قانون الطبيعة وطبيعة التخلف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قال شاعر ألمانيا الكبير فريدريش شيلر قبل مائتيْ عام:
يا صديقي هكذا كانتْ وتـبــــقى دائـماً في ذا الطّـريـق ِ
إنَّ للضّعفِ قوانـينَ، بـها
يُصبح العاجزُ في هَـمٍّ وضيق ِ
لكنِ القـوَّةُ معـقـودٌ لـها كلّ ُ نصرٍ في غروبٍ أو شروق ِ
وقبله بثمـانية قرون قال فيلسوف المعـرّة :
كم وعظَ الواعظون فينـا وقـام في الناس أنـبـياءُ
فانصرفوا والبـلاء بـاقٍ ولمْ يـزل داؤكَ العَـيـاءُ
حكمٌ جَرى للملـيك فينـا أمْ نحن في الأرض أغبياءُ؟
وهنا أرجو السّماح من الفيلسوف العظيم أن أجيـبَـه بتواضع:
ليس الذي ما تقـول لكـنْ
أغرقـنا الحقد والرِّ يـاءُ
مذ يولَد الطفل وهو طُـهرٌ
بلوحةٍ جُـلّـها نَـقــاءُ
يُنـقَـشُ فـيها بكلِّ فخـرٍ
زيفٌ وجهلٌ وكـبريـاءُ
فيرسُف العقلُ فـي قيـود
يبرع في صنعها الأولياءُ
إن كانت الشمسُ في كسوف فهـلْ تُرى يسطَعُ الضِّياءُ؟
وما بينهما يقول حسن البدري الحجازي الأزهري ( تُـوفيَّ عام 1131 هـ )
إحذَرْ أُولي التسبيح والسُّبحةِ
والصّوف والعُكّـاز
والشّملةِ*
قد صار إبليسُ لهم تابعـاً
يقـول يا للعـونِ والنّجـدةِ
ممّا حَـويتمْ علّموني، فما لي عنكمُ في المكر من غُنيةِ
لكم قيادي وانقيادي ومـا
مثـلُكمُ في النـادِ والنـدوةِ
وأنتـمُ تاجي على هامتي ما هِمتُ** إلاّ كنتمُ هِـمّتي
ربما تلقي هذه المقالة للكاتب المنشورة في جريدة المجرشة اللندنية باسم (نديم عبد الله) في عددها المرقم ( 38 ) الصادر في تموز 1996 شيئاً من الضوء وتُـزيح بعضَ الظِّـلال! وهل أستطيع أنْ أقول إنَّ ما توقعته قبل تسع سنين تحقق اليوم وأخشى أن يكون كذلك غداً!
رسالة مهداة إلى الكمداني
وإذا تمّ تحرير الوطن ، وتبـوّأوا المناصبَ السَّـنِـيَّة، وشاء الحظّ ُ أنْ يقسموا الأرزاق بين الرَّعيّـة، فهلْ ستكون هناك مساواة بين الخَـلق ِ؟ وهل ستنعدم المحسوبية؟ أم أنَّ العشيرة والقبيلة والعائلة وأواصرَ القربى وزمالة الحزب ورفاق الطَّـريق تلعب الدور الأكبر؟ وكيف سينظرون إلى الكفء الذي لم يرتبط بهذه التنظيمات ؟ فهل سيمنحونه المركزَ المناسبَ لـيُسـاهِـمَ في خدمة الوطن، أم سيُـركَـلُ من كل جانب ويوطأ ُ بالأقدام؟ لأنَّـه ليس من الحزب، ليس من العائلة، ليس من القبيلة وليس من الأصدقاء المقرَّبين؟ فإنْ لم يكن في مصلحة الوطن انتماؤه، فهو نكرة، وهم معرفة، وهم الوطن فقط! كان العهد الملكيّ ُ جائراً، فقد كبت الحريّـاتِ وأرخى ستائرَ الظّـلام ومنح العائلةَ والعشيرة والقبيلة الهباتِ السَّـخيّـةَ والهيمنة َ ومراكـزَ النـّفوذ والثـَّراءَ، ولم يكـنْ باقي النـاس من أحـدٍ. وجاء العهد الجـّمهوري الفتيّ ُ بعد أن حطّـم الأغلالَ وهدم ُأسسَ الملكية، فلم يفتح إلاّ باباً صغيراً للحريّـة، سُـدّتْ بعدئذٍ برياح الفاشيّة العـتـيّـة، وتعاقبت الجمهوريات، وتمَّ تدمير الوطن بقنابل الغدر والعدوان وتحت أنظار قادة العرب البهاليل! فانتفخت كروشُ النذالة والغباء وذاب باقي الناس في الظّـُلمات! فإذا تـمَّ التحـريـر والتـّطهير وكنسُ النفـايات ، فمـاذا سيكـون؟ سيتنادم قوم وسيـتـناحر آخـرون! ونعـود إلى ما كـنّا عليه في الماضي، و سنـقـتـفي ذاتَ الخـُطى، أفَـلَسْـنـا مُحافظين وتقليدييّن؟ وسيكون وحيداً مَـنْ لمْ يكـنْ من عائلة معروفة أو عشيرة أو قبيلة أو حزب مُـعَـتّـقٍ أو جديد، وسيُـنظَـر ُ إليـه بغرابة، وسوف لا يُمنح ما يستحق، لأنّـه ليس مواطناً، كما هم مواطنون! ليس العجب أن تسـتأثـرَ فئـة بالحكم دون أخرى، ولكنَّ العجبَ أنْ تشـترك فئات مُـتباينة الأهداف والأفكار في الحكم دون تناحـر! تحطّـمت البُـنية التحتية للوطن فتحطَّـمت معها البنية النفسية والإجتماعية وتغـيَّـرت الأخلاق، فأصبح مَنْ في الدّاخل لا يُشـبه مَنْ في الخارج، فكيف يأتـلفان ؟ وما دامتْ جذوة الحسد والحقد والطّمع وحبّ ُ الذّات تـتـأجَّج ُ في جوف الإنسان لتصلَ درجةَ الإحـراق، فكيف يـزدهـر الربيع!
رحم الله أفلاطون، فقد جمح به الخيال، فلم يحصلْ على المُـحال!
* شال كالطيلسان يُتلَفّع به على المنكبين والصدر.
** هام على وجهه.