كتَّاب إيلاف

فلتان القدومي الأمني والتنظيمي...

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

... محاولة مجنونة للبقاء في الضوء

لا يستطيع أي عاقل فلسطيني أن يفهم هذا الهوس بالأضواء لدى فاروق القدومي، حتى لو كان على حساب إشعال الفوضى والقتال الداخلي، لقد فقد هذا الرجل اية إمكانيات للسيطرة على تصرفاته، فهو مهووس لدرجة المرض النفسي بأن يبقى شخصية قيادية في حركة فتح والسلطة الفلسطينية التي كانت نتيجة من نتائج إتفاقية أوسلو التي يدّعي أنه يرفضها، وهذه إزدواجية وكذب في الوقت نفسه، إزدواجية لأنه يريد أن يقطف ثمار إتفاقية يرفضها، وكذب لأن مصادر مكتب الرئيس عرفات كانت قد لمّحت مرارا إلى أن الإتفاقية عرضت عليه ووافق عليها، ومسألة رفضه لها كان فقط توزيع أدوار بينه وبين الرئيس عرفات.وبعد وفاة عرفات سال لعاب القدومي وإنفتحت شهيته للسلطة، ولما وجد أن غالبية فتح ترشح محمود عباس رئيسا بعد عرفات، أعلن تأييده للخطوة، فكان أن تسلم مقابل ذلك أمانة اللجنة المركزية لحركة فتح، وهي مجرد منصب رمزي فقد ورثت فتح شمولية عرفات بمعنى أن رئيس السلطة الفتحاوي هو المهيمن على كافة أمور فتح كحزب حاكم، ولتعويض هذا النقص أعلن القدومي مرارا أنه رئيس اللجنة المركزية لحركة فتح، إلى أن اعلنت الحركة أن منصب أو وظيفة رئيس لا وجود لها في مراتب الحركة التنظيمية، واستمر القدومي في بهلوانياته، فأعلن قبل شهور قليلة تجميد عضوية الكاتب الفلسطيني المعروف عوني صادق من عضوية فتح لأنه إنتقد قرارات وتوجهات المؤتمر الأخير للحركة، وبعد أسابيع أعلن القدومي أنه قرّر إعادة الكاتب لصفوف الحركة، وبعد أسابيع من ذلك أعلن تشكيل ما سمّاه الجيش الشعبي، ولما أدانت السلطة هذا التوجه، أطلق عليه (حرس أمانة سر اللجنة المركزية لفتح )، ليوحي لمعارضيه أن لديه قوة عسكرية فتحاوية، وهو يعرف أن كل ذلك مجرد بيانات بهلوانية لا وجود لها في واقع غزة والضفة الذي هو بعيد عنهما، ولا تأثير له يذكر ولو على موظفين صغار، فهو لايملك أي تأثير إلا على سكرتارية مكتبه في تونس، رغم محاولاته الفارغة تسمية مسؤولين لمكتبه في مدن غزة والضفة، فأقدمت قوات الأمن الفلسطيني على إعتقال واحد منهم وهو سامي الفرا في مدينة خان يونس، فأعلن القدومي طرد كل قادة الأجهزة الأمنية من عضوية حركة فتح، وكأن الحركة مزرعة خاصة له، يستضيف فيها من يشاء ويطرد منه من يشاء!!!.

وفي الأيام الأخيرة فتح معركة وهمية مع وزير الخارجية الفلسطيني ناصر القدوة الذي يحاول منذ شهور تنظيم السلك الديبلوماسي الفلسطيني، فأحال حوالي إثنين وعشرين سفيرا على التقاعد، لأن أغلبهم أمضى في هذه الوظيفة مايزيد على ثلاثين عاما، وبعضهم يحمل جنسية البلد التي يعمل فيها، وقد كان ردّ القدومي صبيانيا بمعنى الكلمة، إذ أعلن أنه بصفته رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير، فهو المسؤول عن السفارات الفلسطينية، وبالتالي فهو يرفض قرارات ناصر القدوة، ويدعو السفراء المحالين على التقاعد للتمرد على القرارات ورفضها، وإرتكب خطأ أفدح عندما أعلن من عاصمته المفضلة دمشق، أن سورية ترفض تعيين سفيرا فلسطينيا في دمشق، لأنه لا توجد دولة فلسطينية، رغم إعلانات سابقة عن موافقة دمشق على تعيين سفير فلسطيني لديها، ليحل محل ماكان يسمى ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في دمشق. إن تهاون السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، والإستمرار في سياسة عرفات إرضاء الكل وكسب ود الكل، لا يستقيم مع منطق الدولة، وإذا إستمرت السلطة في هذه السياسة المائعة عليها أن تتوقع تمرد موظفين آخرين غير القدومي...إنها ظواهر لا تليق بتضحيات الشعب الفلسطيني ومعاناته، إذ من غير المنطقي ولا الوطني ما إن بدأ الإحتلال بالإنسحاب حتى بدأت معاناة الشعب على يد قياداته...لماذا لا تحدث هذه الظواهر في أي مجتمع عربي سوى المجتمع الفلسطيني؟
هل سمع أحد عن تمرد وزير عربي على قرارات حكومته، وهل سمع أحد عن مسلحين عرب في أية حكومة عربية يهجمون على منزل لواء في بلدهم ويقتادونه للشارع ويقتلونه بطريقة همجية كما حدث مع اللواء موسى عرفات، الذي أعلنت كتائب المقاومة الشعبية مسؤوليتها عن هذا العمل الإجرامي؟، وهل قام مسلحون في أي قطرعربي بقتل فتاة علنا في الشارع كما فعل كوادر من حماس مع الفتاة يسرى العزامي قبل شهور قليلة؟، وهل قام أحد في دولة عربية بحرق المنازل والسيارات كما حدث في إحدى قرى رام الله قبل أيام قليلة؟ وهل يحدث في أية عاصمة عربية إعتداءات يومية على المواطنين والصحفيين وقتلهم في الشارع كما حدث للصحفي خليل الزبن أمام مكتبه في غزة؟ وهل...وهل...وكل ذلك دون أن تتعقب أجهزة السلطة أي مجرم من هؤلاء، وهاهي جريمة إغتيال اللواء موسى عرفات تحدث في وضح النهار ومعروفين من قاموا بها، بدليل تفاوض قيادات فتح معهم لإطلاق سراح نجله منهل، فهل قامت السلطة بإعتقالهم وتقديمهم للقضاء؟...إن هذا التهاون من السلطة لن يقود قطاع غزة إلا ليصبح صومالا جديدا، يتحكم في كل حارة منه أمراء الحرب الفتحاويين والحماسيين والجهاديين، وكلهم يسعى لتطبيق شرع الله كما أعلنت كتائب المقاومة الشعبية عند قتلها لموسى عرفات..فكل واحد منهم يضع نفسه وكيلا لله في غزة، وقيما على أخلاق المجتمع، ولا يملك المواطن إلا أن يصرخ : أيها الرب كم من الجرائم ترتكب بإسم شرعك!!!. ومن يملك الجراة لينقل آهات الشعب الفلسطيني الذي سمعته شخصيا في رفح ورام الله وغزة وخان يوتنس يقول : (سقى الله على أيام الإحتلال ). نعم إن هذه الممارسات الهمجية والفساد الذي جعل من شحاذين لصوصا وأصحاب مليونيرات، لا يمكن إلا أن يؤدي للمفاضلة بين هؤلاء اللصوص والمجرمين والإحتلال!!!. لم يبق مزيدا من الوقت للسلطة الفلسطينية للتحرك الجاد المسؤول في وجه هؤلاء المجرمين واللصوص والمفسدين، وإلا فانتظروا تحول قطاع غزة إلى ولايات : (فتحتان ) و (حماستان ) و (جهادستان ) و...و...و...وربما لا يعلم القراء العرب وبعض الفلسطينيين أن القطاع مساحته لا تزيد عن ثلاثمائه وأربعين كيلو متر مربع، أي أقل من مساحة حارة من حارات القاهرة ورغم ذلك سيقتطعه هؤلاء اللصوص والمجرمون ليوزعوه على عصاباتهم الإجرامية بإسم النضال والجهاد وشرع الله...وإلا فلتنتظر السلطة الفلسطينية لترى الدور القادم على أي منهم، وأنا والشعب الفلسطيني يعرف أن الكثيرين من رموز السلطة يستحقون المحاكمة والإعدام ولكن ليس بطريقة العصابات هذه، فلا بد من القانون والنظام، ففي منطق الدولة لا وجود لشعار غوار الطوشة (حارة من كل إيدو إلو )!!!.
ahmad64@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف