كتَّاب إيلاف

حذار، حذار من الدستور إسلاميا!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

دقت نساء عراقيات ديمقراطيات ومنهن عضوات في الجمعية الوطنية، ناقوس الخطر منذ أيام عن نوايا الأكثرية الشيعية في لجنة الدستور في فرض مسودة دستور تعيد للأذهان بنود القرار 137 سئ الصيت ضد المرأة. وفي الوقت نفسه نشرت صحيفة الهيرالد تريبيون والنيويورك في العشرين من هذا الشهر نصوصا من المسودة التي يجري تداولها بعد أن جرت تعديلات على مسودة قبلها نشرتها "المدى" في حزيران الماضي وعلق عليها الأستاذ حسين كركوش في إيلاف مؤخرا. وفي هذا اليوم المصادف 23 تموز 2005 نشرت الهيرالد تريبيون تعليقا افتتاحيا تنتقد فيها بوش حول العراق. تقول الجريدة إنه من بين كل الحجج التي قدمتها الإدارة الأمريكية لحرب إسقاط صدام، تبقى حجة قيام نظام ديمقراطي في العراق هي الأكثر وجاهة ومصداقية، ولكن مسودة الدستور المتداولة حالي،ا والتي كتبت بضغط الأطراف الشيعية الحاكمة ذات الإكثر في اللجنة الدستورية، تنتهك حقوق المرأة وتنسف كل الحقوق التي تمتعت بها بموجب القانون 159 الذي بقي حتى زمن صدام رغم أنفه.
لا أعتقد أن الأطراف الكردية في الحكم والعناصر الديمقراطية في الجمعية الوطنية يمكن أن تقبل بدستور ينسف حقوق المرأة فضلا عن مسخه لمبدأ الفيدرالية وتحويله لفيدراليات طائفية. ولكن المطلوب تنظيم وتعزيز كل مناهضي دستور كهذا وإلا فإننا نكون قد استبدلنا الاستبداد الصدامي الدموي الفاشي باستبداد مبرقع بحكم الشريعة.
إن ما نشر من مواد ونصوص يعترف بالحريات الفردية بشرط عدم مخالفتها "للفضيلة والآداب والدين"، ونعرف أن التفسيرات الفقهية لأحكام الشريعة شديدة التناقض والتعارض بحسب المذاهب، وكذلك تختلف مفاهيم الفيلة والأخلاق الحسنة. فعند جميع الإسلاميين ومن مختلف المذاهب يكون السفور مخالفا للفضيلة والآداب، وكذلك لبس بنطلون الجنز والشعر الطويل، وكذلك الموسيقى والأغاني والمسرح والسينما، وأيضا ثم أيضا فحص الطبيب الرجل للمرأة المريضة، وهكذا دواليك من قائمة المحرمات والممنوعات الدينية والأخلاقية. كما أن النصوص والمواد المنشورة تعترف بكافة الاتفاقيات والتوصيات الدولية، [ومنها الكثير عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان]، بشرط "عدم مخالفتها للإسلام"! ونعرف أن القوانين العصرية المتحضرة، والإعلان الدولي لحقوق الإنسان، والاتفاقيات ضد كل أشكال التمييز بين الجنسين وبين المواطنين بحسب القومية والمعتقد والدين، لا تخضع لقيود وشروط، وأمور الزواج والطلاق لا ينبغي خضوعها لممارسات الجلد وتزويج القاصرات وزواج المتعة ووضع حق الطلاق بيد الرجل، وإطلاق تعدد الزوجات. وإذ يجري الإصرار على اعتبار الأسرة وحدها عماد المجتمع، ودون ذكر للفرد، أي للمواطنة والمواطن وحقوقها [ حقوق الإنسان] فسوف يخلدون وضع مقاليد العائلة بيد "القوامين وأولياء الأمر"، بما في ذلك حق الزواج وشؤون الزواج. إنهم ينسون أنه لا أسرة بلا أفراد لكل حقوقه المقدسة.
تقول الهيدرالد تريبيون اليوم إذا كان بوش يريد إقامة أنظمة في العراق والشرق الأوسط على أساس دستور كهذا، فإن حملته العراقية ستكون فشلا تاما ولا تكون نموذجا يُقتدى به.
إن هذه المواقف والممارسات ستهبط بسمعة عراق ما بعد صدام للدرك، لاسيما وهي تتزامن مع تدخل إيراني متزايد حتى في شؤون الصحافة، ومع قرارات مفاجئة أصدرها نائب رئيس الوزراء الدكتور أحمد الجلبي بعزل أعضاء المحكمة الخاصة بحجة كونهم كانوا بعثيين. ونقول لماذا الآن بالضبط بينما كانت المحكمة قد أعلنت قبل أيام قليلة عن قرب محاكمة صدام وشركائه؟ وأية مصداقية ستبقى للمحكمة؟ وهل سيتحقق تخمين الصحف الأمريكية بأن إدارة بوش الغاضبة على تلك القرارات سوف تنقل الطاغية وزملاءه إلى لاهاي لمحاكمتهم هناك، مع أن الشعب العراقي قد طالب بقوة بأن تجري المحاكمات في العراق حيث وقعت الجرائم والانتهاكات الوحشية؟
هل تستطيع الجهات والأطراف التي تريد فيدرالية إدارية وجغرافية وتاريخية وليس فيدراليات مذهبية، والتي تحترم حقوق المرأة والقوميات و الأقليات القومية والدينية بلا أي تمييز، أن تنجح في وقف هذا التيار الإسلامي المتزمت الهادر، وفي وقت لا يمضي فيه يوم إلا ويقترف البعثيون الصداميون وحلفاؤهم الزرقاويون جرائم تفجير وتقتيل جديدة في بغداد وخارجها، كانت آخر حلقة فيها اغتيال ثلاثة من الأعضاء السنة في لجنة الدستور لإرعاب اللجنة، ولتوجيه التهمة جزافا منحى طائفيا لتأجيج الصراعات في المجتمع.
آن الأوان لجميع القوى الديمقراطية واللبرالية والعلمانية لوضع الحسابات والخلافات الجانبية جانبا وتوحيد الصف وتوعية الشعب للسير نحو الديمقراطية ووقف تيار التراجع عما تم الاتفاق عليه وعن الآمال التي عقدت على تحرير الشعب من الطغيان الفاشي. وكما قال الدكتور كاظم حبيب في مقاتلة أخيرة له، فإن هذه القوى والأطراف يجب أيضا أن تتهيأ للدخول في قائمة انتخابية موحدة في الانتخابات القادمة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف