولى من HAHY HAHY HAHY و ذلك لأن السياقين الذين وردت فيهما كل من الكلمتين مختلفان. و بالطبع فقد سخر كثير من الكتاب الساخرين من هذا الأمر و قال بعضهم أنه لا يرى أي فارق بين الكلمة و نظيرتها و لا بين السياق و نظيره.. كان ذلك قبل تعاملهم الجدي مع متحدثي اللغة.
4)لا توجد أية أدوات في تلك اللغة، و كذلك و لا سوابق و لا لواحق قد تجاور لفظتها الوحيدة، أكثر من ذلك فإن النبر لا يتغير موضعه بين نطق اللفظة بمعنى معين و نطقها بمعنى آخر، الأمر كله يعتمد كما قلنا على السياق.
5)عندما وضع كتاب ضخم لنحو تلك اللغة كان ذلك إعلاناً عن وجود نحو مزدهر ومتطور على نحو لم يسبق له مثيل لها، فكلمة HAHY - كما يقول النحويون - تختلف اختلافاً بيناً عندما تأتي في بداية الجملة في مثل HAHY HAHY عن مثيلتها عندما تاتي في نهاية الجملة في مثل HAHY HAHY فبينما تشير الأولى إلى اسم أو ضمير تشير الثانية إلى ما يشبه الفعل في اللغات الأوروبية.
6)و كذلك كان قاموس اللغة عامراً بالمصطلحات و المفردات. قد يكون من المجدي في هذا الصدد إيراد جزء من الصفحة الأولى من قاموس HAHY- عربي
HAHY: إله، سماء، إنعام
HAHY: رجل، صديق - فارس، بطل - اسم إله الذكورة
HAHY: مائدة، خوان - "مجازا" امرأة قبيحة

و نتيجة لهذا رأى العلماء أن تلك اللغة هي الوحيدة القادرة على التعبير عن كل المعاني القديمة منها و الحديثة إلى جانب ما يستجد من معان تتصل بالمستجدات الحضارية، و ذلك من دون الاستعارة من أي لغات اخرى مطلقاً، كذلك تمت الإشارة إليها في الكونجرس مرات عدة بوصفها "اللغة الأقدر" و "اللغة الأكثر مرونة" و "لغة المستقبل". كما أكدت رسائل أكاديمية في مناطق عديدة من العالم على ان الشباب في حديثهم صاروا يمزجون لغاتهم القومية بمفردات من تلك اللغة و صارت معرفة تلك المفردات مرتبطة بمفاهيم التحضر و التمدين في مقابل أولئك الذين لا يستطيعون نطقها النطق الأصلي لها و الذين يتم وصفهم عادة على أنهم "أجلاف".
في 5/ 7/ 2000 كانت كل مواقع الإنترنت قد انتقلت بالفعل من لغاتها الأصلية التي كانت مكتوبة بها إلى لغة ال HAHY .

قاص و روائي من مصر
naeleltoukhy@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف