كتَّاب إيلاف

ضياع العرب بين صدّام وخدّام

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

-1-
لا شك بأن حديث رأس السنة الجديدة الرئيسي في المجالس العربية، كان المقابلة التي أجرتها فضائية "العربية" مع نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدّام. ولعل العرب لم يفرغوا من الحديث عن محاكمة صدّام حتى دخلوا بمحاكمة عبد الحليم خدّام بالخيانة العظمى التي دعا اليها مجلس الشعب السوري عقب المقابلة رأساً، كرد حاسم على ما قاله خدّام.

-2-
خدّام في مقابلته مع "العربية" قال تقريباً كل شيء عن النظام السوري. وما سيقوله غداً وما سيضيفه في المستقبل هو تفاصيل التفاصيل التي لا تهم كثيراً. وما قاله يعرفه الجميع، وليس بخافٍ على أحد في داخل سوريا وخارجها. والجديد فيما قيل، هو أنه بمثابة "اعتراف حرامية وجلادين" . وهو من قبل من اشتركوا في سرقة سوريا ولبنان بل كانوا من زعماء عصابة "علي بابا" الحرامية التي سرقت هذين البلدين، واستفادت من ثروة الحريري وقايضت السلطة اللبنانية بالمال الحريري.

-3-
كانت اعترافات خدّام في مقابلته مع "العربية" بمثابة اعترافات مومس، مارست البغاء السياسي طوال عمرها ولما أصبحت عجوزاً شمطاء تابت الى رب العالمين على ما يبدو، واعترفت بكل من كانوا يمارسون معها البغاء السياسي. وليس في ذلك بالأمر الجديد. وإذا كان هناك من جديد فهو جرأة وشجاعة المومس على الاعتراف بخطاياها. علماً بان خدّام حتى الآن لم يعترف بخطاياه الكبيرة في مساهمته واشتراكه في قرار وفعل التنكيل بالمعارضة السورية، وقتل المعارضة السورية واللبنانية، والتنكيل بالمثقفين. ولعل ما تمَّ في "ربيع دمشق" وغيره من فصول الربيع السورية السابقة التي لم تظهر الى الوجود وتمَّ اعدامها في مهدها، ومصادرة الحريات، والاستحقاقات الديمقراطية، في عهد حافظ الأسد وبشار الأسد، والسكوت على الفساد، ونهب الثروات السورية اللبنانية، ودفن النفايات النووية في صحراء تدمر.. الخ. لأكبر دليل على أن خدّام لم يكن بالسياسي السوري الشريف الذي يذرف الدمع اليوم على الإصلاح السوري، وعلى مذبح الحرية والديمقراطية السورية.

-4-
اتهام خدّام بالخيانة العظمى من قبل مجلس الشعب السوري اتهام صحيح، وحق، وفي محله.
فخدّام خانة أمانة الفساد في سوريا، وفضح هذا الفساد، فهو الخائن الأعظم.
وخدّام خان أمانة الأسرار السياسية تجاه مقتل الحريري، وأشار بأصابع الاتهام الى النظام السوري، فهو الخائن الأعظم.
وخدّام خان أمانة الأسرار المالية لأركان النظام وهو من أركان هذا النظام، وكشف عن سرقاتهم في لبنان، فهو الخائن الأعظم.
وخدّام كان المسؤول العربي الكبير والنافذ الوحيد في التاريخ العربي الحديث الذي فضح المستور العربي بهذه الجرأة والشجاعة، فكان الخائن الأعظم.
وكان حكم مجلس الشعب السوري عليه حكماً سورياً شعبياً رسمياً عادلاً.
فماذا نتوقع من مجلس كهذا أن يفعل، تجاه هذه القنبلة النووية السياسية التي ألقاها خدّام في أكبر ميادين دمشق؟
هل كنا ننتظر من مجلس الشعب السوري، أن يقيم له تمثالاً، ويكتب على قاعدته: هذا هو أيو الحرية السورية. وهذا هو مشعل الديمقراطية السورية؟

-5-
لو كان خدّام سياسياً شريفاً، لما قبل كل هذه الهدايا والعطايا والمطايا من الحريري ومن الزعماء اللبنانيين الآخرين مقابل تفويت ما فات.
لو كان خدّام سياسياً شريفاً، وأراد أن يدخل التاريخ العربي السوري كواحد من دعاة الإصلاح لما تورّط طيلة ثلاثين عاماً وأكثر كلاعب أساسي في نظام الحكم السوري الديكتاتوري، الذي أنزل الكوارث بسوريا ولبنان معاً.
لو كان خدّام سياسياً شريفاً، لأعلن منذ اليوم الأول ومنذ ثلاثين عاماً، بأن سوريا بدأت تغرق في مستنقع الفقر والفساد والبطالة والطغيان والديكتاتورية، ونهب ثروات لبنان.
فهل من شافع يشفع له طوال فترة ثلاثين عاماً من الحكم الديكتاتوري التسلطي والقمعي؟
وهل هذه المقابلة في فضائية "العربية" هي المطهر الذي يمكن أن يطهر خدّام من كل الكوارث والخطايا الكبرى التي شارك فيها، ولحقت بسوريا ولبنان؟

-6-

خدّام كتاجر سياسي سوري محنّك وحاذق ويعرف متى يدخل في اللعبة ومتى يخرج منها، كان أذكى بكثير من صدّام حسين الذي انتظر حتى الثانية الأخيرة، فهُدم المعبد على رأسه.
لم ينتظر خدّام تلك اللحظة الأخيرة وهو يرى حجارة وحوائط المعبد السياسي السوري تتهاوى الواحد بعد الآخر تحت الضربات الدولية حيناً، وتحت الضربات اللبنانية والعربية الناعمة حيناً آخر.
خدّام كان لديه حدس سياسي ثعلبي. وكان جُحره بعدة مخارج، يستطيع الهروب منها. وهذا ما حصل، حتى لا ينتهي في نهاية المطاف في الجُحر العنكبوتي الذي انتهى اليه صدّام.

-7-

ما الفرق بين صدّام وخدّام؟
كلاهما سجّان، وكلاهما جلاد، وكلاهما سارق، وكلاهما فاسد، وكلاهما ألحق الخراب والدمار بوطنه وشعبه.
الفرق بين خدّام وصدّام، أن خدّام كان الجلاد الناعم من وراء الستار، وصدّام كان الجلاد الفظّ القاسي الجبار.
صدّام كان بهيماً سياسياً، لا يعرف غير طريق واحدة يسلكها، وكان أجهل العرب بالسياسة وفنونها ومسالكها. لذا فهو لم يسمع لأحد، ولم يستجب لأحد في تجنب الحرب والسقوط في الهاوية، كما حصل فجر التاسع من نيسان 2003.
صدّام كان عبارة عن سلطان عثماني رجعي جلاد، ذي عقل يابس، وطبيعة متحجرة.
خدّام كان لحافظ الأسد بمثابة الداهية عمرو بن العاص لمعاوية بين أبي سفيان.
صدّام لم يكن لديه عمرو بن العاص. ولو ظهر له ابن العاص لقتله!
وكما كان عمرو بن العاص سبباً غير مباشر في مقتل الإمام علي، كان خدّام سبباً غير مباشر في مقتل الحريري كذلك.
خدّام كان ثعلباً سياسياً شبع من الحريري وغيره من اللبنانيين الطامعين في كراسي الحكم، وهو اليوم يزيد شبعه شبعاً وتخمته تخمةً على مائدة هذه المقابلة ومقابلات أخرى ربما ستأتي، يقول فيها كلاماً متأخراً جداً بعد أن انفضَّ السامر، ودقّت الساعة، وانشقَّ القمر، وأصبح الإعصار على الأبواب.
لقد ضحك خدّام على الموتى والأحياء معاً.
وضاع العرب بين صدّام وخدّام؛ أي بين حانا ومانا. وهو ما يقال في المثل الشعبي العربي :
بين حانا ومانا ضيّعنا لحانا.
ويا ليت الأمر توقف عند ضياع لحانا فقط؟

مقالات ذات صلة:

نهاية البعث العلوي‮ ‬الشّامي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم ترد مورد النباهة ولا حتى الوصف والمقارنة.. الدكتور شاكر النابلسي مقارنتك غير جائزة ووصف غير دقيق وحكمك مسبق وغير عادل.
سعد الدغمان -

ربما انصفت في جزيئة واحدة تتعلق بالقسوة لدى صدام رحمه الله ، وتلك صفة لايشذ عنها عراقي فنحن جبلنا على القسوة الممزوجة باللين الذي لايعرفه أحداص من العالمين ، نحمل قلوباً رقيقة جداً هاجسها الإنسانية التي فقدتها الشعوب إلا من استثناء.لكنها قاسية كالحديد عند الخطوب والدسائس والظٌلَم، راجع أرائك ودقق في صدام حسين ذلك الرجل الذي قاسم خبزه مع فلسطين وأهلها وهو واجب ، فتح العراق على مصراعيه للأشقاء المصريين وهو بلدهم وليس منة من أحد، شارك خيره مع أهل المغرب وكانت هناك قرى وليس قرية لأهلنا من الفلاحين المغاربة الاشقاء، فتح جامعات العراق مشرعة أمام شباب الأمة بلا درهم ولادينار وهو حقهم في أرضهم وبلادهم العراق ، فيما اليوم وأنا العراقي أبحث عن فسحة لدراسة الصيدلة لأبني ولا أجد ، وليس هناك من يقول أهلاً بك في بلدك الثاني مرحب ومقدر نقدم لك مقعد لأبنك دون رسوم، هل أحصيت من تخرجوا يحملون شهادات عليا دون درهم او دينار من عراق صدام حسين.هل أحصيت فخامة الدكتور عدد الذين قدمت لهم وزارة الصحة العراقية بعهد صدام العلاج مجاناًهل أحصيت مصائب الأمة التي وقف فيها صدام حسين بعز وشجاعة وقاتل قبل اهلها، ستقول اين ، وأجيبك ، هل سألت أهل دمشق العروبة أهلنا في الشام من حمى دمشق الخلافة من السقوط بيد الصهاينة ، ( نعم أنه الجيش العراقي الذي لازالت قبور شهدائه في كفر قاسم وبير زيت، لكن بأمر من) هناك الكثير من الجيوش العربية لكنها لم تحمي دمشق، هل سألت عن الصواريخ التي كان يرسلها للراحل السادات في 73 دون مقابل ، وهناك حديث صريح للرئيس السادات بذلك، وسمعناها من السادات ولم نسمعها من صدام.هل قرأت اعترفات السفير الجزائري في بغداد حين كان صدام نائب وقدمت الجزائر عرضا للسكك الحديد وكان أعلى سعراً من الآخرين ، وقبله صدام ورفض تعديل السعلر وقال : أن فارق السعر مساعدة لأهلنا في الجزائر ن بينما صديقك خدام وبنفس الحادثة لكنها في دمشق طلب عمولة 10 % ، وإلا يرفض العرض.هل وهل وهل ، هل سمعت عن صده لحقد المجوس على الأمة طيلة فترة حكمه منذ 68 حتى استشهاده ، ألم يكن دفاعاً عن الأمة .... وصفته بالسارق يادكتور ، وأني لأسالك ماذا سرق منك لأتكفل أنا بإعادته اليك نيابة عن صدام.لا اطيل وصفته بالسارق والمجرم ، لكن السؤال الأكبر هنا هل تظن أن سارق أو مجرم بحق الناس يمكنه الله عز وجل من النطق بالشهادة ويكرمه بها 3