مسمار آخر في نعش الإستبدادية العربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دستور العراق الجديد وقرف الإعلام العربي...
إستنفرت الإنظمة العربية التسلطية أجهزتها الإعلامية، وبدأت في خوض حملة تشويه و"خربطة" مغرضة عشية توجه العراقيين لصناديق الإقتراع للتصويت على الدستور العراقي، بعد التعديلات الأخيرة التي أدخلت عليه: تلبية لمطاليب بعض "القوى السنية" التي تدللت كثيراً وتكابرت مستفيدة من الِحلم الأميركي وديمقراطية "جماعة أميركا" من العائدين على "ظهر الدبابات الأميركية"!.
لقد تحرك العراقيون إذن، وتحت تهديد ووعيد الإرهابيين الزرقاويين و"مجاهدات" وسائل الإعلام العربية في تقديم مايمكن تقديمه من أكاذيب و"تحليلات" مغرضة حول التصويت ونتائجه، ناهيك بالطبع عن السموم الزعاف التي نفثتها ثلة "العلاك المصدي" تلك، ممن تطلق عليهم الفضائيات العربية المعادية للعملية الديمقراطية في العراق إسم المٌحللين السياسيين: الذين هم خليط من منظري الهزيمة العربية (الشاملة وعلى كافة الصعد..) ووعاظ السلاطين وخدام المسؤولين هنا وهناك...
إن مافعله العراقييون يوم 15/10/2005 من تصويت جامع على العقد الذي سٌينظم علاقة فئات وشعوب العراق وكردستان ببعضها البعض، لهو بمثابة مسمار آخر في نعش الإستبدادية والشمولية العربية، تلك الإستبدادية التي تأصلت وتوطدت في المنطقة العربية بفضل أنظمة القمع والمصادرة، التي أوثقت قيودها في أيدي وأدمغة مواطنيها فحولتهم لعبيد أذلاء يلهثون ليل نهار من أجل لقمة الخبز، و تحقيق الشعارت الكاذبة في "التحرير" و"التنمية" و"التطوير" التي أطلقتها الأنظمة لتغطية سلبها ونهبها للوطن...
ليس من ثقافة المنطقة العربية الحديث عن (الدستور) و(الإنتخابات) و(تمثيل الطوائف والشعوب في الدولة)، فهي مصطلحات تشكل خطوطاً حمراء في العرف العربي السلطوي، دونها الموت وقطع الرقاب. فالسائد في سوق السياسة العربية هو حكم الفرد والديكتاتورية و"السلبطة" بإسم الشعب بعد تغييبه ودوسه بالجزمة العسكرية، وأي حديث عن (الحقوق الفردية) أو (الديمقراطية) أو (حقوق الإنسان والأقليات) أو (منظمات المجتمع المدني) أو (معرفة الخارج والداخل في ميزانية الدولة) أمور تودي بقائلها وتقذفه إلى ماوراء الشمس، حيث الهلاك في إحدى زنازين الصحراء...
هكذا هي الحال في الإقطاعيات العربية، من تلك التي ناصبت الشعب العراقي العداء لحظة سقوط الصنم/المعبود الجماهيري العروبوي في 9 نيسان المجيد.
خروج العراقيين في جميع أنحاء البلاد ضربة قوية من عداد عدة ضربات أخرى سددها العراقيون للديكتاتورية العربية، وجموع مرتزقتها من الكتبة والمنظرين الذين يهبطون مثل الخفافيش لقطف العطايا والكوبونات،أملاً في عرقلة مسيرة الشعب العراقي والمساهمة في إستمرار مسلسل القتل والدم بحق أطفاله ونساءه كل يوم. لقد سددّ العراقيون والعراقيات ضربة قوية لهؤلاء ومن ورائهم أمرائهم ورؤسائهم المتخمين فوق الوسائد جافلين من التغيير الديمقراطي الآتي: بعد العصف الذي أودى برفيقهم صدام(قائد البوابة الشرقية للأمة العربية!) ورهطه المجرم، وأودى بهم إلى خلف قضبان العدالة العراقية: المكان الطبيعي لهم ولأمثالهم...
أحسنّ (الحزب الإسلامي العراقي) بقبول الدستور العراقي وحض العرب السنة على قبوله، وهو صاحب الموقف العقلاني، منذ (مجلس الحكم الإنتقالي العراقي) حينما ترئسّ السيد محسن عبدالحميد للمجلس في إحدى دوراته. بقراره هذا، أوصدّ الحزب الباب في وجه القوى الخارجية التي حاولت الإرتهان على السنة وموقفهم لعرقلة الديمقراطية وتدميرها في العراق الجديد، وليس غريباً، والحال هذه، أن تعمد القوى الإرهابية إلى مهاجمة مقراته طالما أختار الوقوف مع الإجماع العراقي في قبول الدستور المعدل والبدء في بناء البلاد ودحرالإرهاب...
لقد أراد العربان ومؤسساتهم الرسمية،الممولة من أموالهم السحت الحرام،إحراق العراق بما أسموه بالمقاومة، و قتل الكرد والشيعة جهاراً نهاراً بحجة أنهم "شعوبيون" و"مجوس" و"يهددون" وحدة الأمة ودينها وهويتها الحضارية(أية هوية حضارية هذه التي تبيح قتل الآخر ونفيه؟)، وكان لهم ومنذ اليوم الأول لولادة العراق الجديد، الباع الطويل في إرسال "طرود الموت" و"البهائم المفخخة" للبلاد لتفجر نفسها في الأبرياء: عن طريق فتح الحدود على مصراعيها، والتأثير في قطاعات عراقية كانت مستفيدة من نظام البعث الصدامي عبر شراء الذمم والتحريض والدعم...
الرئيس الأميركي جورج بوش(صديق العراق الصدوق ولاجم العربان وغيرهم من تدميره) وصف الاستفتاء على الدستور العراقي الجديد بأنه "يشكل خطوة حاسمة في مسيرة العراق باتجاه الديمقراطية.وأضاف بوش في خطابه الإذاعي الأسبوعي "أن العراقيين يوجهون، من خلال مشاركتهم في الاستفتاء، ضربة قوية للإرهابيين، ويعبرون عن نبذهم للتمرد والعنف وتمسكهم بالانتخابات السلمية أداة لصنع مستقبل بلادهم"، ولم يزد بوش بأن العراقيين وجهوا ضربة قوية للأنظمة المستبدة التي تحيط ببلادهم كذلك، من تلك التي ترتعد من الأصبع العراقي المخضب بالحبر البنفسجي الأثير، تلك الأنظمة التي تنحبس الدماء في عروق مسؤوليها وأزلامها، حينما يشاهدون مسؤولاً كردياً من مسؤولي العراق يتكلم بالكردية، اللغة الثانية لأهل العراق، وهم الذين تعودوا طوال حياتهم على اللغة الواحدة والحزب الواحد والقائد الواحد...