كتَّاب إيلاف

عملية ناتانيا الإرهابية: الشجب فقط لم يعد يكفي!!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

العملية الإنتحارية التي نفذّتها حركة الجهاد الإسلامي في المركز التجاري الإسرائيلي (هاشارون) في شارع هيرتسل بناتانيا شمال تل أبيب، صباح يوم الإثنين الموافق الخامس من ديسمبر الحالي، إرهاب ليس موجه للمجتمع الإسرائيلي فقط، ولكنه موجه للمجتمع والسلطة الفلسطينية بنفس المستوى أو أكثر قياسا بموازين القوى السائدة والقدرة على الرد والرد على الرد. التنظيمات التي تمارس هذا النوع من العمليات في الظروف السائدة لا تستهدف مقاتلة إسرائيل بقدر ما تهدف إلى إثبات وجودها الهامشي المضلل داخل المجتمع الفلسطيني بدليل أن هذه التنظيمات وفي كل الحالات المشابهة تختفي بشكل ذليل عندما يبدأ الرد الإسرائيلي على العملية، ويتحمل فقراء وغلابى الشعب نتائج هذا الرد، في حين أن النضال الحقيقي هو أن تستمر في مواجهتك دفاعا عن شعبك، لأن العديدين أفرادا و منظمات قادرين على توجيه ضربة لإسرائيل، لأنه من المستحيل وجود قوة على الأرض تستطيع مواجهة هذه العمليات بالمطلق، ولكن الذكاء والإلتزام بمصالح الشعب يحتم عليك قبل أن تقوم بهكذا عملية أن تسأل نفسك وتجيب بصدق: هل أنت قادر على مواجهة رد الفعل على عمليتك أم لا؟؟؟. من خلال هذا السؤال والإجابة عليه، والإجابة المعروفة من خلال سلوك هذه المنظمات في السنوات الأخيرة، فإن هذه المنظمات التي تقوم بهذه العمليات لا تواجه نفسها بهذه الأسئلة بدليل إستمرارها في القيام بها، وإختفائها بشكل ذليل عندما يبدأ الرد الإسرائيلي، وبالتالي فهي بمنطق النضال الوطني ليست صادقة في نضالها ولا تفكر في مصلحة شعبها، بقدر ما تهدف إلى الحضور الشكلي الخادع في أوساط الشعب الفلسطيني، بدليل التصوير المسبق للشباب المنتحر على أشرطة فيديو يتم نشرها وتوزيعها وأحيانا بيعها للفضائيات فور تنفيذ العملية، والمنطق التجاري الرخيص واضح في هكذا عمليات تلفزيونية، فهم لا يفكرون في مصير عائلات المنتحرين ولا في بيوتهم التي في الغالب يهدمها الجيش الإسرائيلي، وكعادة هذه التنظيمات أعلنت على الفور حركة الجهاد الإسلامي أن منفذ عملية ناتانيا هو الشاب (لطفي أمين أبو سعده) – 21 – عاما ومن بلدة علار شمال الضفة الغربية، ونسوا أن يحددوا للجيش الإسرائيلي عنوان منزل أسرته في القرية.
هذا الوضع الذي يلحق الخسائر الضخمة بالشعب الفلسطيني في كافة المستويات، ويدمر أية خطوات يتم تحقيقها في مسيرة التسوية،صار يشكلإدانة واضحة للسلطة الفلسطينية على كافة المستويات الدولية، لأنه في السنوات الأخيرة عندما قبلت السلطة الفلسطينية الولوج في عملية التسوية السياسية، صارت إسطوانة مشروخة يكررها بشكل روتيني الناطق بإسم السلطة و صائب عريقات، ومضمونها (نستنكر هذه العمليات الإرهابية لأنها تضرّ بمصالح الشعب الفلسطيني ومسيرة التسوية السياسية)...وهكذا في السنوات الخمسة الأخيرة تستمر هذه التنظيمات في نضالها الشكلي التلفزيوني والسلطة في شجبها الروتيني...فهل يكفي هذا؟؟. إن مسؤولية السلطة الفلسطينية الأساسية هي حماية مصالح شعبها، وهذه المسؤولية لا يختلف عليها فلسطينيان، وتبدو حقيقة السلطة الفلسطينية مقصرّة لدرجة اللامبالاة إزاء هذه المسؤولية، لأن الإدانة الروتينية غير المصاحبة بأي عمل رادع، أصبحت مشجعا لهذه التنظيمات على الإستمرار في نضالها الخادع طالما رد السلطة الفلسطينية هو البيان الروتيني المعتاد!!!. لذلك فهذا الوضع أصبح بحاجة لشجاعة في المواجهة مع النفس أولا: هل هذا الوضع الذي يسمح بوجود السلاح في يد الأفراد والعائلات والتنظيمات هو الحل الذي يوصلنا خطوة خطوة لمنطق ومفهوم الدولة؟؟. الجواب المقروء في تطبيقات الشارع الفلسطيني هو: لا...لا...لا!!!. لأن وجود السلاح بهذا الشكل الفوضوي لا يعطي أدنى إحترام للمجتمع الفلسطيني ونضاله في كافة المستويات الداخلية والعربية والدولية، لأنه من سيحترم التطبيقات التالية:
أولا: كل حالات الإغتيال والخطف التي شهدها الشارع الفلسطيني، وأشهرها إغتيال الصحفي خليل الزبن واللواء موسى عرفات، لم يتم القبض على منفذيها وتقديمهم للعدالة، رغم أن القتلة في حالة موسى عرفات معروفين للسلطة فقد فاوضتهم في بيوتهم للإفراج عن نجله (منهل).
ثانيا: كل حالات ترهيب المواطنين وإحراق محلاتهم والهجوم على مراكز الشرطة والأمن وإقتحامات شبه يومية لمكاتب السلطة ومنشآتها بما فيها مراكز إنتخابات حركة فتح، لم يتم القبض على أحد أو محاكمة أحد، إلى حد أنه في الأيام الأربعة الماضية هناك شبه حرب شوارع بين عائلتين في منطقة بيت حانون نتج عنها قتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص، ويكون رد السلطة الطلب من المواطنين الإبتعاد عن مناطق الإشتباكات.
ثالثا: تهديد الصحفيين الفلسطينيين والإجانب وإقتحام مكاتبهم وخطف بعضهم، أصبح روتينا ومن المؤسف أن هناك أفرادا يقومون بذلك للمطالبة بزيادة رواتبهم مثلا!!!. من يتخيل هذا النضال المشرّف؟؟. وتطول قائمة الإنتهاكات من الأفراد والتنظيمات التي لا تشرف الشعب الفلسطيني ولا السلطة الفلسطينية...فما هو الحل إذا؟؟؟؟.
الحل هو في وحدانية السلاح أي لا سلاح إلا سلاح السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، وهذا يعني جمع السلاح من الأفراد والتنظيمات، بأية طريقة سواء التفاهم أو القوة،لأن نتيجة أية طريقة لن تكون أسوأ من التطبيقات التي يعيشها المجتمع الفلسطيني وعدّدنا بعضها فقط....والغريب في الأمر أن البعض يفهم هكذا دعوة أنها تشجيع للحرب الأهلية!!. لماذا هذا الفهم؟؟. لماذا لا يكون دعوة للنظام والإستقرار والأمن، ومن يخرج عن هذا المفهوم فعلا لا يمكن مواجهته إلا بالقوة. السؤال الموجه لكافة قطاعات الشعب الفلسطيني وفعالياته: هل تريدون مجتمع القانون والنظام والمؤسسات أم نظام الميليشيات والأفراد الخارجين على القانون؟؟. الغريب والمبكي أن إحترام القانون والنظام في زمن الإحتلال الإسرائيلي المباشر كان أكثر وأدق، فكل هذه المظاهر اللاقانونية واللاأخلاقية واللانضالية لم يشهدها المجتمع الفلسطيني في زمن الإحتلال..لذلك ماذا يريد مرتكبو هذه الأعمال أفرادا و تنظيمات سوى القول للعالم أن الشعب الفلسطيني غير جدير بالحرية وزوال الإحتلال؟؟. لذلك فلابد من التحرك من قبل السلطة الفلسطينية، فمجرد الإدانة لم يعد يكفي!!!.

ahmad64@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف