الثقافة العربية؛ البحث عن الوصفة السحرية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يكثر الحديث في هذا العالم الرهن عن الهيمنة والسطوة والسيطرة، حتى ليكون الحال وقد استحال إلى تداخل شديد التعقيد، يكون المستند الأهم فيه وقد استمد حضوره من حلقات لا نهائية من التقعير والتعقيد والاحباط والتداخل المربك. ومابين التأثير الذي يتبدى في المجال السياسي، والتأثيرات الناشبة التي تحدثها المركبات الإعلامية والثورة الرقمية التي بات العالم اليوم أسيرا لتطوراتها اللاهثة والمتسارعة، يكون موقع العرب وقد تكرس في حدود الضيق، حتى ليكاد المشهد الذي يتبدون عليه وكأنهم يحييون في عالم آخر، لا يبرز منه سوى السطح والقشرة التي تشي بصورة الحداثة، تلك لتي يتم تداولها من قبل المبدع والكاتب الباحث والتقاني، فيما يشير الواقع إلى حالة الاستسلام المربك الذي تعاني منه مجمل المفاصل العربية وعلى مختلف القطاعات.
سراب الأسئلة
تكثر الأسئلة بطريقة لافتة، حول مضمون التقدم ومفهوم التطور، وتفاعلات التحول، لكن القطيعة تتبدى شاخصة حين يتم إطلاق الأسئلة عبر منظومة من الأفكار التي يغلب عليها الحماس والانشداد إلى العاطفة، أما الحديث عن التفعيل المعرفي والتحليل العلمي، فإنه يبقى يعاني من سيادة هاجس الخواف والقلق، ذلك الذي يكون بمثابة الحاضر الأهم وسط لوثة الاحترابات والتداعيات التي لاتعرف الانقطاع، في مجال برع أفراده في انتاج المزيد من المقحمات والمدركات المجزوءة، تلك التي تظهر في العديد من الصور والممارسات، فهي طائفية تارة، وعرقية تارة أخرى، أو تتجلى في تقمص أيديولوجي، يكون الدفق الحماسي فيها أشد ضراوة من الوسيط الأصل الذي ظهرت فيه وانطلقت منه.وهكذا يكون وضع الفكر العربي، هذا الذي تكون تداولاته وقد ارتبطت بوثوق بالسياقات والموجهات التي تنبثق عن الواقع المعاش، حيث الضمور الفاضح الذي يكون شاخصا عند حسبة الأخذ بالمبادرة، وسط السطوة التي تفرضها قوة المضمون العرفي وهيمنة الركون عند المعنى السائد، حتى ليكون التطلع نحو التغيير وقد خضع لجملة من الاعتبارات، تكون الأولوية فيها لما هو بديهي وسائد في النطاق الاجتماعي، ذلك الذي تتلازم فيه قوة المعنى الصلب الذي لا يعرف للإختلاف سبيلا، إذ تبرز الحصانة والمنعة والقوة والرسوخ حية، بطريقة تثير الكثير من علامات الاستفهام حول هذا الزخم العالي من الثقة التي تتبدى عليها الصرامة العقلية.
نسبية الأفكار
رسوخ يظل بعيدا عن الثنائية التي تفترضها مواضعات السؤال وطبيعة التحديات، هذا بحساب أن المجتمع يبقى يقوم على أهمية عنصر التغير، إنطلاقا من التفاعل الحي الذي يتطلع نحوه الكائن البشري، حتى لتبقى لازمة صراع الأجيال حاضرة وبقوة في المجمل من الأنشطة الإنسانية، والتي لا يمكن لها أن تحشر في منظور أو مضمون أو حتى تشكيلة ذات سمات محددة، فالأمر يبقى منوط بالاجتهاد الذي تحاول البعض من المدارس والاتجاهات الفكرية، نحو منهجة الظاهرة الاجتماعية وتفكيك بنيتها، في سبيل الوقوف على البعض من الفرضيات التي تنشدها مدارس البحث والتقصي، هذا بحساب أن النسبية تبقى حاضرة وعلى مستوى الكفتين، التنظيرية والواقعية.
في ثقافة الحدود القصوى تلك التي تفرض بثقلها على الواقع العربي، يكون من الطبيعي تمييز القسمات عند توزع الثنائيات، تلك التي لم تعد ترتضي باليمين أو اليسار، هذا بحساب ترصد الميول والاتجاهات، بل أن المساهمة باتت تتبدى نحو إبراز أقصى ما يمكن من النبذ والاقصاء والتهميش للطرف المقابل، لتكون الإضافة وقد اتشحت بترصد مضون التحول عند فرضية الوصول إلى الغاية، تلك لتي يتم توظيبها بغائية وشعاراتية، مفرغة المحتوى، إلى الحد الذي يكون الشعار فيها وكأنه الغاية الأصل في المجمل من الجهد المبذول، فيما يتقلص المعنى والهدف، ويعاني من الضمور والانسحاق، بحساب ما يتم تقديمه من جهد سخي في مجال الصراعات الفرعية، حيث السيادة المطلقة لكم الهواجس العديدة والمتشظية التي تحضر وبإسراف ملفت، عند الكثير من المنعطفات الرئيسة، التي تستدعي الجرأة والحسم ووضوح الموقف، فيما تكون المداورة والالتفاف على الحقائق، وكأنها الحاضر الأوحد، باعتبار انعدام الاستقلالية والخضوع للمؤثر والموجه الذي يستمد المثقف العربي، أسباب بقائه ووجوده.
التغير والتنوع
في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم، يكون حال الثقافة والمثقف العربي، متسمران في موقف المندهش حينا والمغلوب على أمره في الكثير من الأحيان، فيما يكون التأمل للأوضاع والعلاقات بعيدا كل البعد عن المجمل من الحراك العالي الذي تعيشه المجتمعات والشعوب، بل أن الملفت في الأمر بات يفصح عن حالة من التراجع البارز في ضمور الفعالية وانعدام روح المبادرة، حتى غدت الثقافة العربية الراهنة تعمد للإستعانة بجهود المثقفين الرواد، وبقراءات لا تخل من تفريط وابتسار وعجز واضح، حتى لتصل المفارقة أقصاها حين يعجز مثقف القرن الحادي والعشرين عن اللحاق بركب الأفكار الجريئة والمتنورة التي قدمها مفكرون من أمثال عبد الرحمن الكواكبي، والشيخ محمد عبده وقاسم أمين، والكثير من الأسماءالتي نالت صدى أفكارها المزيد من ردود الفعل داخل الوسط الاجتماعي العربي. ولعل السؤال الأهم هنا يكون وقد توقف عند هذا الانحسار والتضاؤل والتراجع، في مسار وتوجهات الثقافة العربية، تلك التي لم تحصد شيئا من التضخم الهائل الذي شهده قطاع التعليم العربي، الذي تمكن من تخريج أفواج من أشباه المتعلمين والذين تحولوا إلى قنبلة اجتماعية، قابلة للتفجر في أية لحظة، هذا بحساب انعدام الفرص المتاحة أمامها، في الوقت الذي يكون التلقين والاستظهار سيد الموقف، في مسلك تربوي وتعليمي يثير الريبة والخواف، من هذا التعطيل للطاقات المنتجة والذي يتم انجازه في تصميم ملفت، حتى ليبرز الشاهد وكأنه يشير إلى وجدود ثمة إصرار على تخلف الفعاليات التعليمية.
imseer@yahoo.com