حوار ساخن في ساحة الكنيسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
هذا الحوار سمعته أمام باب إحدى الكنائس في سيدني، بينما كنت أقف، منتظراً خروج أخي، بالقرب من سيّدتين لبنانيتين، جاءتا أصلاً للصلاة في الكنيسة، وليس للثرثرة (وطق الحنك) في ساحتها. قالت الأولى للثانية بصوت كأنه فحيح أفعى :
ـ هل رأيتِ نجوى؟.. لقد شقّرت شعرها، ونتفت شعيرات ذقنها، ولبست كعباً أطول من رقبتها !
فتمتمت الثانيّة، ويدها تغطي فمها، كي لا يسمعها أحد :
ـ لقد جرّصت حالها، وسخر منها الجميع ..
ـ آخ لو رأيتِ زوجها القمّرجي، النسونجي، الطنبرجي.. نعل حذائه مثقوب، أي أنه
يمشي على لحم رجليه، ومع ذلك يضع رجلاً فوق رجل، ويعرّم في المجتمعات .
ـ طنبرجي ونصف.. ما زال يرتدي بذلة عرسه، التي تزوّج بها منذ عشرين سنة .
ـ وهذه المرسيدس التي تقودها، من أين جاءت بها؟
ـ البركة بالخواجة يوسف ..
ـ يوسف ما غيره؟!.. إنه مهرب مخدرات كبير، عجز البوليس الأسترالي عن ضبط تحركاته .
ـ طنجرة ولقيت غطاءها.. قولي: أللـه .
والظاهر أنهما انتبهتا لوجودي بقربهما، فالتفتتا إلي بقرف، وراحتا تشزرانني من تحت إلى فوق، فأشحت بوجهي عنهما بعد أن وضعت تلفوني المحمول على أذني تمويهاً، وبدلاً من أن تبتعدا عني أكملتا حديثهما بثقة تامة:
ـ يوسف يحب نجوى، وهي ترفض أن تطلق زوجها خوفاً من أهلها في لبنان، ولهذا راح يصاحبه ويمده بالمال ليروي غليله من القمار، ويدفنه الليالي الطوال في كازينو سيدني، وهكذا يخلو له الجو ويحلو مع نجواه ساعة يشاء.
ـ كازينو سيدني ينتظر بفارغ صبر إطلالة زوجها، بينما هي فتنتظر إطلالة يوسف!
ـ جميع مهربي المخدرات باتوا في السجن إلا يوسف!
ـ إنه يدفع.. اللبناني كريم مع البوليس، لا تخافي.
وفجأة، عاودتا التطلع بي، والثرثرة علي شخصياً:
ـ أعتقد أن هذا الرجل الواقف بقربنا من أزلام يوسف..
ـ لا.. إنه من رجال البوليس.. لقد لمحته منذ مدة في مركز بوليس باراماتا..
ـ وماذا كنت تفعلين هناك؟
ـ لقد أوقفوا زوجي بتهمة (شَيْل) العرق اللبناني المثلث..
ـ ومن فسد عليه؟
ـ أخوه!! أجل أخوه..
ـ تحضير العرق ممنوع في أستراليا.. كم غرّموا زوجك؟
ـ عشرة آلاف دولار.. إنني أكره عائلة زوجي..
ـ أف.. نسيت أن أسألك عن حماتك.. ماذا فعلت بها؟
ـ قلت لزوجي: يا أنا يا أمّك ..
ـ وماذا قال لك؟
ـ بالطبع أنا.. ورمى أمّه في مأوى العجزة ..
ـ عقبى لحماتي ان شاء الله..
ـ أدخلي لنصلّي.. قبل أن ينتهي القدّاس، ونطلع بلا قدّاس .
وما أن دخلتا الكنيسة حتى خرجتا منها، فلقد منح الكاهن بركته الأخيرة للناس إثر، فخرجوا ممتلئين بوصايا السيد المسيح: أحبوا بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم، ما عدا سيدتين أدارتا ظهرهما للحب من أجل الثرثرة على الآخرين والإيقاع بهم، ولو لم أكن قد تنعمت بحضور قداس الصباح، لما تمكنت من نقل وقائع هذا الحوار الساخن.