كتَّاب إيلاف

اخاف على وطني الجديد من عدوى التطرف الإسلامي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أكاد أموت خوفا.. وقلقا لما يحدث في الأردن. وما حدث في مصر الغاليه.. في كلا القطرين أحباء لي... عشت صباي في الإسكندريه.. ولدي العديد من الأصدقاء والصديقات من الديانتين.. أحبهم برغم طول سنوات البعد.. أما في الأردن فهناك أهلي... وبرغم أنني أكاد أموت قلقا وتحسبا من انتقال عدوى هذا التطرف وهذا الإرهاب إلى الأجزاء الأخرى من المنطقه إلا أن ما حثني على الكتابه الآن.. أيضا الخوف على وطني الجديد.. في لندن. حيث وجدت الأمن والأمان والمساواة.. خوفي من أن تنتقل عدوى التطرف الإسلامي وعنفيته إلى مجتمعي الجديد.. فما لا حظته خلال السنوات العشر السابقه هو إزدياد أشكال التطرف.. لا أقصد عدد المحجبات.. فأنا أؤمن بأن وضع حجاب الرأس هو حريه فرديه شأنها في ذلك شأن حرية أي امرأه أخرى أن تلبس ما يحلو لها.. ولكن خوفي وقلقي هو من أشكال التطرف الأخرى التي ترفض الآخر.. وتحلل لنفسها خيانة البلد الذي هربت إليه مستنجدة بقوانينه الإنسانيه... ولكن وفي نفس الوقت تتربص به وتعمل على خيانته..
بدأت أولى تجاربي مع شكل من أشكال التعصب الأعمى.. يوم الخميس 13 سبتمبر 2000.. أي بعد يومين من 11 سبتمبر.. حيث طلبت من مسجد ريجنت بارك بل أحثه وأسأله لماذا لا نقيم صلاة على روح الغائب تعاطفا مع أبرياء برجي التجارة العالميه.. وأجابني بأن هذا غير جائز.. وليس من الممكن إقامة مثل هذه الصلاه لأنه من المحظور أن يدخلوا جوامعنا.. وأجبته بأن أحدا لم يمنعني من دخول كنائسهم في أي وقت أحسست فيه بحاجتي إلى شيء من الروحانيه فلماذا نمنعهم من دخول جوامعنا... فأجابني بأنه لا يمكن الصلاة على أرواحهم لأنهم كفره..
أولئك الكفره هم الذين سمحوا لنا ببناء 1000 جامع في بريطانيا.. وهم الذين سمحوا للآلاف من العرب اللجوء إلى بلدانهم خوفا من أنظمة سايسية عقيمة.. أو خوفا من فقر مدقع وإنعدام أي أمل في تنميه إقتصاديه تكفل لهم حقوقهم كبشر في الحياه والتطور..
في مظاهره أمام السفاره الإسرائيليه وحين جاءتني صديقتي المسيحية ثائرة وفي يدها ورقه توزعها شابه مسلمة محجبة تدعو فيها على الكفار المسيحيين.. وقرأت الورقه وكان بها من الدعاء ما تقشعر له الأبدان.. وحين تكلمت معها.. أجابت وبمنتهى الثقه بأن هذا كلام الله..وأنهم لا يفهمون العربية.. ترى ما سيكون موقفي لو طلب مني البوليس ترجمة تلك الورقة... هل سأخون ضميري وأكذب أم ماذا ؟؟؟ أم هل المفروض أن أخون ضميري لكي أغطي على دعاء لا يمت إلى رحمة وغفران ومحبة الله ولا يخدم المصلحة الإنسانيه.. بل يؤجج البغض والكراهية...

في أغسطس عام 2004.. وحين ركبت الباص.. ركب رجل عربي مع زوجته وابنه النائم على كتفه.. وفهمت من حديثه مع زوجته بأنه يدرس خارج لندن.. ولكنه وبعد أقل من 3 دقائق بدأ بالسباب وبأقذر الكلمات العربيه بأعلى صوته واصفا جميع من في الباص بالكفر والدعاء عليهم أن يفعل بهم الله كذا وكذا، وأن كل السيدات اللواتي في الباص عاهرات.. وزانيات ويستحقن غضب الله.. لم أجرؤ أن أتكلم إطلاقا.. خوفا من كلا الفضيحتين.. الأولى أن يتهمني بالكذب والثانيه لا أريد أن يفهم بقية الركاب معنى ما يقول.. ولكن وحين قرر النزول مع زوجته.. خاطبتها بأنه ليس من اللائق أن يتكلم زوجها هذا الكلام.. ولم تفهم بل ضحكت من كل قلبها. لتجيبني بدون أي إحراج.. مشكوره.. ترى ما ذا كان سيكون موقفي لو أن هذا الأمر حدث هذا الصيف بعد تفجيرات لندن....
في مدرسة من مدارس السبت لتعليم اللغه العربيه في لندن.. دخل أحد الأساتذه الإنجليز المدرسه بمحض الصدفه يوم السبت.. ليجد على اللوح عبارة..
Let us make England a Muslim country…..
وفي أحد أعداد مجلة المستقبل الإسلامي وفي صفحة أسئلة القراء..
هل يجب على الكافر أن يعتنق الإسلام.؟؟
الجواب كما جاء في المجله.... يجب على الكافر أن يعتنق الإسلام حتى وان كان يهوديا أو نصرانيا.. أو أن يبقى بشرط أن يخضعوا لأحكام المسلمين.. وأن يدفعوا الجزيه..
ماذا لو قامت الحكومات الغربيه مجتمعة على إعطائنا خيار.. إما أن نتحول إلى إعتناق الديانه المسيحيه.. أو نغادر إلى بلداننا الأصليه.. ترى ماذا سنختار ؟؟؟
في حديث لي مع صديقه مسيحيه قبل عدة شهور.. أخبرتني بأن أحد الطلاب الصغار رفض أن يأكل من يد أمه المسيحيه.... لأن إحدى المدارس العربيه في لندن علمته بأن لا يتعامل أو يتقرب من الكفار المسيحيين لأنهم نجس...
وفي سؤال آخر في مجلة المستقبل الإسلامي..
ما حكم دخول غير المسلمين مسجدا أو مصلى ؟؟
الجواب.... يمنع ويحرم على المسلمين أن يمكنوا أي كافر من دخول المسجد..لأن المشركين نجس...
في حديث آخر بين مجموعه من الصديقات.. أخبرتني إحداهن بأن إحدى صديقاتها أسرت لها بأنها لن تتردد في حمل قنبله إذا سنحت لها الفرصه لتقتل بها أكبر عدد من الكفار.. ماذا لو كان إبني أو إبن صديقتي العربيه أو الإنجليزيه في هذا المكان.. ؟؟
في حادثة أخرى.. عودت نفسي أن أحاول قدر الإمكان الشراء من المحلات العربيه.. تشجيعا لهذه المحلات. وأيضا لتوافر الكثير من مأكولاتنا الشرقيه فيها.. وفي إحد المرات طلب مني أحدهم أن أتبرع لبناء مسجد.. فأجبته أنه لو طلب مني التبرع لمستشفى أو مدرسه في أي من الدول العربيه فلن أتوانى.. أولا. لإيماني أن الله موجود في كل مكان وكل قلب.. وثانيا لأن بلداننا العربيه كلها تفتقر إلى معدات طبيه حديثه.. عاد وقال أننا نريد تبرعات لبناء مدرسه عربيه خاصه بنا كمسلمين...
أجبته أن هناك مدارس النادي العربي لتعليم اللغه العربيه وهي بمستوى جيد وتفي بالغرض.. عاد ليقول.. نريد مدرسه عربيه بمنهاج عربي بالكامل.. أجبته أنه إذا كان ينوي الإقامه في بريطانيا.. فإنه من الأفضل لأبناؤه الدراسه في المدارس البريطانيه لفهم العقليه الإنجليزيه والإندماج في المجتمع البريطاني.. أجاب بأن هذا المجتمع ملىء بالمخدرات. ومره أخرى أجبت أن آفة المخدرات موجوده في كل مكان.. فما كان منه إلا أن طفح به الكيل.. ويسألني هل أنت من أهل الكتاب.. أم الكتاب.. أجبته أنا من أهل كل الكتب....
نعم. من كل ما سبق أخاف على وطني الجديد.. ومن كل ما أسمع مما يجري في المنطقه العربية كلها.. أخاف على جذوري وأهلي وأصدقائي.. وبين هذا وذالك لن يشل الخوف تفكيري ولا إرادتي ولن يوقفني عن بناء جسرا للسلام بين جميع البشر والأديان..

أحلام أكرم - باحثه وناشطه في حقوق الإنسان

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف