ثقافات

المسرح العراقي.. تجارب مسرحية جديدة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

صالح حسن فارس- من بغداد: المسرح نشاط مديني بإمتياز، ينتعش بفضاء المدينة وقيمها، والفنان المسرحي هو رمز يسعى لتطوير ذوق الإنسان وتهذيب روحه وطباعه وإحداث تغيير ما في مجتمعه من خلال لهيب طاقته الداخلية التي يسعى إلى تفجيرها من خلال تجلياته المسرحية الجلية. المسرح كنشاط إنساني يتاثر بالمحيط الذي حوله وظروفه مسرحية العرس الوحشي الخاصة سياسيا ومجتمعيا واقتصاديا، وعند انتشار الفوضى السياسية والعنف والطائفية، تتم محاولات إحتواء الأنشطة الفنية والثقافية برمتها والمسرح من ضمنها ولا يبقى أمام الفنان المسرحي الحقيقي إلا أن يحاول أن يستمر في أعماله متحديا الارهاب والموت. إن ما حدث بالعراق من تعبئة المسرح عسكريا أدى إلى إعاقة نمو التجربة المسرحية العراقية وتخريب الكثير من الأعمال والطاقات الفنية، وعمليات هروب وهجرة كبيرة من الفنانين العراقيين إلى دول عربية وغربية أو صمتهم وابتعادهم عن المسرح أو استدراج بعضهم ليكونوا بوقا وعظيا وتبشيريا بسياسات السلطة القمعية.
على الرغم من صعوبة الظروف الأمنية والسياسية التي يعيشها العراق، ومشاهد الدم والعنف التي تبثها وتتسابق على نقلها القنوات الفضائية العربية والعالمية الى المشاهد العربي والاوربي، تواصل الاعمال المسرحية والادبية والفنية العراقية تحديها للعنف ونبذ الطائفية.
يستمر الفنان المسرحي العراقي في ظل ظروف صعبة حرجة وفي وضع أمني مترد بالتواصل مع بروفاته المسرحية على الرغم من أن جمهور المسرح مفقود وغائب ولايتمكن من حضور المسرحيات بسهولة الا عدد قليل منهم .الفنان المسرحي العراقي يواصل نشاطه المسرحي ليؤكد حضوره الدائم في الحياة عبر حضوره الفاعل في المهرجانات العربية. لم تخبو جذوة المسرح العراقي ولم يمت، بل ظل يناضل ويواصل مسيرته وحضوره بشكل جلي في المشهد العراقي. وهو بهذا كثيراً مايشبه الانسان العراقي الذي يصارع الحياة ليثبت انه موجود ويتنفس متحدياً كل الصعوبات والمشاكل اليومية التي تعيق هذا التواصل، بسبب الموت المجاني الذي يخيم على حياة الفرد العراقي في كل لحظة وفي اي مكان.

أعلل النفس بالامال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

ثمة فسحة صغيرة من الأمل تلوح في الافق ليواصل الفنان المسرحي حلمه المشروع في طريق صعب في رسم مستقبل جديد، ليواجه الارهارب ويؤكد هذه الصرخة الفنية الانسانية بوجه التطرف والعنف الطائفي الذي يشهده العراق حالياً.
النشاطات الفنية والمسرحية العراقية مستمرة وتستمر رغم كل ما يكتنف بالبلاد من مخاطر. نرى معارض فوتوغرافية وتشكيلية، مهرجان مسرحي للطفل بعنوان ( أطفالنا مستقبل العراق) وهو المؤتمر الثالث لتفعيل مسرح الطفل في العراق الذي اقامته وزارة الثقافة لدائرة السينما والمسرح، وكذلك نشاطات الفرقة الوطنية للتمثيل وفرقة المسرح الشعبي.
نشاط مسرحي مستمر للتدريب على المسرحيات وعرضها في العراق أو مشاركتها في المهرجانات العربية ومن هذه الاعمال التي سيتم عرضها على قاعة المسرح الوطني في بغداد:-
(العرس الوحشي) تأليف فلاح شاكر واخراج الفنان أحمد حسن موسى وتمثيل شذى سالم ورائد محسن. وقد شاركت في مهرجان عمان المسرحي.
مسرحية (الرجع البيعد) للكاتب فؤاد التكرلي أعداد عباس لطيف واخراج الفنان (فتحي زين العابدين) تمثيل الفنانتين (زهرة الربيعي وابتسام فريد) وغيرهم.
ومسرحية (خارج التغطية) المعّده عن مسرحية مشعلو الحرائق لماكس فريش اعداد الشاعر كريم شغيدل واخرج الفنان كاظم النصار.
ومسرحية (هملت) لشكسبير من اخراج الفنان (غانم حميد)، ومسرحية (خريف الجنرالات) اعداد مثال غازي واخراج الفنان (ابراهيم حنون) وتمثيل الفنانين صادق عباس، صادق مرزوق، ماجد فريد ،وميس كمر. ومسرحية (اجحاف) من اخراج الفنان حيدر منعثر.

ومسرحية )الصدى( تأليف ( مجيد حميد) واخراج الفنان (حاتم عودة) وتمثيل الفنانين بشرى اسماعيل، ومحمد هاشم، العرض يتحدث عن مقاتل خاض حروباُ خاسرة لا طائل من ورائها سوى النزعة الفردية في الهيمنة والاستحواذ على الارض والبشر منطلقا من غايات شخصية، دفعته اليها امراضه، التي اوصلته الى عدم التفريق بين العدو والصديق، الممثلة بشرى اسماعيل مع صالح فهو قد بدأ باقرب الناس اليه من اخوته وابناء عمومته لينطلق الى توسيع رقعة ضحاياه. ليعود بعد ان احرق كل شئ حوله ليتحاسب مع واقعه مدافعا مرة ومعتذرا مرة اخرى، ليكتشف انه مرفوض من قبل الجميع. والحكاية تقول ان جنديا عاد من معاركه التي دامت ثلاثين سنة، ليناقش الاسباب التي دعته الى قتل اخوته وسرقة اموالهم، مبرراُ دوافعه كونه كان منبوذا ولم يكن مقبولا من قبل اخوته ومجتمعه. فاراد ان يصنع لنفسه اهمية حتى ولو كانت على حساب الاخرين، يناقش هذا مع امه التي يكتشف اخيرا انها لم تسمع كلامه ولم تراه اصلا بسبب فقدها لسمعها وبصرها من جراء افعاله المشينه، ويشعر انه مرفوض من خلال ماتطرحه الأم من افكار وهذيانات وتداعيات وهلوسات يظن انها - بسبب تطابقها مع اسألته- تحاوره وتناقشه وتعاتبه.
يقول المخرج (حاتم عودة) لايلاف: (يطرح العرض قضية مهمة للمناقشة: وهي هل يمكن التسامح مع قاتل معترف بفعلته ويعتقد ان لها اسبابها وظروفها ولكنه يريد ان يعيش ويندمج مع المجتمع الجديد مستغلا الافاق الجديدة التي تفتحت والتغيير الذي حصل في المجتمع بعد 2003 ؟ واذا كان ذلك ممكنا من قبل المجتمع. فهل يمكن ان يسامحه ذوي ضحاياه؟ هذه القضية تشمل الكثير ممن ساهموا في تدمير البلد ولكنهم معترفين باخطائهم ومستعدين لتحمل المسؤولية عن افعالهم، شرط ان يسمح لهم المجتمع بحياة جديدة يندمجون فيها بالوضع الجديد الذي نعيشه. العرض يناقش هذه القضية ولا يطرح حلا بعينه، بقدر ما يتيح للاخر مناقشة الامر مع نفسه ومع غيره، هي دعوة للتامل بهذا الموضوع وقراءة للاسباب والمسببات من وجه نظر جهة واحدة على امل ان نجد الجهة الاخرى للنقاش) .
عليك التواصل مع الحياة فربما يحدق بك الخطر اينما تكون في العراق، هكذا قالها العراقي وأوصد الباب خلفه خارجا الى الحياة..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف