مسرح إيلاف

الشرجي: أن لا نتحول الى مسخ حتى يتقبلنا الآخر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حوار مع الفنان المسرحي العراقي احمد الشرجي:

على المغترب أن لايتحول الى مسخ حتى يتقبله الاخر

أسراء كاظم طعمة: منذ سنوات والمسرحي الشاب احمد الشرجي عرف التحليق في أجواء الغربة... بعيدا حيث الاخر ومكانه.. عبء حقيبة أحلامه بالامل وتزود بالطموح.. حاله كحال كل من أطاحت به مأسي الملل من اللاجدوى والانهاك من أنتظار (غودو) الذي لن يأتي أبداً.... باحثاً عن بداية تقوده الى مساره الذي بات يتلاشى امام عينه في زحمة الظرف الصعب..

bull; كيف يتعامل المسرحي المغترب مع واقعه بعد الهجرة ؟
الهجرة تفرض شروطها على الجميع اذا عليك التعايش مع الواقع الجديد وتعمل به،هذا من جهة كونك انسان ومن الاخرى انك فنان تحمل من الاحلام والطموحات الكثير تتطلب منك السعي بالتواصل مع تجربتك الفنية، ان تتقبل هذا التعايش مع الاخر وان تذهب اليه ولا تنتظر منه المجيء اليك، ان تقوم بجهد مضاعف من اجل اثبات ذاتك وتقديم نفسك له...
ولا يتم هذا التواصل مع شريك العيش الثقافي (ابن البلد) الا عن طريق اللغة فهي المفتاح الحقيقي لك كفنان وانسان، ان تعمل بالمسرح بلغة البلد الذي تعيش به، وتتقبل الوضع الاجتماعي وتتكيف معه، وهنا اعني ليس بالضرورة ان تتحول الى مسخ، بل تتقبل وضعك الحالي والحفاظ ما تريد الحفاظ عليه من خصوصيتك الاجتماعية والاخر متفهم ذلك تماما ويقدره، وانا اتحدث عن نفسي لم ينتبه لي الفنان الهولندي الا من خلال الاعمال التي قدمتها بلغته، وجراء تلك الاعمال تكونت لي علاقات فنية مع شريكي الجديد بالعملية الفنية كوننا ننتمي الى هم مشترك وهو الهم المسرحي، وهنا تكون لغة التفاهم اكبر بكثير، كونا فرقة (المسرح الحديث ) التي يراسها الصديق رسول الصغير، كنا انا وهو العراقيان الوحيدان والبقية كلهم هولنديون، وبدأت الفرقة تنتج اعمالها باللغة الهولندية واشتركنا بدورتين متتالتين 17-18 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، ولعل مشاركتنا الاولى بالدورة 17 هي من اهم المشاركات لنا لاننا كنا نمثل هولندا ضمن المسابقة الرسيمة بالمهرجان والعمل كان (فاقد الصلاحية) ومن اخراج المبدع رسول الصغير، وانا كنت امثل الشخصية الرئيسية بالعمل بجانب ممثلتان هولنديتان وكنت مرشحا لجائزة احسن ممثل للمهرجان من ضمن خمسة ممثلين وهذا اعتبره انجاز كبير اعتز به، وبعد العرض حضينا بحفاوة السفارة الهولندية بالقاهرة على تجربتنا هذه، وهذه التجربة تحسب لنا انا ورسول الصغير تاريخيا كاول عراقيين وعرب نمثل هولندا بهكذا مهرجان. ارى التواصل ليس من من خلال تقديم عروض يحضرها الاصدقاء والاحباب وباللغة الام وبعد العرض نتلقى قُبل المجاملة، وانما هو المحاولة بلغة الاخر والدخول الى عالمه المسرحي.

bull; مدى المساعدة التي يتلقاها المغترب لتطوير مشروعه الفني ؟
ليس هناك شخص يساعدك من اجل تواصلك الا ما ندر، وانما هي مصالح مشتركة والعمل المسرحي عمل جماعي (تحتاجني واحتاجك ) حتى عندما كنا نعمل داخل العراق، اما الدعم المالي فهنالك جهات ثقافية هولندية تحصل على هذا الدعم من وزارة الثقافة ومؤسسات المجتمع المدني والشركات، وانا شخصيا لا اريد من الاخرين سوى النظرة الى العمل الذي اقدمه او يقدمه غيري من الاصدقاء بعين المثقف الواعي وليس بنظرة التهديم والاقصاء والتهميش، لاننا غير مسئولين عن فشله وجلوسه في البيت خلف الكمبيوتر ويسعى لتعطيل الاخرين العالم يتسع للجميع وليس هناك مجال للمجاملة، لاننا محكومون بالزمن وعلينا تقديم منجز ابداعي...

