الخطر الايراني الإقليمي والدولي...
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لفت نظري عنوان صغير في إحدى الجرائد العربيه.. محكمه تركيه تتهم ايران بتدريب إسلاميين أتراك ودعم نشاطاتهم الإرهابيه.. حيث حوكم ثمانية أشخاص ينتمون إلى جماعه من داخل الحرس الثوري الايراني تسمي نفسها جيش القدس تعمل على تصدير الثوره الإسلاميه إلى الدول المجاوره .. في قضيه تتعلق بقتل أربعة مفكرين علمانيين.. بهدف زعزعة النظام العلماني في تركيا..
تزامن هذه الحادثه مع تحدي ايران للمجتمع الدولي فيما إذا كانت مفاعلاتها النوويه للأغراض السلميه أم لأهداف أخرى.. مدى صحة الشكوك حول قدرتها على انتاج قنبله نوويه خلال أشهر تصريحات الرئيس أحمد نجادي حول مصداقية المحرقه اليهوديه وتصريحاته السابقه عن محو الدوله الإسرائيليه كلها مجتمعه تلعب دورا كبيرا في التشكيك بنوايا ايران الإقليميه والدوليه على المدى القصير والبعيد.. فعلى الرغم من أن هذه التصريحات قد ترد إلى عدم خبرة الرئيس الجديد.. أو كما تحاول ايران التبرير لها الآن بأن رأيه في المحرقه قد يكون صحيحا وبالتالي يجب أن يخضع للتحليل الأكاديمي والموضوعي.. في شأن تم البحث فيه والإعتراف به كجريمه إنسانيه حدثت بالفعل.. وبالرغم من أن هذه التصريحات أطربت الكثيرين في العالمين العربي والإسلامي إلا أنها رفضت كلية من الدول العربيه وأدينت كليا من الخمسه وعشرين عضوا في الإتحاد الأوروبي.. إلى جانب إدانتها من الولايات المتحده وروسيا والصين .. إلا أنها وعلى الصعيد الإقليمي تلعب دور السحر لجرأتها على تحدي رأي المجتمع الدولي في حقيقة وقوع المحرقه.. وتؤجج المشاعر العربيه والإسلاميه ضد الهيمنه الأميركيه وتواطؤ الأنظمه معها.. وقد تحدث الإنشقاقات الداخليه المطلوبه مابين الشعوب والأنظمه في المنطقه العربيه وأيضا في الدول الإسلاميه لتهيئة هذه الشعوب لإعطاء ايران الدور القيادي الذي تطمح إليه متخدرة بعواطف ومشاعر دينيه لن تؤدي على المدى البعيد في الحصول على الحقوق السياسيه والإقتصاديه المطلوبه للتنميه في العالم العربي والإسلامي.. ولن تؤدي إلى التطور المطلوب لدور ايجابي فعال في السياسه الدوليه لأنها مسيجه بهيمنه من نوع جديد.. نرجسية الهيمنه العقائديه...
لقد وعت تركيا هذه الحقيقه بعد انهيار الإمبراطوريه العثمانيه.. وبحساب المصالح قرر كمال الدين أتاتورك بأنه من الأفضل لتركيا أن تكون ذيلا لأوروبا على ان تكون إمبراطوريه في الشرق. ولكن تركيا لم تتوقف عن العمل على تحسين علاقاتها مع الدول العربيه بعد تدفق ثروات النفط العربي.. وعملت باستمرار على تحسين علاقاتها مع الدول الأوروبيه واعية أهمية الترابط الإقتصادي ومبادىء التجاره الدوليه آخذة باستمرار بالتغيرات الدوليه. والمرتكزه أساسا على أهمية وإرتباط النمو والرخاء الإقتصادي في الإستقرار السياسي.. ودفعت بالكثير من الشعارات لسلة المهملات في سبيل قبولها عضوا في الإتحاد الأوروبي..
المبادرات الايجابيه الأخيره التي ظهرت بين تركيا وروسيا والتي تطوي صفحه من التاريخ الملىء بالمآسي بين البلدين.. تؤكد إعترافهما بتغليب المصالح والعلاقات الاقتصاديه لمصلحة الشعبين على أي مآسي سابقه ارتبطت بحلقه من التاريخ اختلفت فيها الظروف الآن .. إفتتاح أول معرض للأرمن في تركيا.. يؤكد وعي تركيا وأهمية طي صفحه أخرى من التاريخ ومآسيه. ومحاولة الإعتذار إلى الآخر. وبدء علاقات جديده تعتمد التسامح..
مما لا شك فيه بأن هناك عوامل إيجابيه للتقاربات الإقليميه.. ولكن وفي المقابل أيضا يجب الأخذ بالحسبان بأن هناك سلبيات تحمل في ثناياها أطماع معينه لدولة على أخرى من أجل النفوذ أو من أجل الهيمنه.. ولكن أخطر هذه التقاربات في الوقت الحالي هو ما يقوم على تعزيز عقيده دينيه متشددة ترفض الإعتراف بالمساواه وبحق الآخر في الحياه وفي الإختلاف في الرأي وحرية العقيده.. والملبس.. إضافة إلى غياب أو تغييب حقوق المرأه.. وكلها غير معمول بها في الدوله الايرانيه ذاتها..
مما لا شك فيه بأن الوجود الايراني في المنطقه العربيه لا ينحصر فقط في العدد الكبير للسكان الشيعه الذين ينحدرون من أصول ايرانيه. خاصة في منطقة الخليج. ولكنه يتعداه إلى الوجود العسكري ممثلا بحزب الله في لبنان.. ثم النفوذ العلوي في سوريا .. ثم ترابطها العسكري مع حركة حماس .. إضافة إلى الأطماع الإيرانيه في العراق والتي تعود لأسباب إستراتيجيه بحته يؤكده تاريخ صراع حافل بين الدولتين على النفوذ في منطقه غنيه بسلعه استراتيجيه .. كلاهما كان يسعي لقيادة المنطقه.. العراق من منظور عربي. أما ايران فكان من منطلق استراتيجي بعيد المدى للوصول إلى مصاف الدول العظمى.. . آخرهذه الصراعات كان الحرب التي شنها نظام صدام حسين السابق لمدة ثماني أعوام.. أهلك فيها الشعبين ومعظم مواردهما .. هل الهدف الإيراني الآن الإنتقام لهذه الحرب.. أم حماية حقوق الشيعه.. أم الهيمنه على العراق .. مستعملة التعبئه العقائديه لإيجاد ثغره تتسرب منها لإرساء قواعد دوله إسلاميه في جنوب العراق ووسطه على غرار الجمهوريه الإسلاميه الإيرانيه.. لاغية بذلك الهويه العربيه للعراق..
أم أن طموحات الرئيس الجديد الشاب هي أبعد وأكثر من حدود العراق.. وفيما إذا كانت هذه الطموحات هي حقا في مصلحة المنطقه .. أم أن فيه هلاكها..
ساذج من يظن بأن تصريحات أحمد نجادي هي للإستهلاك المحلي فقط.. تصريحات نجادي تحمل في ثناياها أحلام وأطماع ايرانيه فشلت ايران في تحقيقها حتى الآن.. ولكنها تعود ببساطه لتخترق الصف العربي المنشق أصلا ما بين الشعوب العربيه والأنظمه.. ايران حلمت بدور إقليمي يلعب دورا فاعلآ في السياسه الدوليه.. .. متسلقة بذلك على ما تعتقد أنه نجاح الإسلام السياسي في إيران.. ولكن السؤال هل نجحت الثوره الإسلاميه في تحقيق حلم الإنسان الإيراني..
وهل الحركات الإسلاميه المدعومه من ايران هي البديل.. هل الصوره التي تخرج حاليا من ايران تساهم في كسب تأييد دولي لحق شعوب المنطقه العربيه والإسلاميه للحريه والإنعتاق من الهيمنه الغربيه.. وهل الإنسان العربي سيكون أفضل حظا ووضعا إقتصاديا في حال وصول هذه الحركات المواليه لإ يران إلى سدة الحكم.. هذا لا يعني قبول هذه الأنظمه ومظالمها. ولكنه لا يعني أيضا الثوره العمياء كما تسعى ايران من خلال تصريحات نجادي الغوغائيه..
تصريحات نجادي تحمل في طياتها التأكيد بأن الحرب الدائرة بين الشرق والغرب حرب عقائديه.. حرب إسلاميه مقابل حرب يشنها بوش والمسيحيون الجدد على المنطقه .. وبالتالي إدخال المنطقه العربيه والإسلاميه في صراع أبدي مع العالم أجمع.. بدل محاولة كسب فريق السلام المعارض لهذه الحرب الذي بدأ ينمو داخل أميركا والمجتمعات الدوليه الأخرى..
الحاجه ملحه إلى وعي الشعوب العربيه بخطورة ما تقوم به ايران .. ورفضه جملة وتفصيلا..
ولكن في ذات الوقت الحاجه ملحه للأنظمه العربيه للإصلاح الحقيقي والجاد بدءا بالقضاء على الفساد ومحاكمة الفاسدين ثم الخروج من مظاهر التبذير الواضحه على الشاشات الفضيه .. والعمل عن طريق الإعلام المرئي بالتحديد على الخروج من السلبيه الإعلاميه بايجابيه تعمل على بنيه جديده متماسكه للذات العربيه تستمد قوتها من حقها ووجودها الإنساني أولآ.. بنيه إقتصاديه تضمن القوت للجميع . تبني للأجيال القادمه مستقبل يقوم على التنميه المستدامه.. بنيه إجتماعيه تقوم على إحترام الكرامه الإنسانيه للفرد العربي بغض النظر عن إنتمائه العشائري أو القبلي.. وتضمن عدم التفاوت الطبقي الكبير.. بنيه ثقافيه عربيه تستند إلى حضارتها ولكنها أيضا تعترف بالحضارات الأخرى وتأخذ منها ما يفيد المستقبل.. خلق ذات عربيه جديده تنتمي إلى القرن الواحد والعشرين ولا تستمرىء العوده إلى الوراء كوسيله لوضع قدم متساويه مع العالم ولنيل حقوقها الدوليه..
لا أحد ينكر بأنه وخلال الفتره الإستعماريه استمرأ الغرب سرقة ثروات الشعوب العربيه.. ومما لا شك فيه أيضا أن هذا الغرب يحاول حماية مصالحه بالتعاقد الضمني مع الأنظمه والسبب هو عدم وجود البديل المتمدن الواقعي والواعي للتغيرات الدوليه.. السياسيه والإقتصاديه. وحتى الإجتماعيه. .. والثوره الايرانيه لم تنجح كبديل..