لو قُدِرَ لمَن أحببت!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى...لأفهمته أن الحب ليس كقطف الزهور أو كتسلق الشجر في نهار ربيعي بارد...أو كلعق المثلجات في يوم قيظ حارق...أو كصلوات العباد في ليلة القدر...جميعها لحظات حاجة تمر بانتشاء وتنتهي بانتهاء الحدث...الحب حالة شبق أبدية..ليس لها صلة بحاجة الجسد...
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى...لعلّمته أنه لا حرج بين الحين والحين أن يخوض تجارب محفوفة بالمخاطر، وأن يعيش حياة المعتوهين، ويبيت كداعر مشرد على ناصية الدرب..وينزع عنه كساء القديسين...كي يحس بالطهر...
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى... لجعلته يُدرك أن الجاه والمال والسلطة والشهرة ... جميعها زخات ثلج تتراكم في النفس... فتُشيّد جبالا جليدية قاسية في القلب...تحجب عنه تطعم الحياة والتلذذ بها...ومن ثم تذوّبه وتذوب...
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى...لدفعته أن يتسلق الجبال كل خريف...ويعوم الأنهار الباردة كل صيف...ويستلقي على الحشائش الربيعية عاريا دون أن يكترث...وحين يأتي الشتاء بصقيعه وأمطاره لا يعرف مخبأ غير أحضاني كي ينال الدفء...
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى... لذكّـرته أن يجعل الابتسامة حليفته الدائمة... ولأضحكته بعدد الساعات التي تمر...ليعمر قلبه بسعادة متجددة تكفي العالم بأسره وتزيد...
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى... لعلّمته أني محمومة معرفة وأن الكتاب صديقي الحميم، وانه اصدق كتاب قرأته...
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى...لجعلت منه أنسانا جسورا...مقداما...يعشق السفر حتى وإن كان مفلسا...يهوى الاستماع لأحلام فقراء الأرض..يعيش يومه ولا يحسب كثيرا للغد ..لا يتردد في ارتكاب أخطاء أكثر بدون أن يتوخى الحذر...ويتعود أن يفشل بشكل اكبر بدون الشعور بالذنب...أو أن يمس أحدا بأذى...ليصبح إنسانا بحق..
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى...لجعلته كل صباح يمشي حافيا بين السفوح الخضراء كالأطفال الصغار..ليتحسس لين الأرض ونعومتها... ومن ثم يشعر بنعومة روحي ولين قلبي...
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى...لحمّلته هما واحدا فقط في حياته، وهو أن يحب جميع من أحبوه بقدر اكبر...لينعم بالراحة أكثر...لأن كل شيء يصبح ذو قيمة ومعنى حين نحس أن قلوب أحبائنا تنبض بحبنا...
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى...لدرّسته معجمي بجدية أكثر...وأرشدته كيف يقرأ تقاسيمي ويفهمها...وحرضّته أن يلهو بين سهولي وهضابي كل ليلة ...من أجل أن يُدرك رقي الذات...
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى...لأخبرته أن فنون الكون ليست للاستمتاع فقط بل هي من اجل أن نتعلم كيف نعيش أحرارا بنغمات مختلفة وألوان متعددة...
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى...لقلت له أني لست مثل سائر النساء اللاتي حالما يُطفأ النور يصعب التعرف على الفروق بينهن...فأنا امرأة لن يعرفها تماما حتى لو قضى معها الدهر كله...
لو قُدِرَ لمن أحببت أن يحيا مرة أخرى... لذكّرته دائما بأن الأنانية آفة تندس بخبث في القلب فتشل فيه نبض الإنسانية...ولأفهمته أن الدين هو الحب...فلا قبله ولا بعده جدير أن يُخلد ...وان من مات على نقيضه مات ميتة الجاهلية...فحصد سُخط الرب ولن يترحم عليه احد...
لذكرى جميع أحبابي الموتى اللذين لم توفر لهم الدنيا ترف الحياة لفترة اطول للتعرف على ما يحمله العام المقبل 2006