bull; هل من وجود لتكتلات فنية عربية في المنفى وما جدوى تاسيسها؟
أي شخص يريد تشكيل فرقة او مركز ثقافي عليه اتباع الاجراءات القانونية بذلك ويجب ان يكون فريقه مكون من اربعة اشخاص او اكثر ليحصل على الموافقة القانونية، اذا كنت تعنين بالتكتلات، تكتلات حزبية او دينية فبالتأكيد يوجد ذلك كون هولندا تسمح بها طالما لاتهدد امنها وسلامة مواطنيها، هناك مراكز ثقافية بالتأكيد هي تمثل احزاب ولكن بتسميات اخرى، وهي تسير وفق اديولوجية تلك الاحزاب سوى كانت احزاب دينية او علمانية او يسارية، رغم اني ضد ادلجة الثقافة والمثقف لكن هذه المراكز ساهمت بشكل كبير بتقديم المثقف العراقي للجالية العراقية ولكن يبقى نشاطها محصورا بالجالية العراقية والعربية، بمعنى انها غير مهتمه بثقافة البلد الذي نعيش فيه.

bull; عادة ما يستلهم المغترب ( ثيمة ) الوطن.. ياترى كيف هي النظرة لهذه القضية من قبل الاخرين ومن هم جمهوركم؟
من قال ان المغترب بعيداً عن قضية وطنه؟؟.. انه يحمله بين حناياه اينما حل، المغترب خرج وهو يحمل هموم كثيرة، يحمل هم الانسان العراقي المضطهد، المغيب والمهمش جراء سياسة القطيع التي اتبعها النظام السابق، وكيف يطرح هذا الهم والمعاناة، كان الهم الانساني هو العلامة التي هي اكثر اشعاعا بمجمل الاعمال المسرحية التي قدمت في هولندا، ويبقى الاختلاف باسلوب الطرح هو الفارق بكيفية تناول هذه القضية وايصالها الى الاخر، وهناك ماا تجه الى الفعل المنبري اذا جاز لنا ان نسميه هكذا من خلال اقامة ندوات، هناك الشاعر الذي كرس قصديته والتشكيلي لوحته، والخطاب المسرحي بالتأكيد سار على نفس هذا النهج، اردنا جميعا ايصال هم الانسان العراقي، بهذا الوطن وقضية الوطن هي الهاجس الوحيد الذي يفكر به المغترب حتى لو كان انسانا بسيطا.

من أحد مسرحيات الفنان


bull; ما أمكانية الاستفادة من نهج العمل الفني الغربي وحتى العربي في المنفى ؟

بالتأكيد العمل المشترك ذو فوائد عديدة، لعل الاختلاف بطريقة العمل هي احدى اهم هذه الفوائد، وهذا ناتج عن طبيعة الاختلاف الثقافي، في كل تجربة ادخلها احاول ان اكون اكثر من ممثل اذا كنت ممثلا بالعمل، اكون مراقبا لكل تفاصيل طريقة العمل، الجو العام، العلاقة التي تربط الفريق كمجموعة، وهذا لايعني ان ما تعلمناه على يد اساتذتنا الرائعين كان شيء خاطئ ابدا، لكن كما قلت هو اختلاف ثقافي، لعل من اهم الاشياء التي اكتسبتها من هذه المشاركات او من خلال وجودي بهولندا هو التفكير بهدوء واسترخاء كبير، وكذلك عدم تسيس الفن وادلجته، بمعن ان يكون الخطاب المسرحي خطاب بصري جمالي بالدرجة الاولى، وعدم تحميل العرض تأويلات لايحتملها العرض، وهذا ايضا ناتج عن الاختلاف الثقافي، الكبت السياسي ومصادرات الحريات هو الذي جعلنا نحتال على الرقيب من اجل طرح ما نريده قوله سياسيا من خلال شفرات العمل، وانا اسميتها بالعروض المفخخة بدراسة كتبتها عن تلك العروض، وقد تكون قراءتنا السياسية للعمل هي على حساب الجانب البصري الجمالي للعرض، الشيء المهم الذي استفد ته هو التنظيم ولعل هذا الشيء هو من اكثر الاشياء المهمة بالعملية الفنية، هنا تعرف قبل ما تباشر بالبروفات متى سيكون العرض وايام العروض واماكنها وتوقيتاتها وكذلك انجاز بوستر العمل منذ الاسبوع الاول، وانت كمخرج او ممثل متفرغ تماما لمهمتك داخل العمل والامور الانتاجية هناك فريق ادراي خاص بها يحقق لك الاشياء التي تساعدك بتحقيق عمل مسرحي جيد، العمل مع الهولندي كشريك على الخشبة فيه متعة كبيرة لاعلان التحدي كوننا من ثقافتين مختلفتين، انها فرصة لاثبات موهبتك وقدرتك على منافسته، وتكتشف بانك ليس اقل منه فنيا لكنه يعيش ببلد فيه استقرار على كافة الاصعدة، انها خبرة جميلة اعتز بها كثيرا، تعلمك كيف تصغي للاخر بدون توتر، لانه يصغي اليك بكل ود.

bull; ما المعوقات التي تواجه المسرحيين حين الشروع بعمل ما في بلد الاخر ؟
المعوقات كثيرة وتتسع كلما كبر حلمك بالتواصل بمشروعك المسرحي، كونك تعيش في ثقافة اخرى لعل اكثر هذه المعوقات هو الدعم المادي واللوجستي التي يصطدم بهما الفنان رغم وجود الكثير من تلك الجهات الداعمة للثقافة داخل هولندا، لكن يبقى نوعية خطابك ولمن توجهه وباي لغة؟؟ وانا واحد من الذين قدموا اعمالهم عن طريق المراكز الثقافية العراقية داخل هولندا، وهذا ناتج لعدة اسباب منها نحن وافدون جدد لهذا البلد ولانعرف ابوابا اخرى لطرقها من اجل تواصلنا الفني، وجهلنا التام بالمثقف الهولندي والمسرحي منه خصوصا، لهذا كانت اعمالنا دون فعالية حقيقية داخل الوسط الثقافي الهولندي او قد تكون معدومة، لانها كانت تقدم للاصدقاء والمثقفين العراقيين فقط، ومع جل احترامي وتقديري الكبير لهم، وعندما تكتشف بعدم جدوى تلك التجارب وانك تبحث عن متلقي اخر، عين اخرى من اجل ديمومة مشروعك المسرحي وتطوره بعيدا عن المجاملات التي اعتدنا عليها وعلى مقالات ترضي نرجسيتنا كفنانيين، اذا هنا يجب عليك مغادرة تلك المنطقة والسعي بمشروعك لمنطقة المثقف الهولندي الذي سيقاسم المتلقي العراقي بالمشاهدة،باعتبارك انك تنتج فنا ليس بلغة بيئية وانما بخطاب بصري جمالي انساني راقي، كونك تعيش بهذا البلد ولابد ان تساهم معه بالمنجز الثقافي، قد يكون الخطاب السياسي المؤدلج هو احد المعوقات بالتجارب العراقية بالمنافي وبالتأكيد ليس جميعها ولكننا نتحدث بشكل عام، وكذلك اللغة متى ما نتخلص من هذه المعضلة ونقدم تجاربنا بلغة اهل البلد سنكون حتما مشاركين بالحراك الثقافي داخل البلد الذي نعيش فيه.


bull; مارأيك بابن بلدك... بشريكك العراقي ؟
اريد ان اتحدث بقضية مهمة وخطيرة وليزعل علي من يزعل، الذي اريد ان اقوله اوجهه لشريكي بالهم الثقافي داخل العراق واعني به المثقف داخل العراق، هو عليه الانتباه للزيف الاعلامي لمثقفي الخارج لمعظم مايكتب عن الفنانيين بالخارج، كون هناك فنانيين كثر بالمهجر يسعون لخلق منجزات ومشاريع وهمية على حساب الموهبة والابداع، هناك اناس تعمل حوارات صحفية مع انفسهم باسماء مستعارة ويرسلونها للجرائد التي تصدر داخل العراق وكذلك الى المواقع الالكترونية، يريدون استغفال المثقف العراقي بالداخل وايهامه بمنجزاتهم الوهمية، وكذلك ايهامه بانهم فنانيين مهمين باماكن تواجدهم وانما الحقيقة عكس ذلك تماما، هناك فنانين يكتبون مقالات ودراسات عن اعمالهم وايضا باسماء مستعارة واحيانا باسماء اجنبية ويرسلونها للنشر، تصور بدا البعض يعطي لنفسه القابا علمية وشهادات عليا تحت شعار كذب ثم كذب حتى يصدقك الاخرين وهذه كارثة حقيقية، وذلك لسهولة النشر بكل الاماكن وكذلك لكثرة المواقع والصحف وحاجتها الدائمة لمواد، اي ان ليس كل ما يكتب عن التجربة المسرحية بالمهجر هو صحيح، بل اغلبه مزيف ويروج لثقافة رخيصة، واغلبه يكتب بعلاقات شخصية ولمنجز وهمي، انهم يصنعون اراشيف مزيفة والمحك الحقيقي هو الخشبة المسرحية فهي التي تعطيك هويتك الحقيقية، والذي يسعى من اجل تكوين ارشيف مزيف، هو الفنان الفاشل حتما، الذي ليس لديه موهبة، والفنان الحقيقي هو من يدع منجزه يتحدث عنه.


Isra_bkr@yahoo.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف