كتَّاب إيلاف

تنظيم القاعدة الارهابي في مواجهة شعب العراق

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

حين نريد تحليل الاسباب التي دعت تنظيم القاعدة في العراق ان يعلن الحرب الشاملة على العراقيين، لابد من التطرق الى الاسباب الحقيقية التي رافقت نشوء التنظيم سواء في أفغانستان او في بعض الأقطار العربية التي ابتليت بالتطرف الديني الذي رعته السلطات مادام لايتعرض لها ولايعمل من اجل اسقاطها.
لبداية نشوء التيار السلفي الجهادي المتطرف الذي يتصدر ناشطوه احداث العراق اليوم, وكانت مدينة الزرقاء دائماً عامل تأسيس يبنى عليه في هذه النشآت المتتالية. فالمحطة الأساسية الثانية التي سبقت حرب الخليج الثانية كانت احداث ايلول (سبتمبر) عام 1970 عندما اقدم الجيش الأردني على طرد المنظمات الفلسطينية المسلحة من المخيمات في عمان وغيرها من المدن الأردنية, اذ من المعروف حينها ان حركة الأخوان المسلمين بشقها التقليدي وقفت الى جانب الملك حسين في هذه الحرب, لكن "مجموعة سيد قطب من الاخوان وعلى رأسهم الشيخ عبدالله عزام, "شيخ الأفغان العرب" لاحقاً واستاذ اسامة بن لادن,اضافة الى احمد نوفل وديب انيس, كانوا التحقوا ومنذ عام 1982 بما يسمى "معسكرات الشيوخ" التي انشأتها حركة "فتح" في منطقة الأغوار في الأردن, ومنذ ذلك التاريخ بدأ التيار "القطبي" في الاخوان بالابتعاد عن حركة الاخوان المسلمين, وكانت السلفية تطل برأسها في هذه الأوساط لتأخذ لها ملامح التنظيم المستقل.
ولم يظهر تنظيم القاعدة المتطرف الا بعد الاصطفاف مع الولايات المتحدة الامريكية ومن يقف خلفها من الدول التوابع في حربه المساندة والمعلنة على قيام الدولة الشيوعية في افغانستان وتواجد القوات السوفينية على الاراضي الافغانية.
هذا الاصطفاف كانت تحتمة ضرورة الموقف والقاسم المشترك بين فكر تنظيم القاعدة والولايات المتحدة في محاربة الشيوعية العالمية والدولة السوفيتية بشكل خاص، ولذا بدا التنسيق بين القاعدة والأمريكان منسجماً وضرورياً في كافة المجالات.
وحين سقط النظام الشيوعي الأفغاني وسيطرت فلول الطالبان على أكثر مناطق البلاد وفرضت نهجها المتطرف والمتخلف كأسلوب لنظام الحكم، حيث كان ابن عمر القائد الاعلى للبلاد وتحركه من الخلف أصابع ابن لادن وتنظيمه الذي بدأ يجمع المتطرفين والمتشددين والساخطين على حكوماتهم ومجتمعاتهم، والتواقين للخلاص من حالة الأنهزام والأنكسار والحالمين بالجنة والحياة الأخرى بعد الموت مهما كانت الطرق التي توصل اليها.
ومارست القاعدة وتنظيمها الذي بدا ينتشر مثل الأميبيا بين البلدان العربية الرازخة تحت سيطرة السلطات الدكتاتورية، وفي ظل غياب الفعل الديمقراطي وأنتشار التخلف والبؤس والفاقه، وبروز تيارات من الشباب ليس لها أمل ولامستقبل، تم أستغلالهم وتوظيفهم من قبل القاعدة في عمليات العنف والقتل والأنتقام من المجتمعات الامنة بزعم أنها تثأر منهم بسبب سياسة حكوماتهم وقياداتهم، وبذلك خالفت القاعدة الأسلامية التي تقول أن لاتزر وازرة وزر أخرى، لابل بدات القاعدة تخلق الحجج والذرائع في قتل الأبرياء بزعم انهم يشكلون تروساً للأعداء ولابأس من قتلهم.
الشيخ منصور الهجلة، إمام وخطيب جامع أبو بكر الصديق بالرياض، والمتابع للشأن الفكري والثقافي، أكد على أنه لا يمكن فصل الفكر التكفيري المتطرف عن أن يكون امتدادًا للأفكار المتطرفة التي انتشرت في التاريخ الإسلامي، حيث يقول: "لا بد أن نعلم أن ظاهرة العنف هذه ليست بدعًا عن ظواهر العنف القديمة، كما أنها في نفس الوقت ليست مماثلة لها تمامًا، فهي متفقة في الوحشية والفوضوية والإرهاب للآمنين، ومختلفة في الوسائل والأهداف المقصودة، يضاف إلى هذا الاختلاف التناول الإعلامي، فبينما قديمًا عندما تحصل كارثة إرهابية من العيار الثقيل تكون مقارنة مع ما يحصل اليوم لا تساوي شيئًا من كوارث أقل منها، وكل ذلك بسبب قوة وسرعة وسائل الإعلام الحديثة.
وأزاء الموقف التكفيري المتطرف وقف علماء الدين المسلمين بوجل وخجل ضد هذا النوع من الفعل، وكانت اغلب الفتاوى مراوغة دينية تتأرجح بين أن تقف ضد افكر التكفيري أو تقف معه، بالنظر للضربات الموجعة والكبيرة والجرائم التي هزت المجتمع البشري التي ارتكبها تنظيم القاعدة، والذي بدأ يستغل ظاهرة لم تتسم بها المجتمعات البشرية من قبل، تكمن في وجود أعداد كبيرة من الشباب الواهم وممن قبلوا أن يصيروا (( بهائم مفخخة ))، لاتدري لماذا تموت ؟ ومن ستقتل ؟ ولأي سبب يموت.
وأذ يحصل التصادم بين الحلفاء، ويصير الأنفصالبين الأب والأبن والمعلم والتلميذ، تعلن الولايات المتحدة موقفها الرافض لنظام التخلف والتطرف في أفغانستان، وترد القاعدة في عمليات عدة ليس اكثرها وجعاً أقدامها على قتل الأبرياء من المدنيين في عملية تفجير طائرات مدنية فوق برج التجارة الدولي في نيويورك، وفي تفجيرات أخرى تدل على منهجها الدموي وسلوكها الهجين، مع أستمرار تجنيد العناصر الفاعلة والموغلة في الأفعال الجرمية وتبويبها على أساس انها أعمال جهادية، مع أنتشار ملحوظ للفكر التكفيري في المنطقة، ظهر الزرقاوي أحمد الخلايلة ضمن التنظيم مثلما برز أيمن الظواهري الى جانب ابن لادن.
يجمع متابعو التيار السلفي التكفيري في الأردن على ان معسكر هيرات في افغانستان هو عقدة اساسية في بنيان تنظيم ابي مصعب الزرقاوي في العراق اليوم. فقد انشأ الزرقاوي هذا المعسكر عندما ذهب الى افغانستان عام 1999, اما نواة المعسكر فكان معظمها من مدينة الزرقاء, ومنهم عبد الهادي دغلس وهو فلسطيني زرقاوي قتل أخيراً في العراق, وخالد العاروري وهو زرقاوي ايضاً ومعتقل اليوم في ايران, وياسين جراد والد الزوجة الثانية لأبي مصعب ويؤكد ( مجاهدو" الزرقاء ) انه هو الذي نفذ العملية الانتحارية التي ادت الى مقتل الشهيد السعيد محمد باقر الحكيم وعشرات العراقيين في مدينة النجف.
أبو مصعب الزرقاوي ولد عام 1966 في مدينة الزرقاء الأردنية تحت اسم أحمد الخلايلة ونشأ في بيئة بدوية بسيطة محافظة جدا ولم يحظ سوى بقدر ضئيل من التعليم. ومنذ شبابه وهو يتسم بالعنف، فلقد كان أقرب ما يكون إلى "البلطجي منه إلى المفكر" (كما جاء عن جريدة غارديان البريطانية).
ولا يمكن في الوقت الحالي تفسير تحول أب لأربعة أطفال إلى متطرف إلا بالرجوع إلى مجموعة الدوافع النفسية والاجتماعية والسياسية المعهودة. ولكن أي كانت الدوافع، فلقد سافر الزرقاوي إلى باكستان وأفغانستان لمحاربة الاتحاد السوفيتي، ثم أمضى بعد ذلك سنوات في السجن الأردني بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم. وفي عام 2000 هرب الزرقاوي مجددا إلى أفغانستان وبقى بها حتى اضطرته العمليات العسكرية الأمريكية هناك للفرار إلى العراق.

ومنذ عام 2004 صار الزرقاوي وجماعته المعروفة باسم جماعة التوحيد والجهاد "مبتدعا لاتجاه جديد في الإرهاب" (كما وصفه غيدو شتاينبرغ، المتخصص في العلوم الإسلامية وخبير قضايا الإرهاب). ونجح هذا الإرهابي بواسطة تسجيلاته المرئية لعمليات ذبح الرهائن البشعة في أن يصبح محط اهتمام عالمي.
والملفت للنظر أنه ترك زوجة وأربعة أطفال دون معيل وتلك مسؤولية دينية لايقرها الأسلام، فمن يريد اصلاح حال العراق عليه تأمين ما يكفي زاد عياله وحاجتهم من المآكل والملبس، وعليه تربية اولاده ورعايتهم بدلاً من حاله الذي لايسر مسلم ومؤمن، لكنه بدلاً من هذا غاب غيبة طويلة بزعم الجهاد في افغانستان، وصار أسير الأنبهار بترديد اسمه وظهور صورته في الأعلام، ومن ثم التباهي بذبح بشر بيديه بحجة انهم من دين غير دين الأسلام وتعمد تصوير عملية الذبح لخلل في نفسيته وسلوكه.
ومن الغريب ان تخضع قنوات فضائية عربية فتذيع اشرطته التي يتوعد بها الشعوب والقيادات بشكل دوري، ومن الغريب ان تركع له الأصوات الأعلامية فتضع امكانياتها وبرامجها تحت خدمته، وتحرص على بث الأشرطة التي تصلها ( بطرق سرية )، مثلما كانت الأشرطة الصوتية لصدام حسين الهارب ( تصلها ايضاً بطرق سرية ) وتحرص كل الحرص على أذاعتها، ولانعتقد ان القاصي والداني لايعرف تأثير الولايات المتحدة على الفضائية السعودية ( العربية ) أو الفضائية القطرية ( الجزيرة )، أو لايعرف التأثير السياسي للولايات المتحدة على قيادة البلدين ورسم سياستيهما ، كما يلفت النظر أن البلدان التي تختلف سياستها تتفق على أن تكون مطايا أعلامية لتنظيم القاعدة وتنظيمات الزرقاوي في العراق أنسجاماً مع فكر القنوات الفضائية أو لخلل في العقول المتطرفة التي تنسجم مع القتلة من اجل أن يتم أصلاح سلوك الضحية ، ومايلفت النظر ذلك الأنسجام في ارتكاب الجرائم بين فلول البعث الصدامي وصبيان القاعدة في العراق .
كل اهل العراق يعرفون ان فلول تنظيم الزرقاوي الأرهابي موجود في منطقة ( الأنبار ) وفي المنطقة الشمالية من المحافظة المذكورة مع اسفنا وحزننا ، حيث يجد ملاذاً وعوناً له مادام يوظف أفعاله وجرائمه الأرهابية في مناطق أخرى من العراق.
وأذ يعلن الزرقاوي حربه على الشيعة في العراق، فأنه يعلن بسذاجة من لايعرف اهل العراق حربه على كل عراقي شريف، واهماً انه يستطيع أن يزرع الفتنة الطائفية، غير انه يعرف حقيقة واحدة لاغير من انه سيكون ممزقاً بين اقدام العراقيين الشرفاء أذا نازلهم مثلما يتنازل الرجال، فطريقة الملثمين والأشباح التي تختبيء خلف بيانات ( الجزيرة والعربية ) لاتشرف الرجال، وتوظيف البهائم المفخخة المستوردة من اقطارنا العربية الرازخة تحت نير الطغاة وأنظمة المخابرات، ومد الأرهابيين والمجرمين بالمال الذي توفره عوائد المخدرات الفتاكة من أفغانستان لاتستطيع الصمود امام الأنقياء من اهل العراق الذين يعرفون حقاً أن شخصاً مثل ابن لادن والزرقاوي لايهمه مستقبل العراق، وهما ليسوا حريصين على حياة الناس وأستقرارهم ، ولايرف لهم جفن عند ارتكاب الجرائم الخسيسة التي لوثت سمعة الأسلام والمسلمين، واساءت اساءة بليغة لأسس وتعاليم الدين الحنيف دين المحبة والتسامح والسلام، بعد ان استمرأوا لعبة الأعلام العربي المصاب بالشيزوفرينيا والتطرف الشاذ بأظهارهم قادة من قادة الأرهاب العالمي.
وأذا كانت اللعبة الدولية تقتضي ان يستمرا في لعبتهم هذه المدة، فأنهم سقطوا على ارض لايمكن لها ان تتقبل جثثهم العفنة ولايشرفها أن تطأ ارجلهم ترابها المقدس، ففي العراق عراقيون بذلوا التضحيات الجسام من اجل اسقاط الطاغوت المعادي للأسلام والبشر، وفي العراق قيم يتمسك بها اهل العراق بغض النظر عن أعتقاداتهم السياسية، وفي العراق تلاحم ازلي بين السنة والشيعة وفي العراق مسلمين ومسيحيين ويهود وأيزيدية ومندائيين، وفي العراق أهل الحق والكاكائية والصارلية، فلامكان للأرهابيين فوق ثرى المدن المقدسة، ولايمكن لهم الوصول الى مناطق الجنوب والفرات، ولاأمل لهم ان يطأوا روابي كوردستان العراق ، وقلقهم ورعبهم حتى في منطقة الأنبار والجزيرة حيث ينتشر النشامى من ابناء العراق الأغيار على شعبهم ووطنهم ودينهم، وهو يختلف في كل المقاييس عن الدين الشاذ والغريب الذي يؤمن به ابن لادن ويعتقد به المجرم الخلايلة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف