ثقافات

المسرح اللبناني محور ندوة في شمال فرنسا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كون (فرنسا) من هدى ابراهيم: شكل المسرح اللبناني بكل جوانبه محور المناقشات في ندوة عقدت الجمعة في مركز "الذاكرة والنشر المعاصر الفرنسي" في مدينة كون (منطقة النورماندي)، وشارك فيها عدد من الفاعلين في المجال المسرحي في لبنان. وجاءت هذه الندوة في ختام ورشة عمل بعنوان "مهرجان الكتابة والاخراج اليوم: استمرت شهرا وجمعت بين ثلاثة كتاب مسرحيين لبنانيين وثلاثة مخرجين عملوا كل اثنين على بلورة نظرة اخراجية اولى لنصوص ثلاثة قدمت مساء بالفرنسية على خشبة مسرح بانتا. وارتأى المنظمون استضافة لبنان في هذه الدورة السادسة من المهرجان الذي يشهده مسرح بانتا، مؤكدين ان ذلك يشكل "ضرورة". وتولى ادارة الندوة التي عقدت في دير يشكل مقر "مركز الذاكرة والنشر المعاصر" الذي يساهم في تنظيم الندوة، المسرحي اللبناني المقيم في باريس نبيل الآزان. وقد شارك فيها كتاب ومخرجون وممثلون من جيلين هم روجيه عساف وايتيل عدنان وسوسن ابو خالد وناجي صوراتي وايلي كرم. بينما حضرت في القاعة نضال الاشقر اضافة الى نحو خمسين شخصا من المهتمين بالمسرح والعاملين في قطاعه.
ومهد الآزان للندوة باثارة وضع المسرح اللبناني وطرح اسئلة حول كيفية صنع المسرح في بلد لا تقوم فيه الدولة باي جهد لدعمه وحول مسائل كتابة النص والمواضيع التي روجيه عساف يتغذى منها. واكد المشاركون انهم يتدبرون امرهم بالتحول الى كتاب وباختراع المسرح كل مرة في العاجل والملح. وذكر روجيه عساف احد رواد المسرح اللبناني بان المسرح اليومي بدأ فعليا في لبنان مع شوشو ابي المسرح اليومي في 1963 حيث لم تكن الاعمال تقدم الا في المناسبات والمهرجانات. واوضح ان بيروت تحولت فعليا الى مركز للابداع في الشرق الاوسط بعد حرب حزيران/يونيو 1967 حيث وفد اليها العديد من المثقفين العرب بحثا عن واحة حرية. ومع استقطابها لاموال النفط العربية في السبعينات ازدهرت بيروت وصارت مدينة لها موقعها في الشرق الاوسط.
وفي توقفه عند وضع المسرح اللبناني، قال عساف ان هذا المسرح "غير موجود وولد عدة مرات. هناك لبنانيون يخترعون مسرحياتهم على كل المستويات. المسرح في لبنان متفرق وغير متواصل. انه مسرح يشبه اللكمات وعمل مسرحية يظل مغامرة". وشدد عساف على ان "هناك مشاريع ومسرحيات. لكنه مسرح طارئ لا يملك جمهورا ثابتا. مع ذلك فهو مرتبط بالسياسي وبناس يريدون التفكير بما يحيط بهم ومرتبط بحالة الناس في الحرب القائمة في لبنان وحيث نحن دائما بين حربين".ولا يوجد اي دعم من الدولة اللبنانية لقطاع المسرح. كما ان وزارة الثقافة لا تقوم باي جهد لانعاش هذا القطاع الذي يقوم كليا على اكتاف العاملين فيه.
ويدير عساف حاليا تجمع "شمس" الذي ينتج اعمال عدد من المسرحيين الشباب في "فضاء دوار شاتيلا". وقد قدم اخيرا مسرحيته "بوابة فاطمة" في الجزائر بعد بيروت.
ومن السمات الغالبة على المسرح اللبناني ومنذ ولادته اعتماده على اقتباس نصوص عالمية و"لبننتها" لتتوافق مع مزاج المشاهد اللبناني ومع الحاضر القائم. غير انه وفي السنوات ال25 الاخيرة تعزز التوجه نحو "اختراع النصوص" تحت ضغط الحاجة.ويشكل النص المسرحي غير المكتمل سمة من سمات المسرح اللبناني الجديد حيث تعاد صياغة النص مرات ومرات. واوضح عساف "هكذا يتجدد المسرح اللبناني ويثير النقاش من حوله".
وعبر معظم المشاركين في الندوة عن عدم ايمانهم بقدسية النص المسرحي على عكس ما هو الوضع عليه في المسرح الاوروبي مثلا. المخرج والممثل والكاتب المسرحي ايلي كرم قال انه يؤيد "مسرحا لبنانيا خالصا. اضع مرآة امام المشاهد اللبناني ولا ابحث عن شكل مسرحي محدد. مقاربتي للمسرح فيها نوع من الاخذ بالثأر". درس كرم المسرح في كندا وحظيت مسرحيته بالعربية "شلاح الطربوش" في الموسم الماضي بنجاح كبير. وهي تتكلم عن الشهيد بمختلف معاني هذه الكلمة، بما في ذلك"المنفي" الذي يعتبره كرم "شهيدا ايضا". وبدا موضوع الحرب قاسما مشتركا حضر في كافة النصوص ومنها نص كرم الجديد الاول له بالفرنسية "كلمني عن الحرب كي احبك". وقد اكد ضرورة "مسرحة الحرب والجلوس بمواجهتها".
وتوافق جميع المشاركين على ان الحرب لم تنه المسرح اللبناني بل غذته. وقال عساف ان "المسرح لا يستطيع ان يصور الحرب لكنه يمثل الانسان الذي تريد الحرب تدميره".
واضاف "من خلال تصويري للحرب اردت ان اظهر الى اي حد يمكن للجنون البشري ان يصل"، مؤكدا ان المسرح اللبناني "مسرح مقاوم في بلد متعدد الهويات وهي صعوبة بالنسبة لي".
اما المسرحي ناجي صوراتي واستاذ المسرح في الجامعة اللبنانية الاميركية فكان حاسما في تعريف مفهومه للمسرح. وقال "لا رسالة لدي اوجهها لاحد. اطرح اسئلة في اعمالي التي تتمحور حول ذاتي الى درجة انستني حضور الجمهور". واضاف "بحثت في داخلي عن المسرح الذي اريده وفهمت بعد حين اني حين اكتب بالعربية اكون اقرب الى جمهور بيروت"، موضحا انه قدم اعمالا بثلاث لغات لكن مسرحيته المقبلة "ستكون صامتة تماما وعنوانها +سيلينسيو+ (صمت)". اما حول الحرب، فيقول صوراتي "لا زلت في حرب الصيف ولم اتخطاها بعد. كانت حربا في غاية السريالية. فجة لم يعد لدينا شيء نقوله واحسسنا اننا بتنا مقطوعين عن الجمهور". وخلال عمله في الورشة عمل صوراتي على نص ايتيل عدنان "بي زيرو ديز ويت"، وهو مقهى ليلي لبناني افتتح بعد الحرب على موقع مجزرة وصنعت الطاولات في داخله بشكل توابيت.
وقالت الشاعرة والفنانة التشكيلية ايتيل عدنان ان "المهم (...) هو اننا بصدد صنع شيء يمكن ان يصبح تقليدا فيما بعد"، مشيدة "بالغليان الفني" لدى الشباب اللبناني.
اما سوسن ابو خالد الاصغر سنا بين المشاركين هي وتمثل وتكتب وتخرج، فقالت انها تبحث عن هويتها الانسانية وليس اللبنانية من خلال المسرح وتجرب، في مواجهة الحرب الضياع على الخشبة.وقالت "ابحث عن نقطة ضوء تؤكد لي اني على قيد الحياة".
(أ. ف. ب.)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف