كتَّاب إيلاف

اعادة نظر في خطب الجمعة!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عدت للتو من صلاة الجمعة.
لم تكن تختلف عن اي جمعة اخرى. الاختلاف الوحيد هو في عدد المصلين، الذين قليلا يزيدون أو ينقصون قليلا. عدا ذلك كل شيء متشابه. بما في ذلك خطبة الجمعة ذاتها.
لم يكن التشابه محصورا بين خطبة هذه الجمعة والتي سبقتها، بل ان التشابه يمتد من هذه الى تلك التي قيلت منذ 1400 عام.
ما اريد قوله ان القيمة الحقيقية لصلاة الجمعة، هي في خطبة الجمعة ذاتها. لكن هذه الخطبة ما عادت تتجاوز اليوم دائرة مكررة وضيقة. تبدأ بتذكير الناس، للمرة الالف، بأهمية التوحيد والصلاة والصيام، وتختتم، للمرة الالف، بالدعاء على الآخرين حينا، ولآبائنا ولنا حينا آخر.
اما المضمون فهو ذاته المليء بالوعيد والتهديد للتاركين صلاتهم، والمبتعدين عن تقوى الله والعمل الصالح، دون ان يدرك الخطيب ان من امامه قد تركوا اعمالهم من اجل الصلاة، وتقوى الله والعمل الصالح. فالى من يوجه خطابه اذا؟
منذ وعيت على الدنيا.. منذ اليوم الاول الذي ذهبت فيه الى صلاة الجمعة مع والدي، ما تكرر في خطب الجمعة شيء.
نفس الحديث. نفس الدعاء. الاختلاف الوحيد هو في الامام فقط.
هل هذه الخطب التي نريد ان نسمعها؟
لا..
نحن نقول ان المساجد ملتقيات اسلامية. وان خطب الجمعة هي لتوعية الناس، وارشادهم لأمور دينهم ودنياهم.
لكني ما عدت ارى سوى الدين وقد تحجم في صلاة وصيام، اما امور الدنيا فلا شيء عنها.
ماذا عن مشاكل البطالة؟ ماذا عن مشاكل التطرف؟ ماذا عن الطلاق؟ ماذا عن الجنس؟ ماذا عن الاحتيال في ارزاق الناس باسم الوطنية والدين؟
تمنيت ان اسمع خطيبا واحدا يتحدث عن الفساد السياسي. او حتى الفساد الاداري. تمنيت ان أسمع خطيبا يحث المسلم على العلم اولا، والعلم آخرا، لا الاعتكاف في المساجد كل العمر.
هذه هي الخطب التي اعتقد ان المساجد وجدت من اجلها. لا مجرد اعادة احاديث كلنا يعرفها.
خطب اليوم كرست انفصالنا عن واقعنا. فما عادت تخاطب عصرنا ولا احتياجاته.
نحن اليوم ندخل عوالم ما كانت موجودة من قبل. لا يمكن انكار اثرها علينا. من الاتصالات الفضائية، الى قوانين التجارة العالمية. كلها تحتاج الى افكار وخطب توجهنا وتنظم علاقتنا بها.
الحياة ليست صلاة وعبادة. الشرائع كلها تحث الانسان على الصلاة والعبادة، لكنها تحثه ايضا، وبالقدر نفسه، على العلم بدرجة أهمية الصلاة.
لا نريد ان يتطور العالم الف خطوة للامام، ونحن ما نزال في المساجد كأطفال الكتاتيب، ننظر للإمام صامتين وهو يلقننا كل يوم نفس الدرس.
لا نريد ان يكون الخطباء آلات تسجيل، ونحن الآت تصلي دون ان تفكر.
نعم.. اقولها مرة اخرى، ان الخطب في مساجدنا اليوم عززت انفصالنا عن الواقع. عن العالم الذي نعيش فيه. لأنها تدور في الحلقة المفرغة ذاتها منذ مئآت السنين.
ليس من حقنا ان نحاسب احدا على السنين التي مضت. لكن من حقنا ان نحاسب خطبائنا، والمسؤولون اليوم عن هؤلاء الخطباء، فنسأل ماذا قدمتم لنا، وما الذي استفدناه منكم؟
وان اردتم الجواب مني قلت: ما استفدنا منهم شيئا.. بل عدنا للوراء!

nakshabandih@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف