مأساة (الدجيل) 1982، ومعاناة (بني مرة) 2005؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
محاولة للفهم!!
عن ماذا يدافع السيد المحامي القطري (نجيب النعيمي)؟... تأملت في هذا السؤال وأنا أتابع مرافعة السيد النعيمي في محاكمة فئران النظام البعثي البائد في العراق! وقد صعقت وأنا أسمع وزير العدل القطري السابق وهو يجاهر علانية ومن بغداد بعدم شرعية المحكمة العراقية؟ وقتها عرفت فعلا بأن العراق يسير في الطريق الصحيح نحو ديمقراطية ستغير المنطقة وتقلب عاليها سافلها، وتطرد رياح العفن وروحية الإستبداد التي إستوطنت المنطقة وعايشت شعوبها ولولا رياح الحرية الأميركية ما جرى كل الذي جرى، وما تحقق كل الذي يتحقق، ولولا الأحذية الأميركية الثقيلة تحديدا ما شهدنا مصارع الطغاة، وما عايشنا مذلة المستكبرين والمجرمين وهم يأنون بشكاويهم السخيفة ويتمسكوا بتلابيب القرآن الكريم الذي لم يكن يعنيهم أو يتذكرون أي حرف منه حينما كانوا يقطعون بأوصال عباد الله أيام السلطة البائدة، ويمارسون ساديتهم، ويوزعون ديمقراطية القتل والذبح والتهجير على الجميع، ويستبيحون شعب العراق والشعوب المجاورة في إيران والكويت، ويمارسون حملات الإبادة الجماعية، ويدمرون المساجد والمراقد.. ويقتلون علماء السنة والشيعة وكل الأحرار.. ثم يتعلقون بالقرآن الكريم!! أي صورة تاريخية تربط بين خوارج العصور السحيقة الذين سنوا بدعة قتل الأبرياء والمستأمنين وبين مجرمي العصر الحديث من تقاة آخر الزمان؟ وأي ريح تلك التي دفعت سعادة وزير العدل القطري ليطعن من بغداد في شرعية المحكمة العراقية؟ وكيف سمحت الأعراف والقيم الإنسانية للسيد النعيمي أن يقول ما قاله ثم يقارن بين إجراءات المحكمة العراقية والمحاكم الدولية الأخرى كما أشار في مطالعته الأخيرة البائسة، وهل كان النعيمي وهو يعلن تصريحاته تلك يتذكر حقوق الإنسان في دولة قطر العتيدة ويحاول الربط ولو من بعيد بين تجريف أراضي قرية الدجيل وطرد ونفي شعبها وقتل الآخرين وبين طرد وإمتهان وسحب جنسية أكثر من خمسة آلاف مواطن عربي قطري لم تزل قضيتهم تناقشها كل الدنيا إلا (قناة الجزيرة) ووسائل إعلام الأخوة في قطر؟ هل من حقنا أن نقارن بين صورتين؟ أم أن أخلاق الضيافة العربية ومقص الرقيب يمنعنا من إبداء رأينا والتعبير عن حقنا وهو ما وفرته القوانين العراقية الحرة الجديدة للسيد النعيمي ليقف في قلب بغداد الحرة والمبتلاة بسيوف غلاة الإرهابيين من تكفيريين وبعثيين وقتلة محترفين! ويدافع عن ثلة من القتلة والمجرمين والإرهابيين الذين لا تشكل مجزرة الدجيل سوى قشة في موازين جرائمهم وإنتهاكاتهم وموبقاتهم؟ لقد كان من حق المحامي القطري الدفاع عن (بطل البوابة الشرقية) الأسبق المهزوم كما فعل زميله الأميركي والوزير السابق وصديق صدام القديم (رامزي كلارك)، وكما يحاول مجموعة من المحامين من الأردن وفلسطين والمغرب ومصر، ولكن ليس من حقه ولا حقهم التهجم على شرعية المحكمة العراقية، ولا التشفي بجراح العراقيين، وليحمدوا الله بكرة وأصيلا لأن الملف بيد الأميركان؟ لأن للشعب العراقي رأي آخر تماما لا علاقة له بالقانون وبالإجراءات الروتينية الجامدة؟ ولا بنعومة و رقة قاضي المحكمة؟ لأن هؤلاء المجرمين لو كانوا يمتلكون ذرة من الكرامة لما عاشوا لهذا اليوم الذي شهد فيه العالم مذلتهم وهوانهم على أنفسهم وعلى الناس؟ فهذه هي أخلاق البعثيين تتحدث عن دناءتهم رغم تمسكهم بالشعارات الثقيلة حول الكرامة المفقودة.. وشعارات الوطنية والقومية والإنقلاب والتحرير من البحر إلى النهر... إلخ، وكما أسلفت فإن مأساة الدجيل ولوعة أهلها لا تعادل شيئا أمام الكوارث الأخرى والملفات الساخنة التي تنتظر أقطاب النظام البائد سواءا في كردستان أو الأهوار أو الكويت أو عربستان!!، ولكنني وسط ركام الفوضى أتساءل أين موقف السيد الوزير القطري الأسبق من معاناة ومأساة فرع الغفران من قبيلة (بني مرة) العربية القطرية الأصيلة التي سحبت الحكومة القطرية جنسيات أفرادها وتشتتوا في الصحاري حالهم حال الصحراويين في صحراء (تندوف) الجزائرية؟ أليس الإلتفات لمصائب أولئك العرب الأقحاح الذين لم يرتكبوا جرما ولا جريرة أفضل ألف مرة من التضامن مع ثلة من المجرمين والقتلة الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ويقفون اليوم عراة أمام الله والشعب والتاريخ... رغم أن للدكاكين الثورية والقومجية و صحافة (حسب الله) رأي آخر ومختلف..؟.
شرعية محاكمة الطغاة والمجرمين لا تحتاج لتصديق من أي جهة غير الشعب العراقي والذي وحده يمتلك الحق في محاكمة الطغاة... وعلى المدعين الإلتفات لمصائبهم قبل محاولة التعدي على دماء المظلومين.