وتمسي مرة أخرى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
استمر النباح، صوته يملأ الشارع، الكلب يسمعه الناس الذين يغطون في النوم. لقد سرى رجفان. يشد يديه حول رأسه متى ينتهي ونستريح هو دوما على هذه الصورة نحن نكاد نسمعه حتى حين نغيب. انها بالفعل مشكلة. سيحلم بها وجد الطريقة الوحيدة كي يمحو عنه صوت النباح أن يحلم فجاءت تخترق النباح وكان عالمها زاهيا لولا الصورة التي يعكرها الارتجاج كأن يخبط راحة يده في صفحة البحيرة فيغيب وجهها وانا لا اريد إلا أن اراك مع زرقة البحيرة اضع يدي في يدها ونمشي حولها وهناك رجفان حيث رجل يجلس في الهواء يتأمل بجنون شيئا ما داخل رأسه إن الانسان ليحترس من مياه البحيرة في العام 1993 حيث كانت المياه مسكينة تتسلل وناصتة تسمع وكنت انهج في رغبة العودة إلى الاعماق فتشد يدها وتقول "نو" ابق هنا فأنا في حاجة إليك. فلولا الحاجة لدفعتك في البحيرة.
رائحتها مستلقية بين اغصان الشجر، مررنا في غابة وكانت فرصة ان نصادف ثعبانا يهز اجراسه قصير القامة وملون وان عض فعلى الدنيا السلام. خلف شجرة على بعد امتار كان شاب يحلب بقرة وهناك على الجذع قليل من الحليب. كنت اتصوركَ دوما بمثابة أبي. لقد سمعنا ماقالته بينما هو يلهث مستندا على الجذع الذي تحول وصار خشبه روحا تتحرك فيه رغبة.
صوت البحيرة يخون ويتوسل المغفرة. فالمياه لا تؤتمن. فيقول ياصاح لقد وقفت بعد مضي العمر عند حافة البحيرة وصرت من المجانين. أألقي نفسي فيها؟
آه- فرصة كي يتأمل ما مر ففي الدقائق الأخيرة يدرك أن القدر وهم وأن الأمل وهم وقد أهدر طاقاته في سبيل أن تشرق شمس جديدة وليس هو الآن إلا رمة عظام تهب عليها الريح. ولا يمكن أن تكون إلا أنت وتحسب هذه الكتابة ابداعا واحياء للقلم بل هي احياء للقارئ. من هو اخيرا طرفة بن العبد من هو اخيرا سرفانتس من هو اخيرا قاسم الدين الجلالي، من هو قاسم الدين الجلالي هو انا خلال الألف عام الفائت ولا اعرفه الآن. كل هؤلاء هم انتَ يا من تقرأني الآن حيث الشمس تغيب قليلا خلف البحيرة والشفق بدأ يتغلب على الحال وعلينا قليل من البرد والدماء في كلا الجسدين ساكنة رغم الانتفاض الموهوم الذي يخلفه الخيال حين يرى يد انثى في يد ذكر. كانت الدماء تدفعنا نحو السرير فتحت الباب ودلفت خلفي دفعتني نحو المغطس اشعل صنبور الماء والكهرباء حتى نعوض الحرارة التي أخذتها الغابة. في رأسها جذع شجرة وحليب تخرج من المغطس وتبحث عن خشب كي تقول هذا جذع الشجرة وتبحث عن الغابة فأنت في النهاية مثل أبي. ثم تفتح البراد وتخرج منه جرة حليب عوضا عن البقرة التي ظلت هناك في الغابة.
لا معنى لها كما الحياة.
ماذا سنفعل بعد مضي هذا العمر؟ وهذا العمر هو عمر الأجداد وأجداد الأجداد، العمر هو عمر الأرض عمر طوفان نوح -لو أننا ذهبنا فيه- لم يكن هناك طوفان، وآدم ينزلق من أعلى مرتفعات الخلق يهبط بقدميه: أنا دمكم.. دمكم الجديد.
يستغرقنا النباح. يشغلنا. فهو روح الحياة.
في السرير تتقلب، ثم تبحث بيدها عن جسدي. لقد خرجتُ. قلت لها أنتِ الان من دون جسدي ذلك كي تعيش مرة أخرى في غربتها.
تعرف، مرة قالت لي تعرف أنني افتقدت جنس الرجال ونسيت المعنى حتى وجدتك وكل الظن أنها عنت أشياء عميقة لم أدركها. في وقتها ظننت أنها تشير الى اعضاء الرجال المعلقة إلى الشجر كما في لوحات المجانين الذين يقلدون سلفادور دالي. هناك تسيل دمعة باكية ويتخثر صمغ - بكاء الشجر كما تعلمون. لكنني كنت خاطئا كشأني دوما في تفسير أحلام النساء ورغباتهن.
هناك ندم.
هناك دم
مفتاح السر ...
فعجلة الخلق لن تتوقف وقد فات الآوان.
يستمر النباح، نباح الكلب الذي هنا. لن يتوقف.
فهل سأثور عليه وألقي بنفسي في مياه البحيرة كي يصمت؟!
رأسي يفكر، جسدي يفكر.
ماذا بقي؟!
يخفق الحب مرة واحدة ويخفق الأمل مرة واحدة وتبدو الحياة جميلة: اميرة غافية لا تملك إلا أن توقظها بهدوء.
ثم تتبدل وتصبح نباحا.
hsolaiman@hotmail.com
النرويج - تورمسو