كتَّاب إيلاف

40%

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تنشر صحيفة "هآرتز" الإسرائيليَّة الإعلان الذي يظهر في الصورة المرفقة بشكل مستمر. ترجمة الإعلان تقول: "في حال بلغ عدد العرب في "إسرائيل" أربعين من المائة، التغت الدولة اليهودية." لمعرفة "الحل الوحيد"، يأخذك الإعلان، بعد النقر عليه، إلى موقع لجمعيَّة يهوديَّة اسمها "إفرات" مهمَّتها،

وهنا المفارقة، منع الإجهاض بين النساء اليهوديَّات. رابط موقع الجمعيَّة هو: http://www.efrat.org.il/en/

لن ندخل في موضوع الإجهاض، فهذا، في رأينا، أمر شخصي بحت. ندخل في موضوع التعداد السكَّاني، إنَّه بيت القصيد، ليس بسبب علاقته بغير اليهود المقيمين في فلسطين المحتلة فقط، بل لعلاقته أيضًا بلعبة الأرقام التي ما تزال علَّة العلل في لبنان، ونراها آخذة طريقها إلى العراق اليوم.
منذ بداياتها، تعيش الحركة الصهيونيَّة والمؤسَّسة الإسرائيليَّة هاجس الأرقام. إنَّها تريد أكثريَّة يهوديَّة مطلقة في قطعة أرض تدعوها وطنًا قوميًّا لليهود. وإذا كان النزاع بين جابوتنسكي، الذي كان يدعو إلى تطهير عرقي شامل وسريع للمناطق التي تمكَّن اليهود من السيطرة عليها قبل قيام دولة إسرائيل، وبن غوريون، الذي كان يفضِّل سياسة التوسع خطوة بعد خطوة، ولم يكن يمانع كثيرًا من بقاء "أقلِّيَّة" غير يهوديَّة بين اليهود، قد حُسم لصالح بن غوريون آنذاك، فإنَّه لم ينته. لقد أخذ شكلاً آخر، وإن يكن بين وراثي جابوتنسكي: شارون ونتنياهو.
نعتقد أنَّ شارون اليوم لم يتخلَ عن ماضيه العقيدي حين كان يروِّج لنظريَّة "الأردن هو فلسطين"، وأنَّ إسرائيل هي أرض اليهود من البحر إلى النهر. إنَّه يطبِّقها على أشلاء ما تبقَّى من الضفَّة الغربيَّة. أمَّا نتنياهو فإنَّه لا يملك إلا التمسُّك بالنظريَّة دعاية وفعلاً علَّه يجتذب اليمين لا سيَّما الأقصى تطرُّفًا منه. من هنا نفهم ما يبدو وكأنه محاولة يائسة في الإعلان المذكور أعلاه، للتمسُّك بكلِّ وليد يهودي وكأنَّ مستقبل الدولة متوقِّف عليه.
نفهم تمسُّك الحركة الصهيونيَّة والمؤسَّسة الإسرائيليَّة بالأرقام. إنَّهما يعتبران نفسيهما ممثِّلَي "شعب الله المختار" مع كلِّ ما في هذه النظرة الاستثنائيَّة من عنصريَّة. ما لا نفهمه هو هذا التمسُّك المجنون بنظام طائفي في لبنان كان قد بدأ على أساس حماية طائفة اعتبرت نفسها أكثريَّة/أقليَّة: أكثريَّة في لبنان وأقليَّة في محيطه، فجزَّأ هذا النظام حياتنا الاجتماعيَّة، ووضع الحواجز بين الناس ومنعها من المحبَّة والتلاق، وها هي العدوى تنتقل اليوم إلى العراق فتجزِّؤه الديمقراطيَّة المستوردة إلى كانتونات للطوائف.
ديمقراطيَّة إسرائيل هي "ديمقراطيَّة" الأكثريَّة اليهوديَّة في سرقة أرض غير اليهود واستعبادهم. "ديمقراطيَّة" لبنان الطائفيَّة هي وصفة لحرب أهليَّة كلَّ عقدين من السنين. ديمقراطيَّة العراق الطائفيَّة لن تكون أحسن حالاً.
الديمقراطيَّة والعنصريَّة لا تلتقيان، وكذلك الديمقراطيَّة والطائفيَّة. إنَّهما كذبتان، واحدة في بشاعة الأخرى. الديمقراطيَّة الحقَّة هي تلك التي تفرز أصوات المقترعين دون أن تسألهم أين يصلُّون، أو ما هو اسم جدَّهم الأعلى. الديموقراطيَّة الحقَّة هي صوت الناس لا صوت طوائفهم، وتحديدًا ليست أصوات رؤساء طوائفهم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف