إمَّا أنا أو أنتِ .. تلك هي المهمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تحركي أيتها البائسة، ليست المرة الأولى التي تفعلين بي هذا، بل إنها ليست المرة العشرين. أيعقل خلال شهر واحد، أنْ أصرف عليك كل هذه المبالغ! أتحسبينني مليونيراً؟. هل تتعمدين التنكيد علي؟ هل تتعمدين إذلالي؟ لم أفعل بك شيئاً، بل على العكس تماماً، أنا رائع معك ولم أعذبك طوال هذه السنوات. لقد رافقتني في أماكن كثيرة وكنا رائعين منسجمين، لم تغضبي كما أنتِ الآن. أحتاج إليكِ جداً فلا تزيدي إذلالي. أيعقل أنْ تكون رحلاتنا القديمة هي سبب غضبك الآن؟ هل أتعبتك كثيراً خلالها؟ تحركي وقولي هل آذيتك يوماً؟ ما أصعبك وما أسوأك، لكني بحاجة ماسة إليكِ الآن.
تذكرين؟ الأسبوع الماضي توقفتِ بنا في منتصف الطريق بالصحراء وتحملتك، كنتُ أشتاطُ غضباً لكنني صبرت عليكِ، فليس معي غيرك، ومضطرٌ أنا للتصالح معك، حتى لو أفلستني فالأمر أهون علي من واحدةٍ جديدة.
يا إلهي كم كان صعباً ذلك اليوم، لقد عطشتُ إلى حد الجفاف، ومرت ساعتان والشمس تحرقني قبل أنْ يمر شخصٌ ويساعدنا وينقلنا من ذلك المكان. وترددتُ لأجلك على المدينة ثلاثة أيام ذاهباً وراجعاً حتى تكوني صالحة، خسرت الكثير من الوقت واتهمني المدير بأنَّ كل ما أقوله من أعذار هو أكاذيب، لأجلك أيتها البائسة فقدتُ ماءَ وجهي في عملي.
تُرى هل يمر الآخرون بما أمر به معك؟ المسألة ليست خسائر مالية فقط وإنما أكثر من ذلك، لأني بدأت أشعر أنك تكرهينني وتضمرين أمراً في نفسك. تريدين أن أتخلص منك .. ها؟ هذا هو أملك الآن. حسناً أيتها القبيحة القديمة لن أفعل ولن تنالي ما تريدين.
يجب أنْ أتصل بحسن الآن كي يأتي ويُخرجنا من هنا. الساعة الآن الثانية عشرة ليلاً أتمنى فقط ألا يكون نائماً وينهال عليّ بسبابه المعتاد. سأحتمله ولكنك لن تنالي رغبتك.
ما هذا لا توجد شبكة؟ .. ماذا أفعل؟ وحيد وبائسٌ أنا وليس لدي مَنْ أكلمه. لماذا لا توجد شبكة؟ المنطقة هنا عامرة. أيعقل أنْ يصل بكِ الأمر إلى فصل جميع خطوط الهاتف عني بطريقة ميتافيزيقية؟ لن أهتم لك ولن أتعب، سأفعل المستحيل ألا أتركك.
مرحبا ..
ـ هل يمكن أن توصلني إلى أقرب محل لتأجير السيارات؟
اركب.
ـ شكرا كم حسابك.
30
ـ ماذا؟ كثير جداً.
هذا سعر ما بعد منتصف الليل، وبالمناسبة نسيت أنْ أقول لك أنه لا توجد محلات للتأجير الآن؟
ـ ولِم لم تقل هذا قبلا؟
أنت طلبت، ليس لي شأن.
كأني بحاجة الان إلى مزيد من التعب. سأحاول الاتصال بحسن.
ـ ألو ...
نعم من؟
ـ أنا سامي.
ماذا تريد الآن؟
ـ إنها هي مرة أخرى، تعال خذني من هنا.
أين أنت؟
ـ سأرسل لك مكاني برسالة هاتف وتعال بسرعة.
وهي؟
ـ سأتركها حتى الغد لتحترق بالشمس.
معقول؟
ـ هيا أحضر أرجوك.
حسناً، ولكنها المرة الأخيرة إمَّا أن تتصرف وإمَّا أن تتخلص منها.
ـ مع السلامة.
يا إلهي ما هذا البؤس، أنا لا أملك فلساً، فكيف أتصرف، هل سيرضى حسن بأن يُقرضني مرة أخرى؟ .. آآآآه يا للمذلة، يجب أنْ أقرر.
ها قد جاء الصباح يا بائسة والساعة الآن الواحدة ظهراً، فهل استمتعتِ بالوقوف هنا؟ تبتسمين ولا يهمك؟ حسناً، هذا أمر أراه جيداً ولا يُخَيَّلُ لي حتماً. تتمنين لي الشر وتتوعدينني؟ سنرى .. سأحولك إلى حطام.
سامي، تخلص منها وأرح نفسك، هيا بنا الآن لمحل تأجير السيارات.
ـ هل تعلم يا حسن؟ بالفعل تعبت، سأبدأ جدياً الآن بالتفكير في أمرها.
يا إلهي كم هي جميلة هذه المؤقتة، مُغريةٌ وحالمة. إنها تشجعني على التخلص من الأولى، الحياة جميلة بهكذا أشياء. سأمنحها حريتها حالما أقتنع تماماً. ومن المؤكد أنَّ البنك سيوافق على إقراضي من جديد.
ها سامي هل قررت؟
ـ لا، لقد عادت رائعة من جديد.
لكنك تعلم أنها هكذا دائماً، وبعد يومين ستصبح خراباً وسوف تتصل بي.
ـ لكن لماذا يحدث هذا؟
انتهى الأمر صديقي، فكر جيداً، فأموالك الآن تذهب هباء، وكما يقول المثل، إذا كنتَ غنياً فاقتني أشياء كهذه مستعملة أو مستهلكة حتى يمكنك الصرف علي إصلاح أعطالها دائماً. بماذا تفكر يا سامي؟
ـ أفكر في تلك المؤقتة، كانت جميلة وسلسة.
إذن هيا.
ـ بالضبط صديقي هذا هو التفكير السليم والصحيح والمنطقي.
أخذت بائستي وركنتها في طرف ساحةٍ واسعة، ثم أخذت المؤقتة بعد أنْ اقترضت مبلغاً من المال تحت الإذلال والمهانة، لكنني كنت مصمماً على مقصدي، ولم يكن ليهمني، بل العكس تماماً، إصراري وحماسي ما زالا في أوجهما.
أوقفت المؤقتة أمام البائسة ثم تحركت بها، ثم بدأت بالدوران بالمؤقتة حول الساحة الواسعة، مندداً، غاضباً، ومُسْتَفزاً. شعرت بالبائسة تلتهم نفسها، أعصابها، تحترقُ كاتمةً غيظَ العالم بأسره، تتمنى لو أنها بخير كي تتحرك أمامي. وكلما درت دورةً حول الساحة، كانت أضواء المؤقتة تكشف أمامي، كتلةَ البائسة في ركودها هكذا، بائسة، مُرهقة لي ولها، ولا تريد أنْ تستلم.
أوقفت المؤقتة إلى جوار البائسة، بعد ساعة ظننتها دهراً من الدوران حول الساحة الواسعة، ثم ذهبت للنوم وأنا أفكر بأن البائسة تندب حظها ندماً وغيظاً.
تُرى هل أنا عاقل، متسرع، أم مجنون؟
كاتبة ومترجمة
wewe74@yahoo.com