مسرحية الأم الرهيبة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
غرابة الحكاية ومأساويتها
من أمستردام صالح حسن فارس: بعد إنتهاء العطلة الصيفية عاود المسرح الهولندي نشاطه المتوهج لهذا الموسم بعدد كبير من الأعمال المسرحية منها مسرحية(الأم الرهيبة) لفرقة الكلب المكسيكي، من تأليف وتنسيق موسيقي وإخراج اليكس فان فارمردام وتمثيل بيريه بوكما - من ابرز الممثلين الهولندين يمتاز بقدرته الفائقة على إجادة الأدوار الصعبة والمركبة في السينما والتلفزيون والمسرح- وكيس هولست، انيتا مالهيربر، تينا دي براون، وكيتا هيربرس وعُرضت المسرحية على قاعة مسرح (ستاس خاو بورخ) في أمستردام.
يبدأ افتتاح العرض بمشهد حفلة موسيقية لفرقة في بيت هولندي، كأنهم في أحد الأمسيات الحمراء، وأغنية هولندية تلخص حياتهم اليومية ومشاكلها داخل جو موبوء بالدعارة والتفكك الأسري في المجتمع.
تتوزع الأدواروالشخصيات في ثلاثة فصول وفي كل فصل يتغيرالديكور،الازياء، الاضاءة والشخصيات اثناء العرض المسرحي .الأم الرهيبة، تتناول الحياة من الداخل برؤية الواقع الاجتماعي في منزل هولندي بسيط ومعبر، يتكون من غرفة نوم مؤثثة بطراز جميل وأنيق إلا أن العفونة تفوح من الوان الشراشف الملونة ومطبخ فيه ثلاجة لحفظ الأكل والجريمة مع موقع لغسل الصحون والملابس لما علق بها من قذارة وعفن، الحمام على يسارالمشاهد حيث تتم فيه مضاجعة جنسية أمام أعين المشاهدين وصالة للضيوف تُناقش فيها كل الامور السرية والعلنية في البغاء والخيانة الزوجية والمؤامرات الدنيئة.
أم داعرة وأب سفاح، هذه هي فكرة المسرحية!
قدم لنا المخرج عالماً كاملاً بقذارته من أجل أظهار الواقع الى حد يبدوغرائبياً، مسلسل من حكايات مرعبة، تدورحول تدهور وأنحدار المجتمع تدريجياً إلى درك الخيانة والغدر ومن خلال شخصيات النص يرسم المخرج لوحة متكاملة.
عالم يفتقرإلى المتعة ولكنه مؤنس مع كل ذلك حيث أستطاع الكاتب المخرج أن يُدخل الجمهور في جو غرائبي لايخلو من الدهشة والسخرية اللاذعة والمتعة تدور في أجواء غرابة الحكاية ومأساويتها إبتداءً من بداية العمل وحتى نهايته.
لايعتمد هذا العرض على التشكيلات البصرية التي أعتاد المسرح الهولندي أن يشتغل عليها في الفترة الاخيرة ولاعلى التقنية والتكنلوجيا ولم يشتغل على الجسد وتقنية الحركة البدنية بل تم الاعتماد على الواقعية المسرحية بشكل تقليدي مستثمرا قوة النص ومهارة الممثلين في الإداء، يتغير الديكور في كل مشهد، تتغير الوان أغطية السرير:
في المشهد الاول كان اللون هو الأصفر، في المشهد الثاني البنفسجي، المشهد الثالث غلب البياض، وحتى المائدة في غرفة الضيوف تتغير ألوانها حسب المشهد، يالها من إلتفاتة من المخرج في تفسير الزمن.
(اذهب إلى الجبال، الى الفاشست، اكل لحم الغزال، القرنابيط المخللة، الأمسيات الشتائية الحميمة، غنّي كي تصبح سعيداً) بهذه الكلمات يُختتم العرض.
في هذا العمل تعرية كاملة للمجتمع الهولندي من خلال حكاية تلك العائلة المشغولة بالخيانة والبغاء وبالأكل والموسيقى. وقد ابدع جميع الممثلين في تأديه الأدوار وأجادوا في الانتقال من دورالى آخر ومن شخصية الى أخرى.
قدم لنا هذا الفريق مسرحاً واقعياً مليئاً بالمفاجآت التي تحدث بتلقائية سريعة ومدهشة رغم طول العمل وخصوصا المعالجة السريعة للمشهد الثالث والتي لم تكن ناجحة وغير مبررة ولا تتفق مع إيقاع وروحية العمل.