مؤتمر المصالحة العراقية وألغام بقايا البعث؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لقد حفلت الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر المصالحة العراقية في القاهرة بصور عجيبة تنبع من عجائبية الأوضاع العراقية ذاتها؟ وهي صور تفضح للأسف تلكم الجماعات التي تتشدق بالوطنية والدين بينما هي تصطف إصطفافا واضحا مع جماعات الإرهاب والقتل البعثية والتكفيرية، وتساهم في تخريب الواقع العراقي وتضع حجر الأساس لحروب أهلية وطائفية لن تبقي أو تذر!، ولعل ما أعنيه تحديدا هو موقف وإتجاه جماعة (هيئة العلماء المسلمين) وشيخها (حارث الضاري) والذي لا يمكن وصفه بأقل من كلمات التعصب والتطرف والوقوف العلني والصريح بجانب القتلة التكفيريين، ففي رده المتوتر على كلمتي رئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني ورئيس الوزراء السيد إبراهيم الجعفري كان الضاري في غاية الضراوة في دعم الإرهاب وتزويقه وإتهام المخالفين بالنفس الإقصائي!! وهي عبارات وأوصاف غير دقيقة ومتوترة تعكس الإرتباطات الفكرية الوثيقة بينه وبين بقايا البعث المجرم وحلفائه من التكفيريين القتلة، والذي يبدو الضاري رقيقا في وصفهم والدفاع عنهم بينما تزداد ضراوته في مهاجمة تيارات الحرية وتوسيع المشاركة الشعبية ومد يد الحب لأبناء الوطن الآخرين!، فالسيد الضاري لم يعلن حتى اليوم موقف الإدانة والرفض والإستنكار الواضح لإرهاب البعث وأهل السلف المجرم! والضاري لا يزال يأمل كما يبدو بمشاركة البعثيين في السلطة بدوافع طائفية مريضة بحتة لا علاقة لها بالهم الوطني العام؟ والضاري لا زال يتعكز على متبنيات الفكر الشوفيني البعثي وهو يخلط الدين بمصالح الطائفة بملفات الوطن!، والضاري فوق هذا وذاك أصبح لغما من الألغام الطائفية بدلا من أن يكون جزءا من الحل الوطني الشامل؟ ففي كلمة السيد إبراهيم الجعفري (رغم إختلافي الفكري والسياسي مع تياره) وردت معطيات فكرية وإنسانية ووطنية رائعة أكدت في حصيلتها على جملة وقائع ستراتيجية للواقع العراقي الجديد أهمها ضرورة الإصرار على الوحدة الوطنية وإستبعاد البعث بل وإخراجه نهائيا من المعادلة العراقية الداخلية لأنه حزب فاشي عنصري ليس فقط بتاريخه الدموي بل بعنصرية دستوره ومبادئه وممارساته؟، وبذلك فإن هذا الموضوع هو أكثر شمولا من أية خلافات مذهبية أو سياسية، إنه دستور العمل الوطني النظيف والشفاف البعيد كل البعد عن فكر البعث الإنقلابي والشوفيني والتآمري، والسيد الضاري لا يملك ولا يستطيع ولا ينبغي أن يسمح له بالعمل من أجل إعادة عجلة التاريخ للخلف؟ فالبعث بكل رموزه وفكره البدائي والمتخلف قد أضحى من نفايات التاريخ ولا مجال للحديث عن أية متبنيات أقصائية مزعومة في كلمة السيد الجعفري المرتجلة والرصينة والمعبرة عن آمال وتطلعات العراقيين كافة، لقد سقط الضاري في ميدان الإختبار الأول، وأثبت على الطبيعة عن نوايا لا تريد الخير للعراق، فبناء الوطن لن يتم إطلاقا بعمليات القتل والتخريب والخطف والإغتيال التي تمارسها جماعات ما يسمى بالمقاومة وهي الخليط من عصابات البعث والتكفير وبعض الطائفيين المجرمين وبقايا الفاشية البعثية، إن الحوار والإنخراط في العملية السياسية السلمية التي تستمد آليات عملها من مبدأ حرمة الدم العراقي وحرمة الإضرار بمصالح المواطنين والسمو فوق الخلافات والصراعات المذهبية هي الأساس في كل مراحل التقدم والتطور، أما مداعبة ثعابين البعث والإصطفاف خلف جماعات القتل والإرهاب وتكريس ثقافة الخطف والقتل والتفخيخ على الهوية فتلك ليست مقاومة ولا علاقة لها بالوطنية بل تدخل ضمن إطار المصالح الفئوية والشخصية التي لا علاقة لها بالدين أو الطائفة والمذهب.
إن الوقوف الوطني الشامل ضد الإرهاب وقيام جميع المراجع الدينية والوطنية بإدانته وتجريمه هي الخطوة الأولى في أي حوار وطني مفيد وناجح من أجل تجاوز الحالة البائسة الراهنة، وما عدا ذلك لن يكون سوى أضغاث أحلام رومانسية، كما إن إستبعاد البعث وعناصره من المجرمين والقتلة هو ضمان لمستقبل العملية الديمقراطية والتحولات السلمية في العراق.
نتأمل أن لا تكون بعض العناصر الحاضرة لمؤتمر الوفاق الوطني في القاهرة حقول ألغام مؤقتة لتفجير المعبد العراقي على رؤوس الجميع؟ ونتمنى إنفراج أوضاع الإحتقان الفئوي والطائفي والجنوح بعيدا عن فرضيات الحرب الأهلية! كما نتمنى على الذين راهنوا على قدرة جماعات القتل والإرهاب والتفخيخ بتغيير مسيرة التاريخ العراقي قد إقتنعوا بمراهناتهم الخاطئة!، رغم أن عوامل الإحباط والمرارة هي أكبر من عوامل التفاؤل، ولكن التاريخ والحقيقة يقولان أن بناء العراق لن يتم إلا بإستبعاد عناصر الإجرام والإصرار على لغة الحوار المستمر، أما توزيع الإتهامات وخلط الأوراق والدفاع عن المقاومة الزرقاوية المجرمة أو البعثية المسعورة فلن يدخل العراقيين سوى في أنفاق لا نهاية لسوادها وظلمتها.