مسرح إيلاف

شريط النشاطات المسرحية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حكي نسوان: مسرحية عن هموم المرأة اللبنانية

بيروت من ليلى بسام: بعيدا عن الوضع السياسي الذي يزداد توترا في لبنان تقدم الكاتبة والمخرجة المسرحية لينا خوري وأربع ممثلات عرضا عنوانه (حكي نسوان) يبدو بعيدا كل البعد عما يحدث في الشارع وكأنه يدور في مكان وزمان اخرين. وليس (حكي نسوان) عرضا بالمفهوم السائد للمسرح من حيث الشخصيات والحوار. اذ تقدم الممثلات الاربع ندى أبو خالد وزينب عساف وكارول عمون وانجو ريحاني اثنتي عشرة لوحة تباعا على شكل مونولوجات أو حوارات من طرف واحد في محاكاة لاثنتى عشرة قصة لواقع الانثى في المجتمع اللبناني.
في العرض الذي اختلف حوله الجمهور خرجت لينا خوري عن المألوف شكلا ومضمونا فجاء نص المونولوجات جريئا الى حد القسوة على الذات وعلى المشاهد كأنها تحاول ان تضع مرآة مكبرة على الخشبة لتري من خلالها ما تعتبره عورات للمجتمع في تعامله مع المرأة. وتعرض المسرحية منذ شهرين ولمدة ثلاثة ايام في الاسبوع ولم يحدد موعد لوقف عرضها رغم الاحداث السياسية التي تعيشها البلاد. وتعتصم قوى المعارضة اللبنانية في وسط بيروت منذ اكثر من شهرين للمطالبة بتمثيل افضل في الحكومة واجراء انتخابات برلمانية مبكرة. ويأتي السرد على خلفية لعبة الاضاءة والموسيقى التصويرية ليوحي بأن الواقع النسوي يتراوح بين ذروة التراجيديا والملهاة التي تصل الى الكوميديا الصرفة.
ينطلق العمل المسرحي بهجوم صاعق للممثلات الاربع على المشاهدين بالكلام عن الاسماء الفصحى والعامية للعضو التناسلي للمرأة وينتهين الى نتيجة تتلخص في الدعوة الى تجاهل هذا العضو من جسد المرأة "وتركه في حال سبيله" كأنه لعنة او سباب. وتقوم احدى الممثلات بتقديم كل مونولوج بقالب يضفي الكثير من الجدية عليه عبر الاشارة الى انه رواية حقيقية قالتها امرأة ما لمخرجة العرض. وعندما ينطلق المونولوج على لسان احداهن تشاركها الممثلات الاخريات في لعب الدور الذي يكمل المشهد حتى وان كان هذا الدور لرجل.
من القضايا التي يثيرها العرض الاغتصاب في سن الطفولة على يد صديق العائلة وأعراض العادة الشهرية عند المرأة والتعرض لتجربة الوقوع فريسة لمثلية الجنس والتحرش الجنسي في العمل او على الطريق او في وسائل النقل العام والخاص وعمليات التجميل واثرها النفسي على المرأة والامراض النسائية والاشكال المتعددة التي تظهر فيها النساء في المجتمع وطريقة تعاملهن مع بعضهن البعض وتعاطي المرأة نفسها مع اعضائها الحميمة وتعاطي المجتمع مع هذه الاعضاء.
لم يكن من قبيل المصادفة ان ترتدي الممثلات الاربع ثيابا سوداء كاشفة طوال العرض في محاولة للقول إن واقع المرأة في المجتمع هو واقع اسود وان المجتمع لا يستطيع ان يرى من المرأة سوى انها جسد للجنس ويحاسبها على اساس هذه النظرية. وتقول احدى الممثلات ان هذه الثياب تظهر مفاتن المرأة في دعوة صريحة للمرأة من اجل اظهار ما لديها من جمال لان الله جميل يحب الجمال فلماذا اخفاء هذا الجمال.
تختتم المسرحية بصرخة مدوية من الممثلات الاربع في دعوة الى تغيير المجتمع رؤيته الى الامور الحميمة للمرأة. فعند وقوف الممثلات لتحية الجمهور تأتي انحناءة التحية - التي عادة ما يقدمها الممثل لتشكل جزءا من العمل الفني - في مبالغة وكأنهن ينظرن الى اعضائهن الجنسية. ورغم اقتباس عرض (حكي نسوان) عن عمل فرنسي فانه صيغ بقالب لبناني ليخاطب واقع المرأة اللبنانية وما تعانيه بسبب كونها أنثى.
وانقسمت ردود فعل الجمهور حيال المسرحية بصورة حادة بين مستنكر بشدة ومؤيد بصراحة حتى يبدو أنه لو قدمت في ظرف اخر بعيدا عن التوتر السياسي الحاد في البلاد لكان لها صدى اعلامي وفني اكبر نظرا لما تثيره من قضايا.
وقالت شادية مرعي (40 عاما) التي كانت برفقة زوجها ان "الامور الحميمة للمرأة يجب أن لا تخرج الى العلن بهذه الطريقة وبهذه اللغة."
لكن زوجها جهاد مرعي (45 عاما) وهو مدرس قال ان هذا العرض ينتمي الى المسرح الواقعي "وبالتالي فانه يفقد واقعيته اذا لم يسم الاشياء باسمائها."


مسرحي تونسي: آن الاوان للتصدي للتطرف الاسلامي بالفن وليس عبر الامن

تونس من طارق عمارة: قال مخرج مسرحية تونسية مثيرة للجدل عن "التشدد الاسلامي" والحجاب انه قد آن الاوان لمواجهة تنامي ظاهرة التطرف الديني عبر منابر الفن بتقليص الرقابة وتوسيع الحريات وليس باعتماد الاجهزة الامنية. وبدأ في تونس يوم الجمعة الماضي عرض مسرحية (خمسون) للمخرج فاضل الجعايبي للمرة الاولى بعد انتظار دام ستة أشهر بسبب مطالبة وزارة الثقافة بتعديل مقاطع منها قبل ان تسمح بعرضها. وقال فاضل الجعايبي لرويترز في مقابلة "الحل في القضاء على التطرف الاسلامي بتونس لايكمن في المواجهة الامنية فحسب بل يمر اساسا عبر التخلص من الرقابة على الاعمال الفنية وفتح المجال لحرية التعبير وعدم كبتها كي لا تتحول الى ردود فعل مدمرة".
ويتزامن العرض الاول للمسرحية في تونس مع تزايد الجدل حول الطريقة الانسب للتصدي لزحف ما يعرف بالتطرف الاسلامي في تونس بعد اندلاع مواجهات مسلحة نادرة بين الامن التونسي وجماعة سلفية في ضواحي العاصمة خلال الشهر الماضي قتل فيها 14 مسلحا واعتقل 15 اخرون حسب مصادر رسمية.
وأثارت المسرحية فضول العديد من المتفرجين من بينهم انصار للدفاع عن حقوق الانسان منذ عرضها يوم الجمعة الماضي بسبب جرأتها غير المسبوقة بين الاعمال الفنية في البلاد ولتعرضها لوصف التنكيل بمعارضي الحكومة وخصوصا الاسلاميين منهم. وقال الجعايبي "المنطق الامني والرقابي الذي تستخدمه السلطات ضد معارضيها يزرع بذور التطرف من بينها التطرف الاسلامي لذلك ليس هناك حل سحري باستثناء فتح منابر الفن والاعلام بحرية للتصدي لهذا الغول الخطير."
ويتجلى هذا الموقف الذي يتبناه المخرج بوضوح من خلال مشهد كاريكاتوري في المسرحية تظهر فيه مقدمة اخبار في التلفزيون الحكومي التونسي لتنبيء بتفجير ارهابي بعد ثلاثة ايام كاملة من وقوعه وتقول "التحقيقات لاتزال جارية في كنف القانون". ونقلت المسرحية التي تدوم ساعتين واربعين دقيقة مشاهد للتحقيق مع اسلاميين متهمين بتفجير ارهابي استعملت فيها كل الاساليب الممكنة للتعذيب. وهذه اول مرة يتم الحديث فيها علنا عن التعذيب في عمل فني تونسي.
لكن الحكومة تنفي تعذيب معتقليها وتقول باستمرار ان جميع السجناء يحظون بمعاملة جيدة وفي اطار ما يكفله القانون. ويقول الجعايبي الذي أخرج نحو 20 مسرحية وثلاثة افلام "انا والمؤلفة جليلة بكار نعرف جيدا خطورة ما أقدمنا عليه لكن اردنا ان نضع مشاهد التنكيل مراة امام السلطة والمعارضة والمواطن ليتحمل الجميع مسؤولياته وتطرح مواقف بديلة يكون الحوار الحقيقي اساسها." ويتابع "أنا سعيد لما احدثته المسرحية من جدل وحراك فكري في صفوف المثقفين وعلى أعمدة الصحف ومن استقطاب لاعداد واسعة من الجمهور قد تعجز احزاب معارضة عن استقطابها." وتنبش المسرحية في عدة حقب تاريخية منذ استقلال تونس عن فرنسا عام 1956 لكن الجزء الاكبر خصص للتركيز على تنامي ظاهرة التشدد الاسلامي ورفض ارتداء الحجاب الاسلامي لدوافع سياسية. ويتطابق رأي المخرج الرافض للحجاب مع موقف الحكومة التونسية التي رفضت بدورها هذا اللباس واعتبرته زيا طائفيا وهو ما اثار حفيظة الاسلاميين. وهنا يقول المخرج "ما هو الضرر اذا اتفق موقفي مع السلطة في رفض الحجاب (المسيس) والبحث عن قيم الحداثة للمجتمع التونسي." ويضيف "انجزت هذه المسرحية دفاعا عن قيم الحداثة في المجتمع التونسي ولكي لا تضطر ابنتي لارتداء الحجاب وتختار ما تريده."
وتتلخص احداث المسرحية حول عودة "أمل" الى تونس من باريس حيث انبهرت هناك بالحلم الاسلامي وانتقلت بذلك من الفكر الماركسي الذي ورثته عن والديها المناضلين اليساريين الى الفكر الاسلامي. وتجد "أمل" نفسها متورطة في قضية تفجير قامت بها صديقتها "جودة" الاستاذة. وتحدث هذه الفاجعة اضطرابا في كامل البلاد محركة بذلك اليات مقاومة الارهاب وواضعة وجها لوجه نظاما سياسيا صارما وديمقراطيين مغلوبين على أمرهم واسلاميين متشددين ومواطنين راضخين وغير مبالين.
لكن الامر الذي زاد الجدل حدة هو ان سهام النقد في المسرحية لم توجه لحركات التشدد الاسلامية فحسب بل طالت ايضا باقي اطياف المعارضة التي وصفت في احد المشاهد بالجامدة وغير المؤثرة اضافة لمؤيدي النظام الذين دأبوا على ترديد عبارات التطبيل. وخرج نشطاء يساريين غاضبين بعد مشاهدة المسرحية لكن الجعايبي علق على ذلك قائلا "كيف يطالبون بديمقراطية ولا يقبلون حتى باختلاف الافكار." (رويترز)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف