قص

خريف مدينة اثمه

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

اوراق صفراء تتناثر مالئة الارصفة والطرقات ,تاركة جذوع الشجر عارية تعانق بعضها دونما خجل من ناظريها... كانت الساعة قد قاربت السابعة مساء في تلك المدينة الصغيرة ويبدو ان عمل النهار قد قارب الانتهاء، فها هي المدينة تستعد لاعمال من نوع اخر هي اعمال المساء صاخبة كانت ام صامته
مقابل محطة الوقود وقفت ام وابنتاها يتهامسن بينهن وهواء الخريف يداعب مؤخراتهن فيبدين مستمتعات لذلك ,فخورات بما حملته اجسادهن من انوثه. وعلى الجانب الاخر ركن شاب سيارته ووقف مستندا اليها ممسكا بعلبة سجائره وولاعته بيد وحاملا ورقة شجر صفراء صغيرة باليد الاخرى طواها باصابعه ثم اخذ يفتلها ما بين سبابته وابهامه... كاد ياكلهن بنظراته، و بحركة خفيفة كان قد رمى الورقة ارضا واخرج سيجارة من العلبة امسكها بشفتيه، اشعلها واخذ نفسا طويلا منها ,ابتلع الدخان ثم اطلقه للاعلى بحركة رجولية غير مصطنعة
كن يبتسمن له محاولات استمالته بشتى الوسائل رجلان خرجا من الفرع الضيق القريب منهن كانهما خرجا للتو من معركة اشعثين ممزقي الثياب استنفذاكل مالديهما من قوة حتى ان احدهما اتكا على كتف الاخر.
نظرا الى الثلاثة فاسمعاهم كلمات بذيئة واستمرا بالسير والضحك، ودون التفاتة منهن لكانهن لم يسمعن شيئا . وبينما هما ماشيان اصطدما بعجوز فاسقطاه ارضا وانفتح كيس حمله عن علب بيرة حملها معه فشتمهما.
صاحب السيارة اشار اخيرا بعينيه الى اصغرهن فتقدمت اليه بفرح غامرتاركة امها وشقيقتها...الام ذهبت للحانة القريبة وابنتها دخلت بابا مفتوحا في الفرع الضيق ..صوت اغان مليئةباهات الحب التي تنتفض لها العروق ملا ضجيجه المكان ..في هذه المدينة حتى جذوع الشجر تتعانق بلا حياء في ليالي الخريف. اناس كثيرون من باب الحانة يدخلون وقليلون يخرجون منه. والصغيرة تعبر الشارع في هذا الجو البارد المثير، ورقتان اصطدمتا بوجهها فازالتهما مرتبكة والشاب لا زال بانتظارها فرحا، سياخذها الى عالمه .ستترك هذه المدينة البائسة، ليلة واحدة بعيدا عن اناسها الوحشيين تعني لها الكثير .. ستفخر بنفسها وتغيظ اختها عند عودتها ورقة اخرى تعلقت بشعرها فحاولت ازالتها. كلما اقتربت دفعها الهواء البارد من حيث اتت.. لا لا ساتقدم اليه لن يمنعني شئ. سيارة مسرعةجاءت من بعيد لتاخذ الشارع بعرضه ,مرت دون ان تنقص من سرعتها شيئا. ارتعد الشاب. ركب سيارته بسرعة .انطلق دونما رجعه، والصغيرة ايضا ذهبت لم يكتب لها ان تره، تركت الوحشيين دون ان تودع المدينة.

قاص من العراق


ahmedalatbi1@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف