قراءة في جدوى الشفافية المطلقة لموقع إيلاف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
على هامش مقالة صكوك الغفران للنجار
دأب موقع اللبراليين العرب الأول إيلاف، على فسح المجال لقرائه، أن ينشروا وجهات نظرهم، على شكل ردود، تنزل أسفل المقالات والبحوث، دون تشذيب أو مراجعة، عملاً بمبدأ الشفافية والتمدن والعصرية، الذي هو من أساسيات المنهج الإعلامي المتميز، لموقع العرب الأول إيلاف. ولو كانت تلك الردود تلتزم بقواعد الحوار العصري المتحضر، لألفينا فيها إثراءً، لا يعوض للمواضيع المنشورة في الموقع. لكن واقع الحال ولاسيما في الأسابيع الأخيرة، أكد لنا – للأسف الشديد – أن الكثير من المساهمين في تلك الردود، غير قادرين على ضبط مشاعرهم من الإنفلات، ولا تحمل المسؤولية الجمة، في الحفاظ على الحد المطلوب من القواعد الأخلاقية والتحلي بالموضوعية والأدب. مما يعني – برأينا - عدم تحقق الهدف المرجو من تقديم تلك الفرصة الذهبية للقراء والقارئات الأكارم، ألا وهو إغناء المواضيع والأطروحات المنشورة، والمساهمة في تحليلها، بشكل لا يتنافى وأصول الحوار الهادئ والهادف، ولا يحيد عن الإلتزام بأخلاقنا الشرقية الرفيعة. فلا يجوز، حسب تصورنا، إلصاق التهم جزافاً بالكاتب، أو التعرض إلى خصوصياته، أو إدانته إستناداً إلى هويته، أو "الشبهة" المستنتجة عنه. ناهيك عن ممارسة ثقافة العنف، التي أصبحت الشغل الشاغل لبعض "قراء" إيلاف، من أصحاب الردود النارية، التي تحرض على تخوين وتكفير وتسفيه الكاتب، لا بل وقتله، في بعض الأحيان، ظناً من هؤلاء به كونه "ملحداً" أو "مرتداً"، أو "جاسوساً"، إلخ.
وتشتد تلك الردود النارية البعيدة عن الموضوعية والصدق، حينما ينشر بعض الكتاب المعروفين بأطروحاتهم اللبرالية الصريحة والشجاعة، مثل النابلسي والحاج وحسين والنجار والمطير وغيرهم. وفي قراءة سريعة للردود، التي نجدها أسفل مقالة الدكتور كامل النجار الأخيرة، حول صكوك الغفران، أجرينا الإحصائية البسيطة الآتية، القائمة على تصنيف إرتأيناه أنه يفضي إلى أفضل الإستنتاجات.
بلغ عدد الردود المشاركة، لحد كتابة هذه السطور، أكثر من 40 رداً. وقد شارك بعض القراء بأكثر من رد واحد. وقد صنفنا الردود إلى ست مجاميع، وكما يأتي:
مناقشة موضوع الكاتب (صكوك الغفران)، وتحليله بتجرد (وكان عدد الردود في هذا الباب 6 ردود)
مناقشة الموضوع بتحامل أو بمجاملة زائدة (8 ردود)
عدم التطرق إلى الموضوع أصلاً (11 رداً)
ردود تطرقت إلى هوية الكاتب فقط، وإقتصرت في الأغلب على عناصر الكراهية والتكفير والتحريض والتسفيه (11 رداً)
ردود إقتصرت على مناقشة الردود الأخرى، دون أية إشارة إلى الموضوع الأصلي (7 ردود)
وأخيراً رد واحد يناقش ردوداً أخرى ويشير بإبتسار إلى الموضوع نفسه.
لا ندري ما إذا كان هؤلاء المشاركون في الردود، هم نماذج عشوائية لعشرات الألوف من قراء إيلاف، أم هم فقط مجموعة محددة، ممن تتوفر لديهم الإمكانيات التقنية للكتابة الإلكترونية، زائداً الذين يتسع وقتهم "للتنكيد" على كل من يظهر إسمه ككاتب بذل جهداً معيناً في نشر مقالة أو بحث! لقد طرح الدكتور النجار فكرة واضحة وبسيطة، بغض النظر عن رأينا بها، ملخصها أن الأديان قد أجازت بشكل أو بآخر إشكالية صكوك الغفران. والكاتب يشخص الحالة بتجرد عن الإنتماء الديني، لكنه يدينها، لأنها قد تؤدي بالبسطاء والسذج - حسب رأيه - إلى إرتكاب أعمال الشر طمعاً في المال أو الجائزة. هذه هي كل الفكرة التي عرضها الكاتب. لم نقرأ في المقالة تحيزاً لدين، وتهجماً ضد آخر. وقد إطلعنا لحد الآن، على أكثر من عشرين مقالة منشورة للكاتب الدكتور النجار، دون إمكانية إستنتاج الدين الذي ينتمي إليه! لكننا نستطيع تشخيص علمانيته ولبراليته الواضحة في خطاباته. كذلك لا نشك في وطنية الكاتب، أوحرصه على نجاح العملية السياسية الديمقراطية في بلده العراق. ونعتقد أن ذلك لوحده كاف لتحديد هويته!
وبنظرة بسيطة على الإحصائية المذكورة، نستنتج أن نسبة ضئيلة جداً من الردود إتسمت بالموضوعية والنزاهة، والتركيز على فكرة الكاتب. أما الأكثرية فكانت، أما بعيدة عن فكرة المقالة، أو خاضعة للهواجس الشخصية الموتورة، أو ممجدة لثقافة الكراهية والعنف. وقد أجرينا دراسة جدوى مصغرة، خلصنا منها الى الإستنتاج الآتي:
أن إفساح المجال من قبل موقع إيلاف للقراء، لكي ينشروا آراءهم على شكل ردود، بحرية تامة، وشفافية مطلقة، إنما هو عمل غير مجد، إذا أردنا مراعاة سياسة إيلاف، وفلسفتها اللبرالية الإنفتاحية البناءة! عليه، نقترح على الإخوة والأخوات في هيئة تحرير الموقع، تشذيب الردود، وغربلتها من التعابير الرخيصة وغير اللائقة قبل نشرها. كما ونوصي بعدم نشر الردود التي تتجاهل موضوع الكاتب، وتنصب على تسديد التهم لشخصه، أو للقراء الآخرين. وأن يكون من ضمن أهداف موقع إيلاف المتميز، الحفاظ على كرامة الكاتب وإحترام شخصيته، وعدم السماح للبعض العبث، بتحويل هذا المنبر الثقافي المحترم، إلى ساحة قذف السموم، وتلطيخ سمعة الكتاب، كما هو الحال – للأسف – في المواقع الأخرى الرخيصة.