كتَّاب إيلاف

هل كانت ثورة 14 تموز انقلاباً عسكرياً...

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

... منعزلاً عن الشعب العراقي؟

لم تكن ثورة 14 تموز عام 1958 حدثاً عابراً مرّ مرور الكرام وفقد معناه وتأثيراته على العراق والعالم الخارجي أو انقلاباً عسكرياً منعزلاً ومقتصراً على حفنة من الضباط استغلوا مناصبهم العسكرية لكي يسيطروا على مقاليد السلطة كهدف وحيد لهم اي بالمعنى الواضح لم يكن أكثرية هؤلاء طلاب سلطة فقط بل ان هذه الانتفاضة العسكرية المجيدة انتقلت كثورة جماهيرية عارمة منذ ان اعلن بيانها الاول على العرقيين والعالم وتوضح من الخطوط الاساسية في هذا البيان ان التغيير المنشود جاء بسبب ارتباط العراق الدائم بالعجلة الاستعمارية منذ ان تأسست الدولة الحديثة واصبحت اداة طيعة بأيديهم يفعلون ما يريدون فعله فاذلوا الشعب وباعوا البلاد واصبحت المعاهدات الاسترقاقية ديدناً ثابتاًفي نهجهم السياسي والاقتصادي والثقافي وبالضد من اراد الشعب وقد تكللت تلك المعادهدات الجائرة بحلف بغداد المعروف بتكويناته واهدافه العدوانية، ولم تكن الثورة وليدة لحظات سريعة طرأت فجأة دون سابق انذار بل جاءت بعد مخاض ثوري وطني ديمقراطي جعل من العراق سجناً يتنافى مع ابسط حقوق الانسان ، وقومي بسبب الخيانة الكبرى للقضية الفلسطينية وغيرها من القضايا العربية.
ان الكم النضالي الوطني الديمقراطي والقومي الهائل الذي كان يتوسع ادى في الكثير من الحالات الى انفجارات اجتماعية وانتفاضات جماهيرية واضرابات عمالية واسعة وكأنها بروفات عملية تطبيقية لأجل انجاح التغيير التي تجسد في الانتفاضة العسكرية الثورية التي قامت في 14 تموز ثم حولتها الجماهير الشعبية الى ثورة عارمة جعلت منها نبراساً مضيئاً ولو الى حين لولا تكالب القوى الاستعمارية والقوى الرجعية عليها وبدأ التآمر منذ لحظاتها الاولى وتجسد ذلك في انزال القوات الامريكية العسكرية في لبنان ولم تمر على الثورة الا شهور قليلة حتى انحازت القوى القومية العراقية وفي مقدمتها حزب البعث العراقي الى ركب التآمر بحجة الوحدة العربية الذي تداعت له هذه القوى بعد الحملة المعادية للثورة بحجة ان الزعيم عبد الكريم قاسم والضباط الاحرار والقوى الديمقراطية تقف بالضد من الوحدة العربية الفورية وكذلك الصراع مع القوى القومية التي كان في مقدمتها عبد السلام عارف والجمهورية العربية المتحدة بقيادة جمال عبد الناصر ولقد اظهر التاريخ حقائقاً عن تلك الاساليب التي اتبعت ودفع لها المال والسلاح من اجل الانقضاض على الثورة فكانت باكورتها مؤامرة الشواف المعروفة وغيرها من المؤامرات الاخرى وتجلى كل ذلك في تصريحات واقوال امين سر القيادة القطرية لحزب البعث العراقي الاسبق على صالح السعدي الذي اشار بما معناه انهم قدموا على دبابات امريكية من اجل نجاح الانقلاب الاسود الدموي في 8 شباط 1963 وهو ليس بالمعنى المادي للدبابات بقدر ماهو تأكيد على دعم وتأييد الولايات المتحدة الامريكية لهم ومنذ اللحظات الاولى للانقلاب والانقلابين الغلاة بالحقد والكراهية فقد تم اعدام الزعيم عبد الكريم قاسم وثلة الضباط الاحرار بدون اي تحقيق قانوني ولا محاكمة قانونية ثم تلتها حمامات الدم الاخرى فطالت قادة الحزب الشيوعي العراقي وكوادره في بيان رقم 13 السيء الصيت من قبل الحاكم العسكري رشيد مصلح التكريتي الذي اعدم بيد جماعته البعثيين متهمين اياه بالعمالة للاجنبي بعد انقلاب 17 تموز 1968 ولم يكتف الانقلابيون القتلة فسرعان ما انكشفت انيابهم الحاقدة ضد القوى الديمقراطية والشعب الكردي فشنوا اشرس حملة دموية ضدهما وباتت سياسة الارض المحروقة في كردستان العراق الشبيهة بفيتنام سياسة ثابتة موجهة ضد الشعب برمتهه ولم تمر سوى اسابيع قليلة على حلفهم المشبوه الهجين حتى استعر الصراع فيما بين الانقلابين وتكلل ذلك بانقلاب 18 تشرين من العام نفسه ليكون الجزار الذي خان صديقه ومخلصه من حبل المشنقه عبد السلام عارف رئيساً للجمهورية بالعافية واصبحت الدعوة .. فقط الدعوة للوحدة العربية حلم اسطوري يراود الحالمين النائمين في مضاجعهم وهم يحلمون باليوم المشهود.. وتأكد بالعمل المنشود انهم كانوا ومازالو يخدعون شعوبهم حول الوحدة البعربية والالتحام العربي وبالضد من دولة اسرائيل التي لهم علاقات وطيدة معها في السابق ولحد هذه اللحظة.
اليوم وبعد مرور 47 عاماً على تلك الثورة و42 عاماً على اعدام الزعيم عبد الكريم قاسم وثلة الضباط الاحرار ومئات الشهداء من القوى الديمقراطية بدون محاكمات قانونية او حق الدفاع المشروع عن النفس بتوكيل محامين لهم يحضرنا اعتقال الطاغية صدام حسين واركان نظامه البائس الذي جلب الويلات على العراق وشعبه وصولاً الى احتلال العراق نرى كيف يطالبون و يطالب البعض وفي مقدمتهم عائلته وعوائلهم بحقوق الانسان وحق توكيل المحامين لا بل يصرخون للمطالبة بمحاكمتهم خارج العراق بحجة العدالة والقانون وحقوق الانسان بينما كانوا هؤلاء جلادي وجزاري الشعب العراقي لم تثنيهم لا قوانين ولا حقوق انسانية ولا دينية ولا اخلاقية عندما حكموا العراق في اشد فترة سوداء مرت على العراق وملأت الدنيا اخبار المقابر الجماعية والكيمياوي و180 الف كردي ضحية الانفال ومسح مدن كاملة وقتل ةاعدام الآلاف بحجة المعارضة وكانت عوائلهم واقاربهم سراق قوت الشعب والا من اين لرغد صدام حسين واخواتها وامها ساجدة خير طلفاح المعلمة الابتدائية ذات الدخل المحدود وزوجها صدام حسين العاطل عن العمل وبدون شهادة مدرسية هذه الملايين من الدولارات والثروة الطائلة التي اكتنزوها في البنوك والشركات الوهمية وباسماء مختلفة.
لقد لعبت ثورة 14 تموز في 1958 دوراً كبيراً في مساندة حركات التحرر بعدما انجزت العديد من المهمات الوطنية وفي مقدمتها الخروج من حلف بغداد وتحرير النقد العراقي بالخروج من منطقة الاسترليني وسن قانون 80 الذي سيطرت الدولة على أكثر من 99% من المناطق النفطية وسن قانون الاصلاح الزراعي وقانون الاحوال الشخصية وغيرها من المجزات الكبيرة، وعلى الرغم من انتكاسة الثورة والاخطاء التي ارتكبت من قبل الزعيم عبد الكريم قاسم وبخاصة تسامحه مع قتلة شعبنا وعدم سن دستور دائم ونقل البلاد من الحكم العسكري الى الحكم المدني والحرب ضد الاكراد في كردستان وغيرها من القضايا فأن هذا الرجل الوطني المخلص سيبقى قائداً وطنياً يعتز به الشعب العراقي واجياله القادمة، وستبقى بجوهرها تغييراً ثوريا اراد ان يغيير الكثير ويسير بالبلاد نحو التقدم والازدهاروستبقى محفورة في ذاكرة الاجيال وذاكرة التاريخ.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف