مسرح إيلاف

حمام بغدادي لجواد الاسدي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عرض متميز في اطار مهرجان القاهرة الدولي للمسرح


القاهرة من رياض ابو عواد (ا ف ب): قدم المخرج العراقي جواد الاسدي عرضا جماليا متميزا في خامس ايام مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي وان راى بعض النقاد ان خللا في البناء الدرامي لمسرحية "حمام بغدادي" عكس نفسه على مجمل العرض. ركز الاسدي في عرضه الذي يقدم في المهرجان باسم سوريا على التجريب في السينوغرافيا (المؤثرات الضوئية والصوتية والاداء)، مؤكدا ان عرضه "يسعى لتاسيس منصة جمالية سينوغرافية عبر مناخات حمام بغدادي". ويضيف "وهو يمزج بين المساحة الفارغة ورسومات التشكيلي جبر علوان ويلعب الضؤ دورا اساسيا في العرض الى جانب تجلي الاقتراح السينوغرافي وبنية التمثيل والعلاقة بين العري في المساحة وعري النفوس ذات الاجساد المتفجرة". فاحداث المسرحية تقوم على حوارية داخل جدران الحمام بين شقيقين عراقيين يعملان كسائقي حافلات ركاب هما نموذج عن الشعب العراقي في اختلافهما بنظرتهما للاحتلال الأميركي.
فالاول يعمل مع الاميركيين بعد الاحتلال والاخر رفض التعامل مع الاحتلال وكان يعمل في وقت سابق مع نظام صدام حسين تحت اغراءات المال ولا يزال يعيش تحت تأثير حالة هلع بسبب قيامه خلال تلك الفترة بنقل عدد من المعتقلين تمت تصفيتهم امامه. وتم توزيع عدد من الاواني الخاصة بالحمامات واحتلت خلفية المسرح لوحة للفنان التشكيلي العراقي جبر علوان تختلف عن اسلوبه المعروف به من استخدام الالوان الحادة في تشكيل لوحتة استجابة للتجريب الذي يقوم به الاسدي عبر تصميم الاضاءة التي استخدم فيها الالوان القريبة من رؤية علوان لتترك انعكساتها وتلون اللوحة التي افتقدت اللون لاول مرة في اعمال علوان. وهذه التجريبية على اللون والمؤثرات البصرية كما يقول استاذ الديكور والسينوغرافيا في اكاديمية الفنون ابراهيم الفوي "جاءت متميزة اكثر من بقية العروض من حيث الاضاءة والالوان الحادة بشكل اخاذ يركز على الشدة احيانا واحيانا على الخفة مستخدما الالوان المتناسبة مع الحالة النفسية التي يقدمها العرض". وافقته على ذلك الناقدة عبلة الرويني مضيفة ان "المخرج استخدم فضاءات المسرح بشكل جيد مع الاداء التمثيلي المتميز لبطلي العرض رغم وقوعهما في نمط ادائي واحد. نحن امام ممثلين جيدين في مساحة مغلقة اضطروا للبقاء بين جدرانها لان النص اقفل على فكرة لم تتطور".
هذا التوافق على جمالية العرض من حيث المؤثرات الصوتية والضؤ والاداء التمثيلي وحركة الفنانين على خشبة المسرح قابله توافق على وجود خلل في البناء الدرامي للنص عكس نفسه على مجمل العرض. فالرؤية التي قدمها العرض حسب الرويني تدور "حول الاوضاع المعيشية والرؤية الخاصة بالناس في العراق قبل الاحتلال وبعد الاحتلال الاميركي فالحمام هنا رمز لحمام الدم الذي يعيشه العراق تحت الاحتلال في جحيم بغداد المفتوح". واضافت "هذا الجحيم يطال الجميع سواء المستفيدين من الوجود الاميركي والذي عبر عنه الشقيق الاكبر في الحوار او اولئك الذي يعارضون هذا الامر والذين مثلهم في الحوارية الشقيق الاصغر وبقيت هذه الفكرة هي المسيطرة على العرض دون ان تتطور او ان تقدم افقا مفتوحا لتطور العمل الدرامي". وقال الفوي ان "المخرج لم يستفد من رموزه التي استخدمها في العرض مثل مشهد السكين في بداية العرض عندما اخرجها الاخ الاصغر من حوض الماء مهيئا الجمهور لتوقع رد فعل منطقي للعنف الذي يعيشه المجتمع العراقي، ولكن اعادتها الى مكانها دون استخدامها كسر الايقاع الدرامي". واضاف الفوي "اكتمل انكسار التطور الدرامي بانتقال الحوارية مباشرة بعد المشهد السابق الى مناقشة الصفقات وموافقة الاخ الاصغر على العمل مع الاميركان والمستفيدين منهم من العراقيين مثل قيامه وشقيقه بتهريب احد المرشحين لتولي الحكم عبر الحدود الى بغداد". ويكتمل الانكسار كما يشير الفوي "عندما لم يستخدم المخرج والمؤلف رمز الجثة، جثة المرشح للحكم والذي كان يسعى الى العودة الى بغداد مستخدما الشقيقين لتهريبه اليها، الا انه يموت قبل ان يصل فيقوم الشقيقان بنقل الجثة". فالجثة تعني في البعد الدرامي على خشبة المسرح دلالة على العفن والموت لما هو قائم ولكنها بقيت في العرض مجرد جثة لا قيمة ولا فائدة فيها سوى محاولة الشقيقين الحصول على ثمن تهريبها بما تحمله من اسقاط سياسي. والاشارة واضحة الى الفراغ الحاصل في السلطة السياسية في العراق وان مصير من سيتولى السلطة سيكون الموت.
والمخرج والمؤلف العراقي جواد الاسدي مقيم في العاصمة السورية منذ ما يقارب الربع قرن وترك اثرا في الحركة المسرحية السورية من خلال عمله مع العديد من فرقها خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة ومن ابرز مسرحياته "الاغتصاب" لسعد الله ونوس. وكانت هذه المسرحية اول مسرحية عربية تفوز بجائزة من جوائز مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي في دورته الرابعة. ومن مسرحياته ايضا "تقاسيم على العنبر" و"مس جوليا والخادمتان". بدأت الدورة 18 لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي الاحد بمشاركة 47 دولة بينها 7 دول عربية تقدم 82 عرضا مسرحيا فوق خشبات 22 قاعة مسرح في العاصمة المصرية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف