صدام الراعي والرعيّة!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لم تبتل الشعوب العربية و الإسلامية بشيئ مثلما أبتليت برعاتها وولاة أمورها السرمديين الذين فرضوا أنفسهم على ملايين الناس والذين داسوا على كل ما له علاقة بالحياء والخجل و الإستحياء و الضمير، وصبوا في آذانهم أثقالا من القطران حتى لا يستمعوا إلى حناجر الأطفال و الشباب والشابات و الكهول والنساء و العجائر و الشيوخ وهي ترددّ مجتمعة كفاية، كفاية، كفاية.
لكن هل مصطلح كفاية هو مجرّد لفظ يتكوّن من خمس حروف ولا يستبطن شيئا مطلقا، أم أنّه مدلول سياسي كبير يختصر الزمن العربي الرديئ والذي صاغه ولاة الأمور كل ولاّة الأمور بإمتياز.
الواقع أنّ هذا المصطلح الذي إصطفّ وراءه تيّار المستضعفين في مشرق العالم العربي ومغربه، هو رسالة سياسية واضحة وبينة وموجهّة إلى الحاكم العربي الذي فرض نفسه عنوة وبالقوة على رؤوس الأشهاد.
والمصطلح دعوة لهذا الحاكم السرمدي الذي فرض نفسه ومنهجه السياسي الإستبدادي منذ عقود على مجتمعات حدثت فيها نقلة رهيبة في تفاصيل الحياة بالتنحي، ومعنى المصطلح أيضا كفاية للحاكم الأوحد الأحادي المتوحد الذي لا شريك له، كفاية لظلمه وإستبداده وقمعه و إحتقاره للناس وعلوه في الأرض كفرعون وهامان والنمرود، كفاية لأحاديته وأحادية حزبه وكفاية لترفعه على الناس و سحقه لهم وسرقته لأقواتهم، كفايه لعمالته لأمريكا وإسرائيل ولمن يمكّن له في عرشه وحكمه، كفاية لأجهزته الأمنية ذات الأيدي الطويلة الباطشة الفتاكة الضاربة المعذبّة للأبرياء أنّاء الليل وكل النهار.
كفاية لسجونه و معتقلاته و مؤامراته ودسائسه و خبثه ومكره و بغيانه و صلفه وطمعه وجشعه و نهمه لثروات الأمة الظاهرة والباطنة، كفاية لحضوره الدائم في الشاشات الصغيرة و الإذاعات و الإعلانات والجرائد والمجلات والعملات النقدية و الرسوم المتحركة وأسقف المراحيض.
كفاية لعلوه وترفعه وحكمه منذ عقود من الزمن تشكلّ فيه جيلان أو أكثر لا يعرفون إلاّ السيد الرئيس والذي يحاول أن يقاوم تصاريف الليل والنهار بطلي شعره وترقيق حاجبيه و نفخ خدوده ليبدو شابا و رسول الإسلام – ص – يقول لعن الله الشيخ المتصابي.
كفاية مصطلح معناه كفاية للديماغوجية و الضحك على الذقون و الوعود النهضوية الكاذبة و التي لم يتحقق منها شيئ، كفاية للغطرسة و الظلم و السلب والقهر و التفرعن و النهج السايسي البالي الذي هجرّ العقول و النفوس والأبدان من بلادنا، كفاية للشعارات الكاذبة و النفاق السياسي والدجل، كفاية كذبا على الجماهير بأن الرئيس مواطن من الجماهير وهو يسومهم سوء العذاب يوميا يذبح رجالهم ويستحيي نساءهم، كفاية للعذاب السياسي والإقتصادي والأمني و الإجتماعي والثقافي، كفاية للشخص الواحد الذي فرضته الدبابات و الإنقلابات و الإرادات على شعوبنا، كفاية من إعتبار الشعوب العربية غير ناضجة ديموقراطيا وبالتالي لا يصلح أن تحكم نفسها بنفسها، كفاية للحاكم العربي الذي يعتبر نفسه الأفهم والأوعى والأذكى و الأرشد والأبلغ و الذي يعتبر الأمة دون سنّ البلوغ ولم تبلغ الحلم ومع ذلك يقيم عليها الحدّ الشرعي والقانوني وهو أبعد ما يكون عن شرع السماء وشرع الأرض.
كفاية للطغاة والجبابرة الذين هجرّوا البسمة والسعادة من أوطاننا، أو بتعبير نزار القباني:
حتى الطيور تفر من وطني، كفاية للذين صادروا حقوق الجيل المقبل في صياغة مستقبله بتعيين أبنائهم وأقاربهم وأبناء زوجاتهم وعشيقاتهم أوصياء على هذه الأمة المستضعفة، كفاية للحكام الذين وصلوا إلى أرذل العمر و أصيبوا بحالة الشيزوفرينيا و الخرف وما زالوا يأملون في حكم العباد، متناسين أنّهم بذلك فرضوا على الأمة أن تكون مريضة وفي حالة غيبوبة متواصلة، كفاية لهذا الحاكم الذي نجح في نشر سياسة الرعب والترهيب والخوف بين الناس، كفاية لمن دجنّ الثقافة وخنثّ الكلمة وعهرّ القصيدة و خبثّ السياسة، كفاية للذي جمع القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والسائل الأسود وهربها إلى بنوك أوروبا ليستمتع لاحقا بشقروات أوروبا بعيدا عن أمته التي سببّ لها عاهة حضارية مستديمة، كفاية لتعفين النظام السياسي وتحويله إلى شركة ذات أسهم قوامها الرئيس وزوجته وأولادهما الذين هم على خطّ أبيهم في سرقة أقوات الناس، كفاية للذي رتبّ ديونا بملايير الدولارات على الجيل الراهن والجيل المقبل، و الذي كان بإمكانه أن يقضي كل الديون المترتبة على دولته من ماله الخاص و مال أولاده المسروق من أقوات الفقراء والمستضعفين، كفاية للذين حولوا المجتمع العربي إلى بيت دعارة كبير تسوده الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، كفاية للذي نشر المخدرات وتاجر بها بين الشباب والناس، كفاية للذي مكنّ لعصابته من رجال الأمن وضباط الإستخبارات و أطلق يدهم في القتل والخطف والسرقة والسطو و الإتجار بالمحرمات وأخذ العمولات من الشركات الأمريكية والفرنسية والعبرية التي تبيعنا السموم، كفاية للذي خرم دستور البلاد، و حطمّ الرقم القياس في حكم البلاد والعباد، كفاية للذي تسببّ في خراب العمران والبنيان والإنسان، كفاية للكذب على الناس، كفاية للوجوه المجعدّة العبوسة الكالحة المسودّة من أثر الذنوب والمعاصي، كفاية للذين سلبوا ونهبوا و سرقوا و إغتنوا، كفاية لمضيعي الأوطان، كفاية للقدماء رموز المراحل السابقة مراحل الإستبداد والطغيان والخوف والذعر والملاحقة، كفاية لرموز حالة الطوارئ وحكام الطوارئ و الأحكام الإستثنائية، كفاية لبناة السجون والمعتقلات و منتجي فنون تعذيب الإنسان، كفاية للمعذبّين والمنكلّين و المتأمركين، كفاية للذين تسببوا في الإنهيار الحضاري و الإحتراقات الوطنية ومنتجي الحروب الأهلية، كفاية لحكام الإستئصال و جنرالات الدم، كفاية للعسكر الذي حولوا المواطن إلى جندي يجب أن ينفّذ كل شيئ ولا يجب أن يناقش مطلقا، كفاية للذين ذبحوا الحرية و الديموقراطية، كفاية للذين دمروا الإنسان العربي والأوطان العربية، كفاية من الذين عميت أعيننا من النظر إليهم منذ عشرات السنين، كفاية من حكم العسكر و البدو و العائلة التي ترث الأرض ومن عليها، كفاية من الذين قرأنا أسماءهم في كتب التاريخ منذ عقود وما زالوا هم هم لم يتغيروا مطلقا، كفاية من النهج السياسي والإقتصادي والإجتماعي الذي تسببّ في النكبة الكبرى في عالمنا العربي.
كفاية أيها الحاكم الذي لا تخجل ولا تستحي، وبالرغم من صرخة كفاية من المواطنين المستضعفين تستمر في الحكم و لسان حالك أنا لا يكفيني شيئ أنا ربكم الأعلى !