من هم العملاء يا فخامة الرئيس؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخطاب الأخير للرئيس السوري بشار الأسد والذي حفل بعبارات التحدي والمقارعة اللفظية أثار ملفات وشجون عديدة، وأوغل في قضايا وملفات متعددة، وهو خطاب دعائي تعودنا سماعه من قادة الأنظمة الثورية الراحل منها أو المنتظر، أو الذي سيأتي دوره لاحقا بحكم الحتمية التاريخية وحالة الإفلاس السياسي والستراتيجي التي تمر بها أنظمة (التوريث) الثورية! والتي تريد تأسيس السلالات الحزبية الحاكمة التي تعتبر الأوطان والشعوب مجرد حقول وفئران للتجارب الثورية الفاشلة التي أوردت شعوب الأمة العربية موارد الهلاك والردى والتردي، ولم تورث سوى الهزيمة الفكرية والحضارية والتراجع السياسي وتحويل العالم العربي لأكبر منطقة طاردة لشعوبها في العالم.
لقد كان خطاب (بشار الأول والأخير) بمثابة كشف واضح لحقيقة العقليات والسلوكيات الحاكمة التي أدمنت ممارسة السلطة، ولم تتعود على وجود أي نوع من أنواع المعارضة أو الخلاف في الرأي أو التنبيه على السلوكيات غير القويمة؟ فالسيد الرئيس وارث الجمهورية البعثية، وزعيم الطائفة! وكبير العائلة! لا يسمح بأي نوع من أنواع إنتقاد سلوكيات وتصرفات أجهزة مخابراته؟ ويعتبر فترة إحتلال القوات والمخابرات السورية للقطر اللبناني بمثابة فترة ذهبية لإجهاض التحديات الإمبريالية!! متناسيا كل ملفات الرعب والقتل والنهب والتدمير؟ ومتجاوزا حكايات ومهازل (تأجير) الخط العسكري لزعماء عصابات التهريب والإرهاب وللمحظوظين من المحاسيب والأزلام؟ إن السيد الرئيس يختصر فترة الإحتلال السوري المرعبة بشماعة (الصراع ضد الإمبريالية والصهيونية)!! وهي نفس النكتة السوداء التي أطلقها صدام البائد خلال إحتلاله لدولة الكويت بقوله من أن نظامه : يردع المؤامرات الصهيونية!! رغم أن الطريق نحو القدس واضح ومستقيم ولا يمر إطلاقا بمخفر (العبدلي) الكويتي!! ولكنها عبثية وفوضوية السياسات البعثية العوراء والتي يبدو أن للسيد الرئيس السوري متعلقات وتركات ثقيلة بها!، لقد كانت الصيغ والعبارات التي تحدث بها الرئيس السوري تنم عن حالة قلق واضحة مبعثها اليأس من إنفراج ألأمور لأنه يعلم أكثر من غيره بحجم ودرجة تورط أجهزة مخابراته وقادة نظامه ومنهم القريب القريب والذي يشكل تسليمه لمخالب الذئب الألماني فضيحة ما بعدها ولا قبلها ستجهز على كل أساطير و حكايات وروايات الصمود والتصدي فضلا عن التوازن الستراتيجي؟؟، لقد نطق الأسد بحقيقة نظامه، ولم يخف أبدا نبرة القمع والتصفية وعدم تحمل المواقف المخالفة، فكان وصفه للسيد رئيس وزراء لبنان (السنيورة) خارجا عن كل سياقات اللياقة والدبلوماسية فضلا عن أدب الحوار، أو أخلاقيات ورثة العروش الرئاسية!! فضلا عن حكمة وصبر الأطباء؟؟.. لقد رأيت صورة مستنسخة أخرى لأحاديث بطل الحفرة القومية (صدام المهزوم) وهو يتوعد الأعداء والمخالفين بالذبح على أسوار بغداد!! ويهدد بحواسم بعثية ستغير مسيرة الكون!!، ولقد كانت التوريات والصفات والألقاب التي وزعها السيد بشار الأسد على مخالفيه تعبر عن الكينونة الحقيقية لأنظمة القمع المخابراتية، فكلمات من أمثال (العبد المأمور لعبد مأمور)!! لا تعني في حالة التحليل المنطقي سوى التهجم الواضح على أنظمة عربية مشرقية ساندت نظامه طويلا وأمدته بكل وسائل الدعم والحياة ومليارات دعم الصمود والإستثمارات وتطوير البنية التحتية، فإذا بهم يتحولون في لحظة الحقيقة لعبيد و.. عملاء!! وأعتقد أن تحذير السيد بشار الأسد من أن الدور قادم على العملاء؟؟ لا يعني إلا أنظمة نعرفها ما زالت تمارس الحكمة وإبداء النصيحة والنوايا المخلصة لتخليص سوريه وشعبها من الورطة والمأزق التاريخي والمفصلي!.. كنا نتمنى لو أفصح السيد الرئيس عن هوية العملاء المقصودين؟ وكنا سنحيي سيادة الرئيس وصراحته وانتفاضته لو أنه وضع النقاط على الحروف وأكد بالتصريح دون التلميح عن هوية أولئك العملاء؟ بدلا من التعكز على عكاز الكلمات والانطلاق في توجيه التهديدات التي فقدت فاعليتها ووهجها، ولم تعد تنفع المظاهرات ولا المسيرات ولا حالة التعبئة الأمنية والإستخبارية في التغطية على الحقائق الستراتيجية القادمة والتي تقول بأن أنظمة الهزيمة الوراثية الثورية قد أضحت في ذمة التاريخ!، وإن كل التهديدات الفارغة لم تعد سوى نكات تاريخية ستضحك عليها وعلى ذكرياتها الأجيال القادمة، ومن أن العملاء الحقيقيون هم الذين انتهكوا حريات الشعوب وجعلوا من أوطانهم معسكرات إعتقال كبرى ومسالخ بشرية مروعة، ثم يعودوا في ساعات الحساب التاريخية ليطالبوا المجلودين بالدفاع عن جلاديهم... كلمات الرئيس الأسد تعبير حقيقي عن الهزيمة النهائية، وهي مجرد شاهد على أن الحكمة لا تورث كما السلطة والهيلمان والقمع!!، وإن خلاص الشعوب العربية الكبير يتمثل في إسدال الستار النهائي على أنظمة الدجل والخديعة والهزيمة... لقد كان سقوط الرفاق في بغداد هو الحقيقة الكبرى لعصر الانعتاق العربي مهما اشتد ساعد الإرهاب، فالتاريخ لا يرحم القتلة، ولكل شيء نهاية، و ها قد حانت نهاية البعث، وجمهوريات الاستنساخ الاستخبارية الوراثية... وسيعرف العملاء أي منقلب ينقلبون... والعاقبة للأحرار.