جبران تويني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أوقف كتابة مقالي الأسبوعي، وكان بعنوان "40%" في منتصفه، وأكتب هذا الرثاء والتحليل في مكانه.
بين مقالاتي المنشورة ما لا يقل عن أربع مقالات أنتقد فيها مواقف معلنة للصحافي والنائب المغدور، جبران تويني رحمه الله. لقد كنا على طرفي نقيض في العقيدة والسياسية. ولكن بالرغم من ذلك، بل بسببه، أشجب وأدين بأعلى صوتي اغتياله. فالاغتيال، لاسيما ضد من يستخدم الكلمة سلاحًا وحيدًا له، هو أبشع الجرائم. إني أفضل أن أقارع خصمًا بالكلمة ألف مرة، على أن أرثيه مغدورًا مرة واحدة. رحم الله جبران تويني، وألهم عائلته ووالده، الأستاذ غسان، وهو صديق قديم لبيتنا، العزاء والصبر.
سوف يقول البعض إن اغتيال النائب تويني هو انتقام لمواقف ماضية، أما نحن فنرى فيه تأسيسًا لأحداث آتية، لا سيما وإنه يأتي بعد يومين من محاولة اغتيال مسؤول في حزب الله في مدينة بعلبك، وفي سياق تصاعد التوتر في المنطقة كلها من فلسطين إلى إيران.
أول هذه الأحداث الآتية في رأينا، هو محاولة إزاحة رئيس الجمهورية اللبنانية تحت ضغط شعبي مدعوم من قوى دولية، - بغض النظر عن النتائج - أسوة بما حدث بعيد اغتيال الرئيس المرحوم رفيق الحريري من ضغط شعبي مدعوم بقوى دولية نتج عنه إخراج الجيش السوري من لبنان وما تبعه من تداعيات.
الحدث الثاني، وقد بدأت المواقف تُعلَنُ في هذا الاتجاه، هو تصعيد بعض النواب مطالبهم لجهة تأسيس محكمة دولية لمحاكمة المتهمين باغتيال الرئيس الحريري، بالرغم من أنه لا يزال موضوع خلاف بين "الأكثرية النيابية" من جهة وفئات سياسية أخرى مثل حزب الله وحركة أمل وحركة الأستاذ سليم الحص وغيرهم.
هاتان الواقعتان كافيتان لرفع التوتر والغليان في لبنان إلى درجاته القصوى بحيث يصبح خطر فرط عقد الحكومة أدناها مرتبة، وخطر انفجار البلد أعلاها، دون أن يكون هناك من قوة رادعة بل العكس. فإن هناك من القوى، ولا سيما إسرائيل، من يرغب فعلاً في إعادة إشعال آتون لبنان بهدف إحراق المقاومة في نيرانه.
بغض النظر عن الجهة أو الجهات التي تنفذ مسلسل الاغتيالات، ثمة حقيقة واضحة. إن مسلسل الاغتيالات ينتقل من تصفية أو محاولة تصفية المعتدلين إلى تصفية المتشددين. والهدف واضح. نسف جسور الحوار أولاً عبر اغتيال رموز الحوار، ثم البدء بقتل المتشددين أو الملتزمين بغية جر الأنصار إلى ردات فعل عنيفة تكون شرطًا ضروريًا لإشعال البلد إن لم تكن شرطًا كافيًا. ولن نستغرب، بل أخشى ما نخشاه، أن يستمر التصعيد وصولاً إلى قيادات سياسية أساس لا يمكن، إذا حصل لها مكروه، إلا أن تندفع جموع أتباعها إلى ما لا تحمد عقباه.
وبعد، لا يجوز بعد اليوم اعتبار مسلسل الاغتيالات في لبنان قد بدأ بمحاولة اغتيال النائب مروان حمادة. بل يجب إعادة التحقيق أقله إلى حادثي اغتيال لا يسأل أحد عنهما: اغتيال نجل القائد أحمد جبريل، واغتيال النائب السائق إيلي حبيقة، لا سيما وأن بين نمطي اغتيالهما، وما تلى من عمليات اغتيال أوجه شبه كثيرة.
إن البحث عن الحقيقية يجب أن يبدأ من هناك.