من النص إلى العرض المسرحي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
منتجب صقر من باريس: في ندوة بعنوان "من النص إلى العرض المسرحي في مسرح فيليب مينيانا" والتي نظمتها جمعية حقوق الكاتب المسرحي في باريس SACD بمناسبة الاحتفال بيوم المسرح العالمي وذلك طوال يومين متتالين من النقاش, قام الكاتب الفرنسي فيليب مينيانا Philippe Minyana بشرح وجهة نظره حول الكتابة المسرحية المعاصرة ورؤيته الإخراجية لنصوصه ولنصوص معاصريه باعتبار أنه بدأ مسيرته الفينة كممثل وككاتب ثم كمخرج.
- لا يمكن للكاتب المسرحي أن يكتب للمسرح ويفكر بإخراج نصه دون أن يفكر بالأشكال الفنية والأدبية الأخرى (الرواية، السينما...).
- على الكاتب أن يفكر بالخشبة عندما يكتب للمسرح فهو بذلك لا يكتب لوحده بل يتخيل الأشخاص الذين سيؤدون الأدوار في مسرحيته. وفي خضم عملية الخلق هذه يبحث الكاتب عن أصوات شخصياته من ما يراه في الواقع لذلك فهو يتفاوض مع الواقع بشكل دائم.
- النص المسرحي هو عبارة عن مجموعة من اللوحات التي تجتمع لتشكل عرضا ً وهكذا فعلى المخرج أن يهتم بتفاصيل كل لوحة (أو مشهد) دون أن يخرج عن روح النص فالتوضيحات النصية تشكل جزء لا يتجزأ من النص المسرحي ويجب قراءتها جيدا ً لأنها تحمل امتداد لحركات الشخصيات وحواراتهم.
- الحديث عن الانتقال من النص إلى العرض يدفعنا للحديث عن الرقص الكورالي في المسرح فهويعتبر كأحد أهم علامات الحداثة في المسرح الحديث والمعاصر حيث أنه يتكلم عن الجسد المجزأ وهويعتبر كرد قوي على تجاهل المجتمع للجسد. وبحركات الرقص يضع الراقص جسده أمام الخشبة فيؤكد وجوده بشكل قوي ويوصل رسالة واضحة للمشاهد وللمجتمع كأنه يقول:"يجب أن نرى ونسمع تعابير وحركات هذا الجسد".
- على الكاتب المسرحي ألا يتعامل مع الواقع باعتباره مادة جاهزة يمكن وضعها على الخشبة بل عليه أن يستحضره ويصور أجزاء منه تذكرنا بما يحصل على أرض الواقع من خلال العلامات التي يمكن للمشاهد ملاحظتها في المسرحية.
- على الممثل أن يتعامل مع النص كما لو أنه يعيش إيقاعه الداخلي بلا أي اصطناع أو تكلف في أدائه وأن يبرز ذلك الأمر من خلال تعامله مع الكلام بشكل طبيعي وكما يشعره دون أن يلجأ إلى تقليد أشخاص معينين أو تبني لهجة منخفضة أو مرتفعة في إلقاءه للنص.
في اليوم الثاني من الندوة طلب الكاتب فيليب مينيانا من بعض المشاركين بالصعود إلى الخشبة بهدف تطبيق المحاور النظرية لرؤيته الإخراجية على آخر مسرحية له " ماشي الحال" Ccedil;a va المنشورة في خريف 2006 لدى دار نشر تياترال في باريس. قمت بالمشاركة بأحد الأدوار مع ممثلين آخرين وهنا فإنني أورد ترجمة لأحد المشاهد في هذه المسرحية بعنوان "في الطبيعة":
(الأب, الابن الأصغر، الابن الأكبر. يمر بعض القرويين)
-القرويون: مرحبا ً - كيف حالكم
- الأب: بخير
- القرويون: - كنا نسير من هنا وقد رأيناكم
- رأيناكم وعرفناكم
- لم تتغيروا
- الأب: وأنتم لم تتغيروا أيضا ً
- القرويون: - لم تتغير أنت لكن الأولاد تغيروا
- مازلت على حالك لكن الأولاد تغيروا
- ساعتك جميلة
- الابن الأكبر: نعم أنها جميلة كيف حالكم
- القرويون: - في هذه الأوقات لا مجال للمزاح
- إنه زمن الآهات
- الأب: حقا ً
- القرويون: - نعم إنه زمن الآهات
- إلى اللقاء
- سررنا برؤيتكم
- الأب: لقد مضى زمن طويل
- أحد القرويين: أجل زمن طويل لم تتغير أنت لكن الأولاد تغيروا كثيرا ً
- الأب: وأنتم أيضا ً لم تتغيروا أيضا ً
- أحد القرويين: بلى لدينا الكثير من الهموم
- الأب: لا لا أؤكد لكم
- أحد القرويين: إلى اللقاء
- الابن الأكبر: نراكم قريبا ً
- أحد القرويين: سوف نمضي أنتما الاثنان تتشابهان كثيرا ً
البن الأكبر: حقا ً نتشابه
- أحد القرويين: قميصك جميل
- الابن الأصغر: أجل إنه جميل
- أحد القرويين: إلى اللقاء إلى اللقاء
يصور هذا المشهد عائلة تتنزه في الطبيعة ويبدوالموقف اعتياديا ً يمكن أن يحصل لكل الناس ويكاد يكون الكلام بدون أهمية فالناس يستعملون عبارات التحية مرات عديدة خلال اليوم الواحد. تبدوالجمل مكررة حيث أن القرويون يرددون العبارات ذاتها والمشهد يتم في لحظة لقاء تذكرنا بأي حوار بين أشخاص حقيقيين يقاطعون أشخاص آخرين في مكان النزهة.
يتميز هذا الكاتب فيليب مينيانا بأسلوب خاص في مسرحياته فهويخلق فضاء مسرحي من خلال مسرح الكلام حيث أن ما يهمه هومسرحة حوار شخصياته ولا يهتم أبدا ً بسرد قصة أومعالجة موضوع ما في مسرحياته. يقول فيليب مينيانا عن علاقته بالكتابة " الكتابة هي مشروع, لا أعالج موضوعا ً بحد ذاته في كتابتي المسرحية بل إن الكتابة هي عمل استحضر فيه الواقع وأساءله في مواضع عدة دون أن أنسخه على الخشبة. قد أكتب مسرحية عن حادثة معينة حصلت في زمان ومكان محددين لكنني -على الخشبة- أجعل منها
فيليب مينيانا
بدأ الكاتب فيليب مينيانا كتابة المسرح منذ السنوات السبعين من القرن الماضي, ومارس في نفس الوقت مهنة التمثيل وإدارة ورشات عمل مسرحية حول المسرح الفرنسي المعاصر. وله حتى الآن قرابة ثلاثون مسرحية نشر معظمها في دار نشر أكت سود, تياترال, ومنشورات المسرح المفتوح في باريس. خلال هذه السنوات الطويلة من العمل المسرحي قام العديد من المخرجين المسرحيين بإعداد مسرحياته أمثال: روبير كانتاريللا, كارلوس فيتتنغ, ألان فرانسون. وكما أذيعت بعض مسرحياته في إذاعة فرنسا الثقافية "فرانس كولتير". ومن أخر أعماله المسرحية نذكر: غرف (1987) Chambres,دراما قصيرة (1996) Drames brefs, "بيت الأموات" La maison des morts(1995), "مساكن" (2000) Habitations, "الرواق" (2004) Couloir. ماشي الحال Ccedil;a va(2006).