ثقافات

حياة صامتة مسرحية للصم والبكم في بيروت

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بيروت من ليلى بسام: حياة صامتة في بيئة صامتة.. هكذا هي مسرحية "عالم بلا صوت" التي تعالج تواصل الصم والبكم مع مجتمع لا يقبل الاختلاف. انهم مجموعة من الصم والبكم وضعاف السمع حاولوا عبر عرض مسرحي التحدث عن علاقتهم بالمجتمع ومستقبلهم وافكارهم والمساواة التي يفتقدونها والمواقف التي يتعرضون لها في الحياة ونظرة المجتمع الرافض لاندماجهم وكذلك التحدث عن استغلالهم والتعامل معهم على انهم متسولون. تجسد مسرحية "عالم بلا صوت" من اعداد واخراج عصام بو خالد يوميات الصم والبكم انطلاقا من مجموعة قصص تخص بشكل مباشر او غير مباشر الممثلين الذين هم من الصم او ضعاف السمع. يظهر زوجان وقد أنجبا صبيا ويتلقيان التهنئة "مبروك.. ولد لكم طفل" لكن يدور تساؤل "هل هو أصم.." وسرعان ما يأتي الجواب بنعم فتسحب التهنئة ويختفي الجميع ويبقى الطفل وحيدا ملقى على كومة من القمامة. لكن الطفل يصرخ بانه سيكون متفوقا. وتمر الايام ونراه قد تعلم ان يسمع ويتحدث بعينيه ويديه وقلبه وعقله. هو تعلم ان يسمع حتى الصمت من حوله.
وقف بو خالد في هذا العرض الذي يستمر نحو 45 دقيقة على حافة الحكاية التي تتضمن بحثا عن لغة جديدة وطريقة جديدة في التعبير معتمدا على طريقة الكوميديا السوداء.
ولكن اجمل ما في العرض انه ليس عرضا ايمائيا ولا يرتكز على لغة الاشارة الخاصة بالصم ولا على الاشارات الصوتية المبهمة التي تصدر عنهم ولا لغة الجسد وليس عرضا يرتكز على اللغة التي يستعملها البشر بالكلام فهو مزيج من كل ذلك.. انها لغة خاصة جديدة شكلت نقطة التواصل بين المشاهدين المؤلفين من الصم والبكم والاصحاء.
يناقش العرض موضوع الاختلاف داخل مجتمع معين ويقول بو خالد ان العرض يذهب "الى حدود التطرف بالمعنى الايجابي اي ان يأخذ حالات متطرفة لنقول اننا نستطيع ان نجد ساحة معينة نتشارك فيها."
وكان العرض الذي قدم مساء امس على مسرح مونو في بيروت قد عرض سابقا ضمن نشاطات مؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان في اطار العمل لاظهار القدرات والامكانات الفنية والثقافية التي يتمتع بها الصم تأكيدا لاهمية الدمج الاجتماعي. وقال بو خالد لرويترز بعد العرض "بدأوا معهم تجارب بالايماء اي التمثيل الصامت... ولكن شعرت ان الايماء يكرس انهم صم ولا يتكلمون جيدا فقررنا تدريجيا استخدام الاصوات. طبعا في البداية كانت لديهم ازمة اذ كيف يمكنهم استعمال صوت لا يسمعونه وبالتالي كيف ستتم السيطرة وكيف سنسمع بعضنا على المسرح.." اضاف "بدأنا نجرب ونخترع ونعمل وتدريجيا. بدأوا يثقون بفكرة ان هذا الصوت مثله مثل اي عضلة يمكننا السيطرة عليه حتى ولو لم نسمعه... هناك شيء غريب اشعر انه اقوى نقطة في العرض وهو التنسيق بين بعضهم البعض بدون ان يسمعوا بعضهم البعض. هذه التجربة بالمسرح متعة."
وتشكل الديكور من عناصر بسيطة جدا على خلفية سوداء لتخدم الاشياء لذا تم التركيز على حركات الممثلين والخفة التي تمتعوا بها.
ويصف بو خالد الممثلين الاربعة عشر بانهم ممثلون حقيقيون ذهبوا الى "المسرح" بكل ما للكلمة من معنى مشيرا الى المصاعب التي واجهها خلال التدريب على العرض.
وقال "الصعوبة انا اسمع وهم لا. هم يتكلمون الاشارة انا لا. بالتالي كل واحد منا لديه لغة مختلفة عن الثاني. انا عندي قدرة على السيطرة على لغتي وهم لديهم قدرة على السيطرة اكثر على لغتهم وانا لا اتقن لغة الاشارة رغم اني افهمها. لا يوجد احد اقوى من احد." ومضى يقول "تدريجيا بدأنا بالتقارب لاختراع لغة مشتركة بين الاشارة والصوت والجسم والايماء والمسرح وبين كل شيء... عالم بلا صوت يحمل معنيين اثنين اما ان العالم هو بلا صوت وبالتالي فهم لا يسمعونه او انهم (الصم) لا صوت لهم والناس لا تعرف ان تتأقلم معهم." وقالت منيرة ابي زيد التي شاهدت العرض "ادخلونا الى عالمهم. انه عالم بحد ذاته لكنه رائع واشركونا في مشاكلهم وقضاياهم واحساسهم بالرفض من المجتمع... لكن بالنهاية يبقى الحب هو نقطة التواصل بيننا." (رويترز)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف